ماذا فعلت بنا أيها الماضي ؟
عبد المنعم حمندي
عندما يأخذنا البحث الاكاديمي إلى النبش في التراث ، علينا أن نقوم بتفحص الموروث وغربلته وانتقاء الأفضل والأجمل ،نأخذ منه مايلائم عصرنا وما ينفع ويجمع ونترك الذي عليه اختلاف ، ومن الطبيعي أن نشعر بالحزن ازاء بعض الروايات التي أثارت نعرات وأحدثت شرخاً في المجتمع لما لها من تأثير عاطفي وطعن في عقائد معينة ، فأما نتركها ،أو تفحص مضامين هذه الروايات والتحقيق من سندها وصحتها ، واذا ما تبينت مصداقيتها وتأكد الباحث من صدقية النص ، فعليه اظهارها إذا كانت نافعة جامعة ، أو ركنها وتركها اذا رأى أنها تؤدي إلى التفرقة والجدل والاختلاف ، لأن تاريخنا به حاجة إلى غربلة إذا لم أقل إلى نخالة في بعض الأحيان عندما نسترجع ماضيا ما مررنا به، لكن على الجانب الآخر، قد نغرق في التفكير فيما حدث إلى حدّ أن ننسى الحاضر، فالحاضر أهم من الماضي لأنه يعنينا .
صندوق حكايات
ويشغلنا ،فهو حاضرنا نعيش فيه اللحظة الراهنة ، بهذه الحماسة ننظر اإلى التاريخ مجرد سلة أخبار وصندوق حكايات ، لا تؤثر على الأحداث المستقبلية. ويكون كل شيء في سياقه العلمي، كي يسعى العلم إلى تنوير الاجيال الجديدة ونطل على الماضي من نافذة البحث العلمي المشروط بالحذر في التعامل معه.
مشكلة شعبنا العربي هو التمسك بالماضي الذي لم ينجب غير الصراع الطائفي والخلاف الأيديولوجي ، والاحتراب حول اشكاليات حدثت قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام، ومازل شرارها يتطاير بين المدن والطوائف ، فمتى ما طوينا صفحات الماضي ونظرنا إلى المستقبل برؤية تحترم العقل والعلم استطعنا أن نثبت أقدامنا في الوطن الواحد ونقول نحن أمة لا تهزم ولن تنكسر ، فلا بد من طي ماضينا بخيره وشره، وتشريع قوانين تعاقب الغلو و الطائفية المقيتة ، وتدعو إلى نبذها بروح رياضية تحافظ على الهوية الوطنية الجامعة والسير قُدماً بعزم البنائيين المتضامنين من أجل ازدهار الوطن والانسان، لو تحقق هذا الحلم سنحتفل بالأمن وقوة الاقتصاد وحترام شعوب العالم لنا.