الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
إكسير‭ ‬الخير‭ ‬ترياق للسموم‭ ‬المعنوية

بواسطة azzaman

إكسير‭ ‬الخير‭ ‬ترياق للسموم‭ ‬المعنوية

محمد غاني

 

فهم‭ ‬يتجدد‭ ‬لقوله‭ ‬تعالى‭: ‬﴿إِنَّ‭ ‬الْحَسَنَاتِ‭ ‬يُذْهِبْنَ‭ ‬السَّيِّئَاتِ﴾‭ [‬هود‭: ‬114‭]. ‬لاح‭ ‬في‭ ‬أفق‭ ‬تفكيري‭ ‬و‭ ‬تدبري‭ ‬لهذه‭ ‬الآية‭ ‬الكريمة،‭ ‬وما‭ ‬سُميت‭ ‬آية‭ ‬إلا‭ ‬دعوة‭ ‬كريمة‭ ‬من‭ ‬الكريم‭ ‬المطلق‭ ‬الأبدي،‭ ‬وهو‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه،‭ ‬إلى‭ ‬مائدة‭ ‬الأفكار‭ ‬التي‭ ‬يُدعى‭ ‬إليها‭ ‬أولو‭ ‬الألباب‭ ‬من‭ ‬الذاكرين‭ ‬الله‭ ‬كثيرًا‭ ‬والذاكرات،‭ ‬لتقتات‭  ‬القلوب‭ ‬من‭ ‬هاته‭ ‬المعاني‭ ‬الذوقية‭ ‬اللذيذة‭ ‬معنى،‭ ‬الراقية‭ ‬مضمونًا،‭ ‬المطرَّزة‭ ‬مبْنى،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الشأن‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الآيات‭ ‬القرآنية‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬جعلني‭ ‬أكتب‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬الذي‭ ‬يُعد‭ ‬استثمارًا‭ ‬معنويا‭ ‬في‭ ‬أسواق‭ ‬التجارة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تبور،‭ ‬بشكل‭ ‬جميل‭ ‬لا‭ ‬يُضاهى‭.‬

لفهم‭ ‬المقصود،‭ ‬لنرجع‭ ‬بتفكيرنا‭ ‬إلى‭ ‬أنواع‭ ‬الروائح‭ ‬الكريهة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية،‭ ‬وأساليب‭ ‬البشر‭ ‬في‭ ‬مكافحتها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عيش‭ ‬يوم‭ ‬هنيئ‭. ‬فلا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬اليومية‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ،‭ ‬ومنذ‭ ‬القدم،‭ ‬يتعرض‭ ‬لمواقف‭ ‬مختلفة،‭ ‬إما‭ ‬بتصبب‭ ‬عرق‭ ‬متراكم‭ ‬يؤذي‭ ‬الجالسين‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬المائدة،‭ ‬أو‭ ‬التعرض‭ ‬لروائح‭ ‬كريهة‭ ‬من‭ ‬حيوانات‭ ‬ميتة‭ ‬أو‭ ‬فضلاتها‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الفضاءات‭ ‬المغلقة‭ ‬أيضًا‭ ‬تجتمع‭ ‬فيها‭ ‬الروائح‭ ‬الكريهة‭ ‬التي‭ ‬تتراكم‭ ‬بشكل‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يُطاق‭.‬

وبسبب‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬سبق،‭ ‬اجتهد‭ ‬الإنسان‭ ‬منذ‭ ‬القدم‭ ‬في‭ ‬اختراع‭ ‬وإبداع‭ ‬أجود‭ ‬أنواع‭ ‬العطور‭ ‬ليُقضي‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يُسيء‭ ‬رونق‭ ‬حياته‭ ‬اليومية،‭ ‬ليحيى‭ ‬حياة‭ ‬هنيئة‭ ‬طيبة‭.‬

إذا‭ ‬تأملنا‭ ‬أنواع‭ ‬العطور‭ ‬اليوم،‭ ‬ستجد‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬خفيف‭ ‬لمجرد‭ ‬الانتعاش‭ ‬اليومي،‭ ‬ويغطي‭ ‬ويستر‭ ‬المستور‭ ‬ولا‭ ‬يزيله‭ ‬من‭ ‬الجذر‭ (‬Body‭ ‬Mists‭). ‬ولإزالة‭ ‬الروائح‭ ‬الكريهة‭ ‬بقوة،‭ ‬يمكن‭ ‬استخدام‭ ‬المسك‭ ‬أو‭ ‬العنبر،‭ ‬وهي‭ ‬تدخل‭ ‬ضمن‭ (‬Parfum‭ ‬Oils‭). ‬ولروائح‭ ‬الطعام‭ ‬الكريهة،‭ ‬تُستخدم‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬عطور‭ (‬Dior‭ ‬Sauvage‭).‬

وقد‭ ‬سقتُ‭ ‬هذه‭ ‬الأمثلة‭ ‬لِنُشخِّص‭ ‬الفهم‭ ‬العميق‭ ‬للحديث‭ ‬النبوي‭ ‬الشريف‭:‬

عن‭ ‬أبي‭ ‬موسى‭ ‬الأشعري‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭ ‬أن‭ ‬النبي‭ ‬‭ ‬قال‭:‬

‮«‬مَثَلُ‭ ‬الجَلِيسِ‭ ‬الصَّالِحِ‭ ‬وَجَلِيسِ‭ ‬السُّوءِ‭ ‬كَحَامِلِ‭ ‬المِسْكِ‭ ‬وَنَافِخِ‭ ‬الكِيرِ،‭ ‬فَحَامِلُ‭ ‬المِسْكِ‭ ‬إِمَّا‭ ‬أَنْ‭ ‬يُحْذِيَكَ،‭ ‬وَإِمَّا‭ ‬أَنْ‭ ‬تَبْتَاعَ‭ ‬مِنْهُ،‭ ‬وَإِمَّا‭ ‬أَنْ‭ ‬تَجِدَ‭ ‬مِنْهُ‭ ‬رِيحًا‭ ‬طَيِّبَةً،‭ ‬وَنَافِخُ‭ ‬الكِيرِ‭ ‬إِمَّا‭ ‬أَنْ‭ ‬يُحْرِقَ‭ ‬ثِيَابَكَ،‭ ‬وَإِمَّا‭ ‬أَنْ‭ ‬تَجِدَ‭ ‬مِنْهُ‭ ‬رِيحًا‭ ‬مُنْتِنَةً‮»‬‭ (‬متفق‭ ‬عليه‭).‬

فبتحليل‭ ‬دقيق،‭ ‬مع‭ ‬استحضار‭ ‬ما‭ ‬سبق،‭ ‬سيُحيلنا‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الحسنات‭ ‬درجات‭ ‬في‭ ‬فاعليتها‭ ‬بنحو‭ ‬السيئات،‭ ‬بحسب‭ ‬نية‭ ‬العبد‭ ‬وإبداعيته‭ ‬في‭ ‬تنزيل‭ ‬تلك‭ ‬النية‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭. ‬ولهذا‭ ‬اختلف‭ ‬الأنبياء‭ ‬في‭ ‬مقاماتهم،‭ ‬وتنوع‭ ‬الأولياء‭ ‬في‭ ‬درجاتهم،‭ ‬وتفاقمت‭ ‬دركات‭ ‬أهل‭ ‬الكفر‭ ‬والنفاق‭ -‬والعياذ‭ ‬بالله‭-.‬

فلا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬التصورات‭ ‬تبتدئ‭ ‬بفكرة،‭ ‬وهي‭ ‬النية،‭ ‬ثم‭ ‬بعد‭ ‬التصور‭ ‬يأتي‭ ‬التنزيل‭ ‬الواقعي‭ ‬لذلك‭ ‬التصور‭. ‬فنجد‭ ‬أن‭ ‬المخترع‭ ‬نزل‭ ‬فكرة‭ ‬صنع‭ ‬طائرة‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬تصور،‭ ‬أو‭ ‬صنع‭ ‬عجلة‭ ‬كانت‭ ‬سبب‭ ‬تقدم‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ميادين‭ ‬تقدمها؛‭ ‬لأن‭ ‬العجلة‭ ‬كانت‭ ‬عند‭ ‬بعض‭ ‬العلماء‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الاختراعات‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية‭. ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬اثنان‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬سهولة‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬بني‭ ‬البشر‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬سهولة‭ ‬باقي‭ ‬الاختراعات‭ ‬مهما‭ ‬تنوعت؛‭ ‬لأنه‭ ‬لولا‭ ‬العجلة‭ ‬لما‭ ‬تمكنوا‭ ‬من‭ ‬استحضار‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬لأي‭ ‬اختراع‭ ‬آخر‭.‬

عالم‭ ‬السموم‭ ‬وإيجاد‭ ‬ترياق‭ ‬لها‭ ‬بحر‭ ‬عميق‭ ‬لمن‭ ‬تبحر‭ ‬فيه،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬أنواع‭ ‬السموم‭ ‬ودرجات‭ ‬فعاليتها‭ ‬تختلف‭ -‬ولا‭ ‬شك‭ ‬حسب‭ ‬الأطباء‭- ‬فمنها‭ ‬ما‭ ‬يسبب‭ ‬شللًا‭ ‬للأعضاء،‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬ينتج‭ ‬اختناقًا‭ ‬تنفسيًا،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬ينتج‭ ‬عنه‭ ‬أمراض‭ ‬سرطانية‭ ‬أو‭ ‬مزمنة،‭ ‬وأخرى‭ ‬تسبب‭ ‬الموت‭ ‬في‭ ‬جرعات‭ ‬متوالية،‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يقتل‭ ‬فورًا‭.‬

في‭ ‬المقابل،‭ ‬فإن‭ ‬العقل‭ ‬البشري‭ ‬طور‭ ‬أنواعًا‭ ‬من‭ ‬الترياق‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأنواع‭ ‬من‭ ‬السموم،‭ ‬حيث‭ ‬طور‭ ‬الإنسان‭ ‬أنواعًا‭ ‬من‭ ‬الترياق‭ ‬الكيميائي‭ ‬الذي‭ ‬يحول‭ ‬السم‭ ‬إلى‭ ‬فيتامين‭ (‬B12‭)‬،‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬يسهل‭ ‬إخراج‭ ‬السموم‭ ‬من‭ ‬الذات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬يزيل‭ ‬تراكم‭ ‬السموم‭ ‬الزئبقية‭ ‬في‭ ‬جسم‭ ‬الإنسان،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬الترياق‭ ‬ما‭ ‬يخلص‭ ‬الجسم‭ ‬من‭ ‬السموم‭ ‬بإخراجها‭ ‬من‭ ‬الكبد‭.‬

والحديث‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬عند‭ ‬أهل‭ ‬الاختصاص‭ ‬يطول،‭ ‬وقد‭ ‬أخذنا‭ ‬منه‭ ‬ما‭ ‬يفيدنا‭ ‬لفهم‭ ‬المقصود‭ ‬في‭ ‬ارتباطه‭ ‬بحديثنا‭ ‬عن‭ ‬إكسير‭ ‬الخير،‭ ‬وفعالية‭ ‬درجات‭ ‬الحسنات‭ ‬في‭ ‬إذابة‭ ‬السيئات‭ ‬وإزالة‭ ‬روائحها‭ ‬المعنوية‭ ‬الكريهة‭ ‬بعطر‭ ‬أعمال‭ ‬الخير‭ ‬المتباينة‭ ‬في‭ ‬درجاتها‭.‬

يقول‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭ ‬في‭ ‬الآية‭ ‬الكريمة،‭ ‬والقانون‭ ‬الكوني‭ ‬الرهيب‭ ‬في‭ ‬جماليته‭ ‬والغني‭ ‬بمعانيه‭ ‬الذي‭ ‬يأخذ‭ ‬بالألباب‭:‬

﴿وَلَلْآخِرَةُ‭ ‬أَكْبَرُ‭ ‬دَرَجَاتٍ‭ ‬وَأَكْبَرُ‭ ‬تَفْضِيلًا‭ [‬الإسراء‭: ‬21‭].‬

ليس‭ ‬المقصود‭ -‬في‭ ‬نظرنا‭- ‬في‭ ‬تفسير‭ ‬هذه‭ ‬الآية‭ ‬هو‭ ‬شرح‭ ‬التباين‭ ‬الحاصل‭ ‬بين‭ ‬الحياة‭ ‬الدنيا‭ ‬والآخرة،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬أن‭ ‬القصد‭ ‬هنا‭ ‬يتمحور‭ ‬حول‭ ‬أعمالنا‭ ‬المرتبطة‭ ‬باهتماماتنا‭ ‬اليومية،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬دافعنا‭ ‬إليها‭ ‬دنيويًا‭ ‬أو‭ ‬أخرويًا‭. ‬هذه‭ ‬الدوافع‭ ‬والنوايا‭ ‬والتصورات‭ ‬القبلية‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬التفاضل‭ ‬كبيرًا‭ ‬في‭ ‬نتائجها‭. ‬هذا‭ ‬التفاضل‭ ‬والتباين‭ ‬يكبر‭ ‬كلما‭ ‬تعلق‭ ‬بهدف‭ ‬سماوي‭ ‬أخروي،‭ ‬ويصغر‭ ‬كلما‭ ‬كان‭ ‬مرتبطًا‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬أرضي‭ ‬دنيوي‭.‬

وما‭ ‬سُميت‭ ‬الدنيا‭ -‬في‭ ‬نظرنا‭- ‬إلا‭ ‬لصغر‭ ‬ودناءة‭ ‬نتائجها،‭ ‬وما‭ ‬ارتبطت‭ ‬الآخرة‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬سماوي‭ ‬غيبي‭ ‬إلا‭ ‬لسمو‭ ‬وعلو‭ ‬درجاتها‭ ‬ومقاماتها‭ ‬علوًا‭ ‬كبيرًا‭. ‬وضرب‭ ‬الله‭ ‬مثالًا‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬اصطفاء‭ ‬مريم‭ ‬عليها‭ ‬السلام‭ ‬اصطفاءً‭ ‬جوهريًا‭ ‬ليُحيلنا‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬مفهوم‭ ‬الجوهر‭ ‬والأخلاق‭ ‬الطيبة‭ ‬وفاعليتها‭ ‬في‭ ‬إزالة‭ ‬السموم‭ ‬المعنوية‭.‬

يقول‭ ‬تعالى‭: ‬﴿يَا‭ ‬مَرْيَمُ‭ ‬إِنَّ‭ ‬اللَّهَ‭ ‬اصْطَفَاكِ‭ ‬وَطَهَّرَكِ‭ ‬وَاصْطَفَاكِ‭ ‬عَلَى‭ ‬نِسَاءِ‭ ‬الْعَالَمِينَ﴾‭ [‬آل‭ ‬عمران‭: ‬42‭].‬

وهو‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬قول‭ ‬الرسول‭ ‬‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬النبوي‭ ‬الشريف‭:‬

عن‭ ‬ابن‭ ‬مسعود‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭ ‬قال‭: ‬قال‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬ﷺ‭:‬

‮«‬عَلَيْكُمْ‭ ‬بِالصِّدْقِ،‭ ‬فَإِنَّ‭ ‬الصِّدْقَ‭ ‬يَهْدِي‭ ‬إِلَى‭ ‬الْبِرِّ،‭ ‬وَإِنَّ‭ ‬الْبِرَّ‭ ‬يَهْدِي‭ ‬إِلَى‭ ‬الْجَنَّةِ،‭ ‬وَمَا‭ ‬يَزَالُ‭ ‬الرَّجُلُ‭ ‬يَصْدُقُ‭ ‬وَيَتَحَرَّى‭ ‬الصِّدْقَ‭ ‬حَتَّى‭ ‬يُكْتَبَ‭ ‬عِنْدَ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬صِدِّيقًا‭. ‬وَإِيَّاكُمْ‭ ‬وَالْكَذِبَ،‭ ‬فَإِنَّ‭ ‬الْكَذِبَ‭ ‬يَهْدِي‭ ‬إِلَى‭ ‬الْفُجُورِ،‭ ‬وَإِنَّ‭ ‬الْفُجُورَ‭ ‬يَهْدِي‭ ‬إِلَى‭ ‬النَّارِ،‭ ‬وَمَا‭ ‬يَزَالُ‭ ‬الرَّجُلُ‭ ‬يَكْذِبُ‭ ‬وَيَتَحَرَّى‭ ‬الْكَذِبَ‭ ‬حَتَّى‭ ‬يُكْتَبَ‭ ‬عِنْدَ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬كَذَّابًا‮»‬‭ (‬متفق‭ ‬عليه‭). ‬إن‭ ‬كل‭ ‬متدبر‭ ‬في‭ ‬الآية‭ ‬الكريمة‭ ‬والحديث‭ ‬النبوي‭ ‬الشريف‭ ‬سيتبادر‭ ‬إلى‭ ‬ذهنه‭ ‬الارتباط‭ ‬الوثيق‭ ‬بينهما‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تكرار‭ ‬الأشياء‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬إتقانها‭ ‬وتمكينها‭ ‬واستقرار‭ ‬أثرها‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬الإنسان،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬جانبها‭ ‬الإيجابي‭ ‬أو‭ ‬السلبي‭. ‬وهو‭ ‬قانون‭ ‬الاصطفاء‭ ‬في‭ ‬جانبه‭ ‬الإيجابي‭ ‬أو‭ ‬السلبي،‭ ‬فمن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬خلق‭ ‬الله‭ ‬زوجين‭ ‬اثنين،‭ ‬فلينظر‭ ‬كل‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬شق‭ ‬أراد‭ ‬أن‭ ‬يصطفي‭ ‬ويختار‭ ‬بضم‭ ‬الياء‭.‬

وختامًا،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يزيل‭ ‬السموم‭ ‬القاتلة‭ ‬بترياقاتها‭ ‬الكيميائية‭ ‬يُحيلنا‭ ‬إلى‭ ‬درجات‭ ‬وفاعلية‭ ‬الترياق‭ ‬المعنوي‭ ‬في‭ ‬إزالة‭ ‬كل‭ ‬دركات‭ ‬السموم‭ ‬المعنوية‭ ‬من‭ ‬حقد‭ ‬وكره‭ ‬ونفاق‭ ‬وغفلة‭ ‬وفتنة‭ ‬وأمراض‭ ‬اجتماعية،‭ ‬بأعمال‭ ‬القلوب‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬التصورات‭ ‬القبلية‭ ‬لكل‭ ‬أعمال‭ ‬الجوارح‭. ‬فالتوبة‭ ‬والأوبة‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬دافع‭ ‬قوي‭ ‬للإبداع‭ ‬في‭ ‬الأعمال‭ ‬القلبية‭ ‬الأخرى‭ ‬من‭ ‬حلم‭ ‬وصبر‭ ‬ومحبة‭ ‬وشوق‭ ‬وإيثار‭ ‬وتدبر‭ ‬وتعقل،‭ ‬يورث‭ ‬الحكمة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬كيفية‭ ‬تنزيل‭ ‬الآية‭ ‬والقانون‭ ‬الكوني‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬لكل‭ ‬مؤمن‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬اليومية‭. ‬ولا‭ ‬يتأتى‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬بفهم‭ ‬وفقه‭ ‬ووعي‭ ‬عن‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل،‭ ‬الذي‭ ‬به‭ ‬يحقق‭ ‬الإنسان‭ ‬المؤمن‭ ‬القصد‭ ‬من‭ ‬خلقه‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الكون‭.‬


مشاهدات 95
الكاتب محمد غاني
أضيف 2025/03/29 - 12:42 AM
آخر تحديث 2025/04/01 - 1:41 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 497 الشهر 497 الكلي 10581144
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/4/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير