فاتح عبد السلام
في حال التوصل الى اتفاق هدنة ووقف إطلاق النار في قطاع غزة او لبنان وهو أمر غير منظور حتى الآن، فإنّ القصف الاسرائيلي على اهداف في سوريا لن يتوقف كون ذلك ليس من ضمن ترتيبات أي اتفاق، فسوريا دولة أخرى وتخضع لتعاط خاص من قبل اسرائيل. وكذلك لن تكون هناك اية عوائق لاستهدافات انتقامية من اسرائيل ضد الجهات التي تولت إطلاق الصواريخ والمسيّرات داخل العراق، وهذه الجهات ترتبط بقرار إيراني وليس عراقياً بحسب القناعة الإسرائيلية الواضحة في التصريحات المعلنة في الشهور الأخيرة.
لذلك لا توجد علامات على الوصول الى تهدئة شاملة في المنطقة، حتى لو انجز تحت ظرف معين أي اتفاق للهدنة في غزة ولبنان. غير هناك خيارا واحدا لتجنيب سوريا والعراق اية ضربات إسرائيلية لا يتم الرد عليها من الدولتين أصلا، وذلك من خلال اعلان عدم السماح لأية جهة مُسلحة التدخل عبر أراضي البلدين وتحديد السياسات العامة في السلم والحرب كأمر واقع يتضرر منه البلدان.
فالسؤال الأبرز هو: ما مبرر ان تقوم إسرائيل بقصف اهداف عسكرية او مدنية في سوريا منذ سنوات، والى متى ستبقى سوريا تعلن انها تحتفظ بحق الرد؟
في النهاية هو شأن سوري، لكن يبدو انّ هناك استنساخاً احتمالياً للصورة بشكل ينسحب على العراق. ثمة تشابه كبير بين العراق وسوريا في العلاقة مع وضع الخط الساخن لجبهة القتال في لبنان على وجه الخصوص، وهذا يترتب عليه استحقاقات ستواجهها بغداد ودمشق وحدهما في نهاية المطاف، ولن تتضرر من ذلك ايران.
هناك فارق واضح بين التعاطي السوري والتعاطي العراقي مع إيران المعنية الأولى بقرار التصعيد والقصف، وطبعا هناك معني آخر هو إسرائيل في الجهة المقابلة. الفارق هو انّ العراق يعلن انه لا يوافق على ان تكون أراضيه وأجواؤه ساحة للحرب الدائرة او اية معارك محتملة مع الوجود الأمريكي ايضاً. لكن سوريا لا تستخدم في خطابها السياسي هذه اللغة ولا تتوجه الى حليفتها إيران مباشرة بطلب عدم اقحامها في الصراع. بالتأكيد ليس هناك مزايدة من قبل احد على حساب الآخر، فالقيادات السياسية الحاكمة في العراق تمتلك أوثق وأقدم العلاقات مع ايران، لكنها بدأت تنزع نحو لغة سياسية عراقية ذات استقلالية واضحة، ولو بحدود متواضعة حتى الآن لاعتبارات كثيرة.