الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حين‭ ‬تتحزب‭ ‬الأقلام

بواسطة azzaman

حين‭ ‬تتحزب‭ ‬الأقلام

نزار محمود

 

في‭ ‬البد‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬هنا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المقصود‭ ‬بالإنكار‭ ‬الطوائفي‭ ‬هو‭ ‬تجاهل‭ ‬أو‭ ‬تجاوز‭ ‬أو‭ ‬التغطية‭ ‬على‭ ‬انجازات‭ ‬أو‭ ‬مواقف‭ ‬البعض‭ ‬منن‭ ‬لا‭ ‬ينتمون‭ ‬الى‭ ‬دين‭ ‬أو‭ ‬قومية‭ ‬أو‭ ‬مذهب‭ ‬أو‭ ‬فصيل‭ ‬سياسي‭ ‬بعينه،‭ ‬وبالتالي‭ ‬التعتيم‭ ‬وغبن‭ ‬تلك‭ ‬الانجازات‭ ‬أو‭ ‬المواقف‭.‬

كثيرون‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬يدعون‭ ‬الحقيقة‭ ‬والموضوعية،‭ ‬لكنه‭ ‬يصعب‭ ‬علينا‭ ‬الالتزام‭ ‬بذلك،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬عندما‭ ‬بتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بعصبية‭ ‬أو‭ ‬مصلحية‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬التقية‭!‬

على‭ ‬رفوف‭ ‬المكتبات‭ ‬والمكاتب‭ ‬تستلقي‭ ‬آلاف‭ ‬وملايين‭ ‬الكتب‭ ‬والمخطوطات‭ ‬والكتابات،‭ ‬وعلى‭ ‬صفحات‭ ‬شبكات‭ ‬المعلومات‭ ‬ملياراتها‭. ‬هذا‭ ‬الكم‭ ‬الهائل‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬والمعارف‭ ‬التي‭ ‬تدور‭ ‬حول‭ ‬اعمال‭ ‬وأقوال‭ ‬الملايين‭ ‬يحتوي‭ ‬بين‭ ‬طياته‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬فج‭ ‬عميق‭ ‬كثير‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أفكار‭ ‬ورؤى‭ ‬ومواقف‭.‬

ومن‭ ‬أحواض‭ ‬هذه‭ ‬الغابات‭ ‬المعرفية‭ ‬ينهل‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬وينهل‭ ‬ما‭ ‬يريد‭! ‬يستل‭ ‬هذه‭ ‬العبارة‭ ‬ويغض‭ ‬الطرف‭ ‬عن‭ ‬تلك،‭ ‬ثم‭ ‬بروح‭ ‬يسرد‭ ‬ويطرح‭ ‬ما‭ ‬يشاء،‭ ‬ويشيد‭ ‬بزيد‭ ‬ويقدح‭ ‬بعمر‭!‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الانتقاء‭ ‬وذلك‭ ‬الإقصاء‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يخفى‭ ‬على‭ ‬عالم‭ ‬أو‭ ‬خبير،‭ ‬لكن‭ ‬الكثيرين‭ ‬لا‭ ‬يفرقون‭ ‬بين‭ ‬الغث‭ ‬والسمين،‭ ‬فتنطلي‭ ‬عليهم‭ ‬حكايات‭ ‬ألف‭ ‬ليلة‭ ‬وليلة‭!‬

في‭ ‬عالمنا‭ ‬العربي‭ ‬مثلاً،‭ ‬ومنه‭ ‬العراق،‭ ‬تقوم‭ ‬فرق‭ ‬وطوائف‭ ‬قومية‭ ‬ودينية‭ ‬ومذهبية‭ ‬تنتشر‭ ‬بين‭ ‬طيات‭ ‬التاريخ،‭ ‬قديمه‭ ‬وحديثه،‭ ‬وتتوزع‭ ‬على‭ ‬صفحات‭ ‬كتبه‭ ‬حكايات‭ ‬أشخاص‭ ‬كثيرين،‭ ‬منهم‭ ‬علماء‭ ‬دين‭ ‬ومنهم‭ ‬الفلاسفة‭ ‬وكثير‭ ‬فيهم‭ ‬ساسة‭ ‬وأصحاب‭ ‬رأي،‭ ‬تنوعوا‭ ‬واختلفوا‭ ‬وتخالفوا،‭ ‬ولكل‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬الأتباع‭ ‬والمنتمين‭ ‬الى‭ ‬مدرسته‭ ‬وطائفته‭.‬

وهكذا‭ ‬تتحزب‭ ‬الأقلام،‭ ‬سراً‭ ‬وعلانية،‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬من‭ ‬تريد‭ ‬له‭ ‬الذكر‭ ‬الحسن،‭ ‬ومن‭ ‬تريد‭ ‬له‭ ‬التسفيه‭ ‬والذم‭. ‬تراهم‭ ‬لا‭ ‬يغفلون‭ ‬الاستشهاد‭ ‬ببيت‭ ‬شعر‭ ‬لهذا،‭ ‬ومقولة‭ ‬لذاك‭ ‬من‭ ‬شيعتهم،‭ ‬وفي‭ ‬الأقل،‭ ‬يتجاهلون‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يجب‭ ‬ذكره‭ ‬من‭ ‬مقال‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬المقام‭ ‬لمن‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬شيعتهم‭. ‬انهم‭ ‬بعملهم‭ ‬هذا‭ ‬إنما‭ ‬يمارسون‭ ‬دوراً‭ ‬أشبه‭ ‬بالتسويق‭ ‬السياسي،‭ ‬ومنكرين‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬لا‭ “‬يحبونه‭” ‬حسن‭ ‬القول‭ ‬والفعل‭.‬

يكفي‭ ‬أن‭ ‬تعرف‭ “‬ديانة‭” ‬الكاتب‭ ‬أو‭ ‬فصيله‭ ‬السياسي‭ ‬من‭ ‬قراءة‭ ‬متفحصة‭ ‬لما‭ ‬يكتب‭!‬

من‭ ‬هنا‭ ‬نوصي‭ ‬أنفسنا‭ ‬والآخرين‭ ‬بتوخي‭ ‬الحذر‭  ‬عند‭ ‬القراءة،‭ ‬أو‭ ‬الاستشهاد‭ ‬عند‭ ‬الكتابة،‭ ‬تجنباً‭ ‬للوقوع‭ ‬في‭ ‬مطبات‭ ‬التسويق‭ ‬السياسي‭ ‬لزيد‭ ‬أو‭ ‬عمر،‭ ‬أو‭ ‬الإنزلاق‭ ‬الواعي‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬الواعي‭ ‬الى‭ ‬مستنقع‭ ‬الإنكار‭ ‬الطوائفي‭!‬


مشاهدات 97
الكاتب نزار محمود
أضيف 2025/03/22 - 12:13 PM
آخر تحديث 2025/04/02 - 6:41 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 504 الشهر 1234 الكلي 10581881
الوقت الآن
الأربعاء 2025/4/2 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير