فاتح عبد السلام
هناك مصطلحات يجري استخدامها واعتمادها في تشريعات عراقية، لكنها غير قابلة للتعريف القانوني المحدد. ومن تلك المصطلحات المثيرة دولياً، الجهاد والمجاهد والعقائدي.
ويبدو ان تغيير العنوان من ” قانون الخدمة والتقاعد لمجاهدي الحشد الشعبي” الى “قانون هيئة الحشد الشعبي”، لم يعقبه تدقيق في مصطلح “المجاهد” الذي ورد أربع مرّات في نص المسودة الجديدة للقانون. وزاد من ترسيخ تلك المفردة الاشكالية ، اصطلاح اخر له تاريخ مكروه في القوات المسلحة العراقية في النظام السابق هو « العقائدي» ، اذ يرد في النصوص ان هيئة الحشد لها الحق في تأسيس “مديرية التوجيه العقائدي”، وهناك أيضا نص عن المكلفين بعملية “الارشاد العقائدي”.
في القوانين، لا يمكن إطلاق اصطلاحات مطاطية او تثير الخلاف في التفاسير والتأويلات، لكي لا يكون هناك اجتهاد مع القانون. وسبق ان تداول العراقيون مصطلحا قبل سقوط النظام السابق يصف الجيش العراقي بالجيش العقائدي، في إشارة ضمنية الى ان العقيدة السياسية احتكارية لحزب البعث الحاكم مع منع العمل السياسي داخل صفوفه مطلقاً. ولكن لا يوجد نص قانوني يخص الجيش العراقي او الدستور السابق يقر بوجود كلمة «عقائدي» التي كانت من إضافات نظام شمولي لا يقبل التعددية بأي شكل من الاشكال وسقط مرة واحدة.
اليوم، فضلاً عمّا يمكن أن تثيره مفردة “المجاهدين” الحسّاسة لدى الدوائر الدولية التي تضع المؤسسات الأمنية العراقية تحت عين المراقبة بسبب الصراع القائم بين ايران والولايات المتحدة وما يتصل به، فإنّ هناك إشكالية أخرى هي ان المصطلح الجهادي يفصل حالة عن حالة، حتى داخل القوات المسلحة العراقية التي سيكون فيها ضبّاط في الجيش العراقي وآخرون مجاهدون في جيش موازٍ بمعنى الكلمة لاسيما انّ هيئة الحشد الشعبي بحسب النص القانوني سيكون لها “اكاديمية الحشد الشعبي” تمنح درجة البكالوريوس في العلوم العسكرية، مثلما يمتلك الجيش العراقي منذ قرن من الزمان تقريبا الكلية العسكرية التي تمنح الشهادة المماثلة.
مَن هو المجاهد ومَن هو غير المجاهد؟ ومَن هو العقائدي ومَن هو سواه؟ وما المقصود بالعقيدة هنا، هل هو مصطلح ديني مذهبي أم سياسي فني أم هو مجاملة معنوية لجهة خارجية وأخرى داخلية أم ماذا؟، وهل سيكون هذا القانون بمصطلحاته الجهادية والعقائدية اللغة المناسبة التي اختارها الحكم العراقي للاستجابة للمطالب الامريكية في هذا المضمار؟