الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
تعداد‭ ‬ينقصه‭ ‬عراقي‭ ‬واحد

بواسطة azzaman

تعداد‭ ‬ينقصه‭ ‬عراقي‭ ‬واحد

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬

 

الإحصاء‭ ‬السكاني‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬يجيء‭ ‬اليوم‭ ‬بعد‭ ‬أربعين‭ ‬سنة‭ ‬مريرة‭ ‬الأحوال‭ ‬ومذهلة‭ ‬الاهوال‭ ‬،‭ ‬خاض‭ ‬البلد‭ ‬فيها‭ ‬غمار‭ ‬تقلبات‭ ‬عظيمة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬تخص‭ ‬تركيباته‭ ‬السكانية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬حرب‭ ‬كبرى‭ ‬ذات‮»‬‭ ‬سمة‭ ‬عالمية‮»‬‭ ‬جرى‭ ‬فيها‭ ‬احتلال‭ ‬كامل‭ ‬للعراق‭ ‬من‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2003‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬الأربعة‭ ‬الأخيرة‭ ‬تغيير‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬بالكامل‭ ‬وما‭ ‬يترتب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬نواتج‭  ‬إيجابية‭ ‬وسلبية‭ ‬تخللتها‭ ‬موجات‭ ‬نزوح‭ ‬وتهجير‭ ‬واختراقات‭ ‬سكانية‭ ‬وبدائل‭ ‬ايديولوجية‭. ‬وصاحب‭ ‬ذلك‭ ‬حدوث‭ ‬حروب‭ ‬جزئية‭ ‬داخلية‭ ‬ذات‭ ‬سمات‭ ‬طائفية‭ ‬سقط‭ ‬فيها‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬مساحة‭ ‬ثلث‭ ‬العراق‭ ‬بيد‭ ‬تنظيم‭ ‬وفد‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬عمليات‭ ‬حرق‭ ‬سجلات‭ ‬مدنية‭ ‬في‭ ‬فترات‭ ‬الفوضى‭ ‬وما‭ ‬لحقها‭ ‬من‭ ‬تجنيس‭ ‬مواطنين‭ ‬حرمهم‭ ‬النظام‭ ‬السابق‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬الجنسية،‭ ‬وجرى‭ ‬تجنيس‭ ‬اعداد‭ ‬أخرى‭ ‬تحت‭ ‬بنود‭ ‬شتى‭ ‬في‭ ‬سنوات‭ ‬ماضية،‭ ‬غلبت‭ ‬عليها‭ ‬الاهواء‭ ‬السياسية‭ ‬وروح‭ ‬الانتقام‭ ‬والفوضى‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬ذلك‭ ‬كله،‭ ‬بات‭ ‬العراق‭ ‬عراقا‭ ‬مختلفا‭ ‬عمّا‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬واختلفت‭ ‬نوعية‭ ‬المهجرين‭ ‬والنازحين‭ ‬والمضطهدين‭ ‬والمظلومين‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬العراق‭ ‬وخارجه‭ ‬عمّا‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬الحال‭ ‬قبل‭ ‬عقدين،‭ ‬حتى‭ ‬انّ‭ ‬هوية‭ ‬العراق‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬الجدل‭ ‬مستمراً‭ ‬حولها‭ ‬بسبب‭ ‬نصوص‭ ‬دستورية‭ ‬مثيرة‭ ‬للقلق‭ ‬والاسئلة،‭ ‬وجرى‭ ‬تمريرها‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬اضطرارية‭ ‬قاهرة‭.‬

ان‭ ‬أي‭ ‬تعداد‭ ‬سكاني‭ ‬لا‭ ‬يقف‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬التقلبات‭ ‬والانعطافات‭ ‬و‭ ‬المعطيات‭ ‬ويعالجها‭ ‬بطريقة‭ ‬حقيقية‭ ‬صادقة‭ ‬وشجاعة،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬المحاباة‭ ‬السياسية‭ ‬والطائفية،‭ ‬يكون‭ ‬ناقصاً‭ ‬ومشكوكاً‭ ‬فيه،‭ ‬بل‭ ‬لا‭ ‬يستحق‭ ‬ان‭ ‬يمثل‭ ‬الهوية‭ ‬العراقية‭ ‬وثقلها‭ ‬السكاني‭ ‬العددي‭ ‬والنوعي‭ ‬الكامل،‭ ‬لاسيما‭ ‬انّ‭ ‬الاعداد‭ ‬العظيمة‭ ‬من‭ ‬العراقيين‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬شعروا‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬التعداد‭ ‬كم‭ ‬انَّ‭ ‬غربتهم‭ ‬كبيرة‭ ‬وأبدية،‭ ‬اذ‭ ‬لمسوا‭ ‬بأنفسهم‭ ‬التجاهل‭ ‬المقصود‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬المسوغ‭ ‬بمبررات‭ ‬مقنعة‭ ‬،‭ ‬ولم‭ ‬يجدوا‭ ‬أمامهم‭ ‬تفسيرات‭ ‬سوى‭ ‬التقصير‭ ‬والنقص‭ ‬والتجاهل‭ ‬والتجهيل‭.‬

بعد‭ ‬أربعين‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬الانتظار‭ ‬المضني‭ ‬لرسم‭ ‬الصورة‭ ‬الدقيقة‭ ‬للبلد‭ ‬الخائض‭ ‬في‭ ‬منعطفات‭ ‬قرنين‭ ‬هائجين،‭ ‬سيكون‭ ‬تجاهل‭ ‬عراقي‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التعداد‭ ‬نقصاً‭ ‬ما‭ ‬له‭ ‬تعويض‭.‬

fatihabdulsalam@hotmail.com

 


مشاهدات 15
الكاتب فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬
أضيف 2024/11/23 - 1:12 AM
آخر تحديث 2024/11/23 - 3:05 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 109 الشهر 9580 الكلي 10052724
الوقت الآن
السبت 2024/11/23 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير