الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مصطفى محمود في ذكراه  الـ 16

بواسطة azzaman

مصطفى محمود في ذكراه  الـ 16

فيصل عبدالحسن

 

امتلك د.مصطفى محمود أدوات العلماء في البحث، وأسلوب الأدباء في الكتابة، وسعة ذهن المفكر في التقصي في أكثر المعضلات الفكرية والفلسفية والعلمية.

 وحاول الإجابة عن جميع الأسئلة التي تلح على متابع برنامجه التلفزي بالصورة والصوت، والفيلم الوثائقي أو بالنص والوثيقة المكتوبة والمصدر الموثوق لمن يقرأ كتبه.

 كتب 89 مؤلفاً من مؤلفاته في الفكر، والفلسفة والأدب والعلم وأدب الرحلة والقصة القصيرة، رفد بها المكتبة العربية، وهي بحق ثروة أهداها للفكر البشري.

  وهي كثيرة ليس بعددها فقط بل بمادتها، وتناولها لقضايا الإنسان الشائكة في علاقته بالحياة والموت، الإيمان والإلحاد واسئلة الوجود كافة، الأسئلة التي تبدأ عادة بأدوات الأستفهام الفلسفية متى وكيف وأين ومتى ولماذا ؟

 ويكون في تناولها الحد الفاصل بين أي شيء موجود وغير موجود:الغنى والفقر، الصحة والمرض، طاقات الإنسان الخفية، وضعفه، جهله وعلمه، القوى غير المرئية المحيطة به، وما يراه وما لايراه حوله.

 وكم أظهر لنا عبر ما قدمه في برنامجه التلفزي عن مرئيات لا نراها في حياتنا اليومية، لكنها موجودة،  وتأثر في حياتنا ورأيناها مؤخراً، بما استحدث من إجهزة اكتشاف ووسائل علمية طورها الإنسان.

 جاء ذكر تلك الحقائق في القرآن الكريم،  وفسرها للقارىء في مؤلفاته العديدة.

شبابه المبكر

   ولد د.مصطفى كمال محمود حسين آل محفوظ، في 1921 بالمنوفية في مصر من أسرة تنتسب للأشراف وتوفي بالقاهرة 2009  .

  يعود اهتمامه بالفنون والآداب والفكر إلى فترة تلمذته في مدرسة طنطا الثانوية، خلال فترة الثلاثينات، وهي البداية الحقيقية للمدّ التنويري في مصر.

   كانت القرى والنجوع الصغيرة المصرية زاخرة بأنشغلالات أخرى، كالاحتفالات بالموالد وإقامة احتفالات الصوفيين، وعرض ما يقومون به من أعمال تدهش الناس.

 كان المحتل البريطاني، والحاكم المصري في ذلك الوقت، يشجعان هذا النوع من الاحتفالات، ووقتها أنشغل الشاب مصطفى بحب التجوال في هذه الموالد، ومصاحبة الدراويش كإبراهيم الدسوقي، وخدام السيد البدوي ومجاذيبه.

  ومرَّت بالشاب فترة من فترات البحث، والتقصي، والإحباط بعد أن شعر بالخيبة، مما يفعله بعض شيوخ الصوفية.

  وما وجده منهم ما يتعارض مع العلوم الحديثة، التي كان يتعلمها في مدرسته الثانوية، كالكيمياء والفيزياء وعلوم الإحياء.

  وأكثر الأشياء التي اِشمأزَّ منها كما ذكر في كتابه (الله والإنسان)استغلال الدجالون بساطة الناس، وعدم فهمهم لخداعهم ببعض الحيل الساذجة، ليلقوا في روعهم أنهم من أولياء الله ليسلبوا نقودهم القليلة!!

   فهجر الدراويش، وتتلمذ في حارة العوالم على عازف ناي شعبي يُدعى حسين فاضل.   

وكان وقتها مايستروالفرقة حسب الله، والأسطى منيرة المعداوي، وأصبح حلمه في هذه الفترة المبكرة من شبابه الغض أن يصبح موسيقياً!!

   ذكرعن تلك الفترة من حياته في إحدى اللقاءات التلفزية، أنه لايزال ذلك الموسيقي الشاب، الذي كانه، لكن أدوات عزفه تغيرت!!

  ولكن ذلك اصطدم بقناعاته الشخصية، حول مستقبله، ففكر، كما أشار إلى ذلك ضاحكاً في ذلك اللقاء، أنه سيكون موسيقياً واحداً في طاقم موسيقي أو في أحسن الأحوال سيكون عازفاً مميزاً في تخت!!

العلم والإيمان

    أثر عليه ما شاهده من معاناة والده الذي أُصيب بالشلل كثيراً، عندها قرر الإلتحاق بكلية الطب، فهجر الموسيقى وحارة المجاذيب وصار يقضي معظم وقته في مدرجات الكلية الطبية والمشرحة!!

   أجاب مرة ضاحكاً محاورته في إحدى الحوارات، التي أجريت معه حول اختياره الطب: “ اخترت الطب لكي التقي بكل طبقات المجتمع، وهم في حالة عَرِي، كلهم يخلعون ثيابهم وأسرارهم عند الطبيب!!

   تخرج مصطفى محمود طبيباً في دفعة عام 1952 وتخصص بالأمراض الصدرية، لكنه بعد سنوات من ممارسة الطب وجد أن العالم بحاجة إلى أكثر من طبيب للأجساد!! وأنه يملك من المواهب لمعالجة أكثر من جسد وروح في وقت واحد!!

   روح الفنان والمفكر والأديب كانت تدفعه إلى خوض تحد ثان، فاتجه إلى الأدب والفكر، وتتلمذ على أيدي ثلاثة أدباء كبار، هم:  طه حسين، توفيق الحكيم، وعباس محمود العقاد.

    كتب في فكر الإسلام الوسطي بعد أن اشتهر، وصارت كتاباته الفكرية تثير لغطاً في الشارع المصري والعربي:”التوراة، محمد، لغز الموت، ولغز الحياة. “

ضجة اعلامية

  وأكثر كتبه الذي أثار ضجة إعلامية كبيرة عند صدوره في مصر، والدول العربية الأخرى (محاولة لفهم عصري للقرآن)الذي ناقشه فيه الكثير من العلماء والمفكرون المصريون والعرب يرحم الله العلامة الموسوعي د. مصطفى محمود في ذكرى وفاته السادسة عشرة.

   لا نزال نتعلم إلى اليوم من د. مصطفى محمود عبر برنامجه التلفزيوني الشهير” العلم والإيمان “الذي كان يعده، ويقدمه من خلال تفزيون الكويت، وقد بُثتْ أولى حلقاته في السبعينات.

 400 حلقة من هذا البرنامج المهم في مختلف العلوم الطبيعية، ولا تزال إلى يومنا الحالي تُبثَّ حلقاته من قبل الكثير من القنوات الفضائية المصرية والعربية.

  وقد تابعتها وأنا في العشرين من عمري، وأتابعها اليوم بعد أكثر من عقد، وكذلك فعل جيلنا، خصوصاً من المهتمين بالفكر والعلم والفلسفة والمعرفة الموسوعية.

  كاتب مقيم بالمغرب


مشاهدات 197
الكاتب فيصل عبدالحسن
أضيف 2025/03/29 - 1:24 AM
آخر تحديث 2025/04/01 - 11:47 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 725 الشهر 725 الكلي 10581372
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/4/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير