الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أن تكون وعاءً

بواسطة azzaman

أن تكون وعاءً

علي حجارة

 

في علم النفس فإن مواجهة الذات تعد من المسائل غير اليسيرة، وربما هي النقطة الحاسمة التي تتهشم عليها أغلب القضايا النفسية التي يستعصي فهمها، وعلى الرغم من أني غير مختص بهذا المجال المتشابك ولي معرفة يسيرة جدًا بمدارسه إلا أن تجربتي الشخصية ومشاهداتي الاجتماعية تؤكد لي أن اغلب الناس لا يواجهون ذاتهم، أو على الأقل يحاولون وضع مبررات جاهزة لأفعالهم دون دراستها أو الغوص في أنفسهم لمعرفة الصواب من الخطأ..  أسوق هذه المقدمة، لأني على دراية بأن الأفراد يصنعون الفكر الجمعي، وطريقة التفكير الكلّي، وعليه وبكل يسر من الممكن أن أقول أن مجتمعنا لا يغوص في نفسه كذلك، ولايبصر ماهي هويته بحكم الكثير من التأثيرات، أولها العولمة وثانيها التأثير الإعلامي الذي يفرض علينا دون وعيٍ منا ما يجب أن نعتقده ونأكله ونرتديه وندرسه ونتواصل عبره، وعلى رغباتنا وأحلامنا وما نود أن نفعله في اليوم التالي، وكما يفعل الفرد حين يفقد مواجهة ذاته ويتصرف بواقع اللحظة الآنية دون تفكير ( أو ما يظن أنه قد فكر به )، يفعل مجتمعنا ذلك أيضًا بأن يتخذ قراراته اعتمادًا ما تسوقه وسائل التواصل ( على سبيل المثال لا الحصر )، و في المجمل وإن كنّا حد الصراحة الذاتية القصوى فيجب هنا أن نعترف بأن مجتمعنا ما هو إلا وعاء ... لا أكثر ولا أقل ... وعاء معبأ بكل ما تمليه عليه القوى التي سبق ذكرها ...  ربما سيقول أحدهم بأننا لايمكن السير عكس التيار، فالعالم اليوم أصبح يعولم كل شيء، والإنسان السائل الذي لا يملك هوية واحدة هو المفهوم السائد والمسيطر، وأقول هنا أن ذلك لايتعارض بتاتًا ولانطلب هنا أن ننقطع عن العالم بقدر أن نفهم ما معنى الفائدة القصوى من الآخر دون ( بلع ) كل شيء مرة واحدة بسلبياته وإيجابياته (إن كنّا نستهلك الإيجابيات من الأساس ) ، فأنا أعلم علم اليقين بوصفي فردًا من هذه الكتلة التي تُسمى المجتمع العراقي، أننا مستهلكون حقيقيون للتفاهة وهيكلة حياتنا كما تطلبه أحد البلوغرات، التي بدورها قد استقت أفكارها من عارضة أزياء غربية ربما تضحك للكيفية التي قُلدت بها بواقع ( كوبي ) ثم ( بيست ) ...  حسنًا ... وباختصار شديد ... يجب العودة إلى الهوية الحقيقية دون أن نتحول إلى وعاء، أو على الأقل أن نستسلم لكوننا وعاءً دون استهلاك كل شيء .. بواقع رضانا بالمرض بعد أن لمسنا الموت!! .

 

 

 


مشاهدات 52
الكاتب علي حجارة
أضيف 2025/12/17 - 3:43 PM
آخر تحديث 2025/12/18 - 3:00 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 178 الشهر 13041 الكلي 12996946
الوقت الآن
الخميس 2025/12/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير