هل يرحل الشغف؟
هدير الجبوري
وانا اطالع بالصدفة أحد العناوين لكتاب ما يتحدث عن فقدان شغف امرأة ،،، خطر في بالي كيف بوسع هذه الكلمة المسماة بالشغف ان تغادرنا
فجأة بعد اوقات طويلة عشناها في ظلها
متمثلةً في قمة الشعور بالسعادة والزهو بما ننجزه والتجدد والعطاء وحب الحياة والحماسة والفرح الطفولي بما نمتلكه من اشياء حتى لو كانت بسيطة ولاتكاد تُذكر لنجد أنفسنا بعد كل هذا الذي كنا نعيشه وفجأة أسرى لأنتهاء كل ذلك الشغف من حياتنا ..
الشغف هذه الكلمة التي اصبح البعض يتندر بأنها دخيلة على مفرداتنا الحياتية الجديدة ووصل الحال ببعضهم ان يكتب (كول راح الواهس بالعامية العراقية وفضها) ..
هل يندرج الشغف ضمن حالات الاكتئاب النفسي ويعتبر رديفاً له وهل ترافقه نفس الاعراض من انعدام الرغبة بكل شئ
أم فقدان الشغف مختلف تماما لاعلاقة له بالامراض النفسية والسوداوية بل جاء بعد المرور بويلات صدمة عاطفية ونفسية مريرة كفقدان حبيب او أخ أواخت او ربما صديق
كل هؤلاء ربما عشت معه معنى الشعورالحقيقي بالانتماء والمشاركة بالتفاصيل الحياتية اليومية ...
تستيقظ فجأة لتجد نفسك بعد رحيله عنك وحيداً محطماً ما من أحد يتشارك هذه التفاصيل معك
انت الذي أعتدت على مكالماته ورسائله وأعتدت على مزاحه وعلى خوفه الخفي عليك وتقديره لك وافتعال الاسئلة والاسباب البسيطة الغير حقيقية ليجعل منها مبرراً ليتصل بك ويشعرك انه قربك
وعندما تقرر الذهاب للقائه في اي مكان يدعوك اليه حتى لو كان بعيدا عنك كان اثناء ذلك يمزح معك ويقول أليس وجودي في ذاك المكان كافيا لتبررلنفسك
سبب مجيئك اليه وقد كنت اثناء ذلك تحمل شغفك لتنطلق إليه دون التفكيربالمبررات.
تفاصيل عديدة يقف خلفها الاحساس بشعور الشغف ربما ليس الفقدان فقط
بل حتى المحاربة القسرية المعنوية التي يقف خلفها شعور الغيرة والتنافس الغير شريف من الاخرين ليقطعوا عليك بسببه ابواب رزقك او علاقاتك مع الاخرين الذين سيبعدوك بسبب ذلك عن حياتهم ويحاصروك في نقطة لاتستطيع معها ان تقفز لتتغلب على شعورك بالخيبة والخذلان التي بسببها ينعدم شغفك لأي شئ في الحياة...
هما إذاً الخيبة والخذلان من اكبر الاسباب التي تنهي شغفك بكل شئ وهي من اقسى المشاعروأشدها وجعاً .
احلام مستغانمي عندما وصفت الخذلان قالت إنه اكبر الخيانات فقد كانت محقة كثيرا بذلك ..فأكبر الخيانات هذا هو الذي سرق منك شغفك وحبك للحياة..
وفي حديث عميق عن الشغف يلخص بعض معناه كتب أحمد خالد توفيق الطبيب والكاتب الاديب قائلاً:
أتمنى أن يكون فقدان الشغف الذي أُعاني منه الآن مجرد فترة عابرة تنتهي مع الوقت، أتمنى ألَّا يطول الأمر فأنا لا أملك الشغف حتى لأبسط الأعمال اليومية، الضغوطات والالتزامات والحياة كلها أشياء تسير بسرعة جنونية وانا بعيد عنها ، أنا أعلم جيدا أن فقداني للشغف سيكلفني الكثير والكثير، أنا لا أملك شغفاً للعمل أو للدراسة، أشعر بالملل من القراءة ومن مشاهدة الأفلام والمسلسلات، لا أتحمل الجلوس أو التحدث مع أحد لفترة طويلة، لا أُطيق المناقشات ولا شيء يثير إعجابي، أتجنب أبسط المحادثات وأجيب بأبسط الكلمات الممكنة، أبدو سخيفا أحياناً
لكن كل هذا يحدث رغماً عني، أنا لا أملك شغفاً للنهوض من على سريري من الأساس.
أتمنى أن تكون مجرد فترة عابرة فـ لقد فقدتُ شغفي تجاه كل شيء..
أبعد كل هذا الذي قلناه عن الشغف يحق لنا أن نسأل انفسنا هذا السؤال ...هل يرحل الشغف؟؟