الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
صمون‭ ‬عراقي

بواسطة azzaman

صمون‭ ‬عراقي

كامل عبدالرحيم

‭ ‬

لا‭ ‬أصدق‭ ‬تلك‭ ‬القصة‭ ‬التي‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬أصل‭ “‬الصمون‭” ‬على‭ ‬أنها‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬خباز‭ ‬أرمني‭ ‬اسمه‭ “‬سيمون‭” ‬كان‭ ‬يخبز‭ ‬خبزًا‭ ‬على‭ ‬الطريقة‭ ‬الأرمنية،‭ ‬فأصبح‭ ‬العراقيون‭ ‬أو‭ ‬البغداديون‭ ‬يسمونه‭ “‬صمون‭”. ‬الصمون‭ ‬عراقي‭ ‬وبغدادي،‭ ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬الـ‭”‬جا‭” ‬بالجيم‭ ‬الفارسية‭ ‬والمشحوف‭ ‬بالأنف‭ ‬المعقوف‭ ‬النازي‭ ‬سومريتين،‭ ‬فالصمون‭ ‬سومري‭ ‬كذلك‭.‬

الصمون‭ ‬العراقي‭ ‬وجبة‭ ‬كاملة،‭ ‬تمنح‭ ‬الشبع‭ ‬وتشيع‭ ‬تفاؤلًا‭ ‬سريعًا‭ ‬يسري‭ ‬كدفء‭ ‬لذيذ‭ ‬لا‭ ‬يُعرف‭ ‬مصدره‭. ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬المصدر‭ ‬هو‭ ‬حكاية‭ ‬الحجر‭ ‬المدفون‭ ‬في‭ ‬النار،‭ ‬ومنه‭ ‬أتت‭ ‬تسمية‭ “‬الصمون‭ ‬الحجري‭”. ‬ولو‭ ‬كنت‭ ‬محكومًا‭ ‬بالإعدام‭ ‬وخيروني‭ ‬بأمنية‭ ‬أخيرة،‭ ‬لجعلتها‭ ‬ثلاثًا‭: ‬جكارة‭ ‬ديموريه‭ ‬سن‭ ‬طويل،‭ ‬وكأس‭ ‬ويسكي‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬لوغان‭ ‬أبو‭ ‬الحصان،‭ ‬وصمونة‭ ‬حجرية،‭ ‬شريطة‭ ‬خروجها‭ ‬من‭ ‬فرن‭ ‬الحياة‭ ‬تواً‭.. ‬وأبوكم‭ ‬الله‭ ‬يرحمه‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬الصمون‭ ‬وجبة‭ ‬مكتفية‭ ‬بذاتها،‭ ‬فإن‭ ‬العراقيين‭ ‬يتفننون‭ ‬في‭ ‬الإضافات‭. ‬كنا‭ ‬صغارًا،‭ ‬في‭ “‬الإيتين‭ ‬أيجز‭”‬،‭ ‬نعبر‭ ‬سور‭ ‬المدرسة‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬لفة‭ ‬صمون‭ ‬وحمص‭ ‬مسلوق‭ (‬لبلبي‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬عراقي‭ ‬سومري‭ ‬أيضًا‭ ‬رغم‭ ‬أنف‭ ‬الأكاديميين‭. ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬ثمانينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬كنت‭ ‬أذهب‭ ‬إلى‭ ‬الكويت‭ ‬بداعي‭ ‬التجارة‭ ‬والاستيراد‭ ‬فيما‭ ‬كانت‭ ‬البلاد‭ ‬تئن‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬الحرب‭. ‬كان‭ ‬حلم‭ ‬السفر‭ ‬مستحيلًا‭ ‬والتجارة‭ ‬أكثر‭ ‬صعوبة‭ ‬واستحالة،‭ ‬لكني‭ ‬ابتكرت‭ ‬طريقة‭ ‬للذهاب‭ ‬وعبور‭ ‬الحدود‭ ‬بصفة‭ ‬سائق‭ “‬جمسي‭”. ‬هناك،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬يبيعني‭ ‬شرابي‭ ‬الثقيل‭ ‬بمبالغ‭ ‬عالية،‭ ‬وأخرج‭ ‬ليلًا‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬اللبلبي‭. ‬سألت‭ ‬واحدًا‭ ‬واثنين‭ ‬عبثًا،‭ ‬حتى‭ ‬جذبني‭ ‬نيون‭ ‬يضيء‭ ‬إعلانًا‭: “‬نخي‭ ‬وباجلة‭”‬،‭ ‬فعرفت‭ ‬أنهم‭ ‬يسمون‭ ‬اللبلبي‭ “‬نخي‭”. ‬لم‭ ‬أهادن‭ ‬أو‭ ‬أساوم،‭ ‬بل‭ ‬قلت‭ ‬للبائع‭: ‬أعطني‭ ‬صحن‭ ‬لبلبي‭ ‬سومري‭.‬

وهناك‭ ‬أيضًا‭ ‬معادلة‭ ‬سومرية‭ ‬أخرى،‭ ‬اشترك‭ ‬في‭ ‬اختلاقها‭ ‬ثلاثة‭ ‬أرباب‭: ‬الصمون،‭ ‬والقيمر،‭ ‬والعسل‭. ‬خلطة‭ ‬سحرية‭ ‬عرفتها‭ ‬بغداد‭ ‬قبل‭ ‬مطاعم‭ ‬الصدرية‭ ‬بعقود‭. ‬تذكرني‭ ‬هذه‭ ‬الخلطة‭ ‬بذلك‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬كنت‭ ‬أجده‭ ‬ينتظر‭ ‬عند‭ ‬باب‭ ‬بيتنا‭ ‬في‭ ‬باب‭ ‬الأغا‭. ‬تكلفني‭ ‬أمي،‭ ‬وأنا‭ ‬لم‭ ‬أبلغ‭ ‬السادسة‭ ‬بعد،‭ ‬بالخروج‭ ‬للرجل‭ ‬واستلام‭ ‬قارورة‭ ‬عسل‭ ‬إنجليزي‭ ‬وصحن‭ ‬قيمر‭ ‬وصمون‭ ‬سومري‭ ‬ساخن‭. ‬كان‭ ‬يبتسم،‭ ‬فأتأمل‭ ‬شعره‭ ‬الأشقر‭ ‬أو‭ ‬الأصهب‭.‬

كان‭ ‬لأبي‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬العمال‭ ‬يعاونونه‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬عمله،‭ ‬في‭ ‬دار‭ ‬الأهالي‭ ‬أو‭ ‬دكان‭ ‬القرطاسية‭ ‬والنستلات‭ ‬وبطاقات‭ ‬اليانصيب‭ ‬والصحف‭ ‬والمجلات‭ ‬عند‭ ‬مدخل‭ ‬شارع‭ ‬السموأل‭. ‬منهم‭ ‬ثلاثة‭: ‬عُدّاي‭ ‬وسوادي‭ ‬وعيسى،‭ ‬والثلاثة‭ ‬تمتد‭ ‬أصولهم‭ ‬إلى‭ ‬لواء‭ ‬العمارة،‭ ‬ثم‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬الثورة‭ ‬لاحقًا‭. ‬ذلك‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يحمل‭ ‬لنا‭ ‬القيمر‭ ‬والعسل،‭ ‬كان‭ ‬أخًا‭ ‬لعُدّاي،‭ ‬وكانا‭ ‬في‭ ‬خصام‭ ‬دائم‭. ‬نسيت‭ ‬اسمه،‭ ‬لكني‭ ‬أذكر‭ ‬كنيته‭ ‬لاحقًا‭: “‬أبو‭ ‬خالد‭”‬،‭ ‬ولتلك‭ ‬قصة‭ ‬أخرى‭.‬

‭ ‬من‭ ‬غرائب‭ ‬الأمور‭ ‬أن‭ ‬عُدّاي‭ ‬وسوادي‭ ‬كانا‭ ‬بعثيين،‭ ‬أما‭ ‬عيسى‭ (‬رحمهم‭ ‬الله‭ ‬جميعًا‭) ‬فكان‭ ‬شيوعيًا،‭ ‬أو‭ ‬يدّعي‭ ‬ذلك،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يدّعي‭ ‬أيضًا‭ ‬كونه‭ ‬ابن‭ ‬عم‭ ‬ناظم‭ ‬كزار‭. ‬رغم‭ ‬هذه‭ ‬اللوثة‭ ‬الغريبة‭ ‬من‭ ‬الانتماءات،‭ ‬فإن‭ ‬الثلاثة‭ ‬أو‭ ‬الأربعة‭ ‬ظلوا‭ ‬أوفياء‭ ‬لذكراه،‭ ‬فعاشوا‭ ‬معنا‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬عاشوا‭ ‬مع‭ ‬أبي‭. ‬تنتاب‭ ‬عُدّاي‭ ‬نوبات‭ ‬عصبية،‭ ‬أو‭ ‬جنون‭ ‬بالأحرى،‭ ‬فيغيب‭ ‬ثم‭ ‬يظهر‭ ‬منهكًا‭ ‬فارغ‭ ‬الذاكرة،‭ ‬لا‭ ‬يردد‭ ‬سوى‭ ‬لازمة‭: “‬الله‭ ‬يرحمك‭ ‬عمي‭ ‬رحيم‭”‬،‭ ‬قاصدًا‭ ‬عبد‭ ‬الرحيم‭ ‬السعداوي‭ ‬بالطبع‭. ‬أما‭ ‬سوادي،‭ ‬فتدرّج‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬حزب‭ ‬البعث‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬عضو‭ ‬شعبة،‭ ‬وامتلك‭ ‬بيتًا‭ ‬في‭ ‬كركوك‭ ‬عندما‭ ‬أمر‭ ‬صدام‭ ‬بتعريبها‭. ‬لكن‭ ‬مشكلته‭ ‬كانت‭ ‬العرق،‭ ‬السومري‭ ‬أيضًا‭.‬

‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬جعل‭ ‬علاقتنا‭ ‬ملتبسة،‭ ‬فهو‭ ‬البعثي‭ ‬الذي‭ ‬نكره،‭ ‬وهو‭ ‬يتدهور‭ ‬ويتدحرج،‭ ‬مرة‭ ‬بسبب‭ ‬الإدمان،‭ ‬وأخرى‭ ‬بسبب‭ ‬اللعب‭ ‬بالسلطة‭ ‬والفلوس‭. ‬أتذكر‭ ‬عينيه‭ ‬اللتين‭ ‬تحولتا‭ ‬إلى‭ ‬عيني‭ ‬ذئب‭ ‬نافق‭ ‬بسبب‭ ‬تشمع‭ ‬الكبد‭. ‬مات‭ ‬الثلاثة‭ ‬مبكرين،‭ ‬ربما‭ ‬آخرهم‭ ‬عيسى،‭ ‬وقد‭ ‬صار‭ ‬صديقًا‭ ‬مقربًا‭ ‬لي،‭ ‬فأدخلته‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬صداقاتي،‭ ‬وكان‭ ‬يلقبني‭ ‬تحببًا،‭ ‬لأمر‭ ‬أجهله،‭ ‬بـ‭”‬أبو‭ ‬حسن‭”‬،‭ ‬وكنت‭ ‬أحب‭ ‬ذلك‭.‬

‭ ‬عيسى‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ “‬بوزرجي‭” ‬في‭ ‬محطة‭ ‬تعبئة‭ ‬وقود‭. ‬هل‭ ‬اسمها‭ “‬الخالصة‭”‬؟‭ ‬يا‭ ‬إلهي،‭ ‬كيف‭ ‬سقط‭ ‬اسمها‭ ‬من‭ ‬السماء؟‭ ‬أصيب‭ ‬عيسى‭ ‬بسرطان‭ ‬المثانة،‭ ‬وقيل‭ ‬وقتها‭ ‬إنه‭ ‬بسبب‭ ‬عوادم‭ ‬السيارات‭ ‬والعيش‭ ‬مع‭ ‬البنزين‭ ‬لعمر‭ ‬كامل‭ ‬من‭ ‬الخيبات‭. ‬تفاقم‭ ‬مرضه‭ ‬مع‭ ‬شدة‭ ‬القصف‭ ‬الإمبريالي‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬عام‭ ‬1990‭. ‬زرته‭ ‬آخر‭ ‬مرة،‭ ‬وربما‭ ‬أعطيته‭ ‬شيئًا‭ ‬من‭ ‬المال،‭ ‬لكنه‭ ‬أمسك‭ ‬بيدي‭ ‬قائلًا‭: “‬لا‭ ‬تعوفني‭ ‬أبو‭ ‬حسن،‭ ‬بروح‭ ‬رحيم‭”. ‬لكني‭ ‬تركته،‭ ‬هاربًا‭ ‬بعائلتي‭ ‬الكبيرة‭ ‬صوب‭ ‬كربلاء‭. ‬عندما‭ ‬عدنا،‭ ‬كان‭ ‬عيسى‭ ‬قد‭ ‬مات‭.‬

‭ ‬المكتبات‭ ‬أفران‭ ‬أيضًا،‭ ‬والكتاب‭ ‬الجيد‭ ‬هو‭ ‬بمثابة‭ ‬صمونة‭ ‬حجرية‭ ‬تأكلها‭ ‬بلا‭ ‬إضافات،‭ ‬وكأنها‭ ‬حبة‭ ‬زانكس،‭ ‬فتتصاعد‭ ‬في‭ ‬روحك‭ ‬التعيسة‭ ‬مشاعر‭ ‬إيجابية،‭ ‬تشبه‭ ‬كثيرًا‭ ‬أحاسيس‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الجنسي‭ ‬بعد‭ ‬علاقة‭ ‬ساخنة‭. ‬لكني‭ ‬قررت‭ ‬الحياة‭ ‬مؤخرًا‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الكتب،‭ ‬أو‭ ‬–‭ ‬صدقًا‭ ‬–‭ ‬أقرأ‭ ‬لأعمّق‭ ‬قطيعتي‭ ‬مع‭ “‬الثقافة‭”. ‬أحيا‭ ‬حياة‭ ‬بوهيمية‭ ‬نظيفة‭ ‬من‭ ‬الأصدقاء،‭ ‬أميل‭ ‬للعلاقات‭ ‬السريعة‭ ‬مع‭ ‬أناس‭ ‬لا‭ ‬يعرفونني،‭ ‬أتحدث‭ ‬معهم‭ ‬بلا‭ ‬تصنع‭ ‬وبلغتهم‭.. ‬ومن‭ ‬قال‭ ‬إنها‭ ‬ليست‭ ‬لغتي؟

‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬منعني‭ ‬من‭ ‬الصمون‭ ‬الحجري،‭ ‬فأخذت‭ ‬بشراء‭ ‬العيش‭ ‬اللبناني‭ ‬الأسمر‭. ‬لكني‭ ‬في‭ ‬الليل،‭ ‬مرتديًا‭ ‬قناعي،‭ ‬وربما‭ ‬عاريًا‭ ‬على‭ ‬سجيتي،‭ ‬ألتقي‭ ‬مع‭ ‬غرباء‭ ‬لنلعب‭ ‬الدومينو‭. ‬ألعبها‭ ‬بحجة‭ ‬كونها‭ ‬لعبة‭ ‬فلسفية،‭ ‬وليست‭ ‬لعبة‭ “‬حمّالين‭”‬،‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬أحد‭ ‬الأصدقاء‭. ‬وهي‭ ‬اللعبة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬أعرفها‭ ‬وأفضلها‭ ‬على‭ ‬الشطرنج،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أنها‭ ‬تستلزم‭ ‬ذكاءً‭ ‬أو‭ ‬انتباهًا‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬يلزم‭ ‬في‭ ‬الشطرنج‭.‬

‭ ‬في‭ ‬الاستراحات‭ ‬بين‭ ‬جولتي‭ ‬لعب،‭ ‬يوصي‭ ‬أحد‭ ‬الأصدقاء‭ ‬بوجبة‭ ‬من‭ ‬مطعم‭ ‬بالشواكة‭.. ‬وجبة‭ ‬كباب‭ ‬لا‭ ‬يليق‭ ‬إلا‭ ‬بالجنة،‭ ‬مع‭ ‬طماطم‭ ‬وبصل‭ ‬مشويين،‭ ‬وباقة‭ ‬من‭ ‬رشاد‭ ‬البر،‭ ‬تتمايل‭ ‬ذابلة‭ ‬كراقصات‭ ‬باليه،‭ ‬وكيس‭ ‬صمون‭ ‬حجري‭ ‬أو‭ ‬سومري،‭ ‬يتنفس‭ ‬بخار‭ ‬الصمون‭ ‬فيكاد‭ ‬يثقب‭ ‬قلبه‭. ‬تنهار‭ ‬عندي‭ ‬توصيات‭ ‬أو‭ ‬نصائح‭ ‬الأطباء،‭ ‬أمسك‭ ‬بصمونة،‭ ‬أختارها‭ ‬سمراء‭ ‬مثل‭ ‬طالبة‭ ‬جامعية‭ ‬نزلت‭ ‬تواً‭ ‬من‭ ‬قرى‭ ‬الجنوب،‭ ‬أجدها‭ ‬منفوخة،‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬الغرور،‭ ‬بل‭ ‬لفرط‭ ‬الكرم،‭ ‬فسرعان‭ ‬ما‭ ‬تفتح‭ ‬روحها،‭ ‬أو‭ ‬دفتيها،‭ ‬أو‭ ‬ردفيها‭ ‬–‭ ‬قولوا‭ ‬ما‭ ‬شئتم‭.‬

ألقمها‭ ‬بشيش‭ ‬كباب‭ ‬يذوب‭ ‬في‭ ‬الحلق،‭ ‬مع‭ ‬ربع‭ ‬طماطم‭ ‬مشوية،‭ ‬وأمسك‭ ‬بمجموعة‭ ‬راقصات‭ ‬الباليه‭ ‬–‭ ‬سيقان‭ ‬الرشاد‭ ‬المغناجة‭ ‬–‭ ‬أأكلها،‭ ‬أشعر‭ ‬بالاكتفاء،‭ ‬لم‭ ‬أعد‭ ‬بحاجة‭ ‬لكأس‭ ‬أو‭ ‬زانكس‭ ‬أو‭ ‬جنس‭. ‬أصعد‭ ‬على‭ ‬قمة‭ ‬الأولمب‭ ‬قليلًا‭ ‬مع‭ ‬آلهة‭ ‬أغبياء،‭ ‬أهبط‭ ‬فأفوز‭ ‬بلعبتي‭ ‬الفلسفية،‭ ‬أعود،‭ ‬أقود‭ ‬السيارة،‭ ‬نجاة‭ ‬الصغيرة‭ ‬تغني‭: “‬من‭ ‬يومي‭ ‬مظلومة‭”. ‬أضحك،‭ ‬فأقول‭: ‬بل‭ ‬أنت‭ ‬الظالم‭.‬

‭ ‬أختم‭ ‬بالقول‭: ‬نجحت‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬قتل‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬القبض‭ ‬عليّ‭. ‬سأنتظر‭ ‬يومًا‭ ‬آخر‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬فرن‭ ‬الحياة‭ ‬كصمون‭ ‬حجري‭.‬


مشاهدات 372
الكاتب كامل عبدالرحيم
أضيف 2025/02/26 - 3:39 PM
آخر تحديث 2025/05/07 - 2:10 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 1304 الشهر 8688 الكلي 11002692
الوقت الآن
الأربعاء 2025/5/7 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير