الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مسلمو الهند بين نار القهر وجليد التجاهل

بواسطة azzaman

مسلمو الهند بين نار القهر وجليد التجاهل

 شيخ عماد الدين

 

في صمتٍ مخيفٍ، تُذبح كرامة أقليةٍ تمثل جزءًا من ضمير الأمة الإسلامية، وتغرق في الظلام دون أن تُمدّ لها يد، أو يُسمع لأنينها صدى. المسلمون في الهند اليوم لا يطلبون غير حقّ الحياة، وحقّ أن يكون لهم وطن لا يخافون فيه على عقيدتهم وهويتهم وكرامتهم.

من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، يتعرض المسلمون لهجمات متكررة، يُجرَّدون من ممتلكاتهم، وتُهدَّم مساجدهم، وتُغلق مدارسهم، وتُشرَّع القوانين لتمحو آثارهم من الأرض والتاريخ. تُختلق الذرائع لتشريد الأسر، وتُسلب الحقوق الدستورية تحت ستار القومية الزائفة، بينما يقف المسلم الهندي وحيدًا، لا سند له إلا صموده وإيمانه.

لم تعد المجازر مجرد صفحات مؤلمة من الماضي، بل واقع يوميّ تعيشه كل أم ثكلى، وكل طفل يتيم، وكل شاب يسير إلى عمله وهو يعلم أن عودته ليست مضمونة. جريمة المسلم أنه قال "الله أكبر" بدل "تحيا رام"، أنه تمسّك بمسجده، وصلى لربه، ورفض أن يُمحى اسمه من سجلّ المواطنين.

إن ما يجري اليوم في الهند ليس مجرد ظلم عابر، بل مشروع ممنهج لتفريغ البلاد من أحد أعرق مكوناتها الحضارية. تُشنّ الحرب على الذاكرة والتاريخ والمكان، وليس من العجيب في ظل هذه السياسات أن يُغتصب مسلم، أو تُقتل مسلمة، أو يُحرق حيّ كامل، مادامت آلة الكراهية تجد من يغذيها، ومادامت المؤسسات تغضّ الطرف، وتلبس عباءة الحياد الزائف.

والمأساة الأكبر أن هذا الظلم يُمارس على مرأى ومسمع من العالم الإسلامي، دون أن نسمع صوتًا رسميًا يرتفع، أو موقفًا يُعبّر عن الغضب. أين ضمير الأمة؟ أين قادتها؟ هل أصبحت العلاقة الدبلوماسية أثمن من دماء الأبرياء؟ هل غدت الكراسي والمصالح أهم من صرخات الثكالى؟ وهل تحوّل الإنسان المسلم إلى رقم في نشرة أخبار، لا يهز وجدان أحد؟

لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه"، فهل خذلناهم؟ بل، هل أسلمناهم؟ إن التاريخ لا ينسى، والذاكرة لا تموت، والظلم لا يبقى، وإن تأخر القصاص، فإن "الله ليس بغافل عما يعمل الظالمون".

أيها القادة، أيها الأحرار، إن صمتكم اليوم قد يُفسَّر غدًا على أنه تواطؤ. وهذه المأساة ليست عارًا على حكومة الهند وحدها، بل على كل من سكت عنها، أو ساهم بصمته في تمددها.

إن صرخة مسلمي الهند هي صرخة ضمير الأمة. فإما أن تُسمَع اليوم ويُردّ لها الصدى، أو يسجلها التاريخ لعنة تلاحق المتخاذلين إلى الأبد.

 

كولكاتا، الهند

 


مشاهدات 193
الكاتب  شيخ عماد الدين
أضيف 2025/04/07 - 3:53 PM
آخر تحديث 2025/04/15 - 12:35 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 1029 الشهر 14866 الكلي 10595513
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/4/15 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير