الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
بين‭ ‬عراقين

بواسطة azzaman

بين‭ ‬عراقين

عباس‭ ‬الحسيني‭ ‬

 

في‭ ‬المبحث‭ ‬الوجودي‭ ‬لا‭ ‬يعول‭ ‬جهابذة‭ ‬السياسة‭  ‬والجيو‭-‬بوليتيكو‭ ‬على‭   ‬مفهوم‭ ‬الوطن‭ ‬الأم،‭ ‬قدر‭ ‬ترميزهم‭ ‬وتركيزهم‭ ‬على‭ ‬الارتكاز‭ ‬الإنساني‭ ‬المؤسس‭ ‬لكينونة‭ ‬البلاد‭ ‬والذي‭ ‬يشكل‭ ‬وينمذج‭ ‬هويتها،‭ ‬ضمن‭ ‬هويات‭ ‬أبنائها،‭ ‬نعم‭ ‬جميع‭  ‬هوياتهم‭ ‬والتي‭ ‬تشكل‭ ‬بدورها‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ‭ ‬النسق‭ ‬الموروث‭ ‬لمفهوم‭ ‬ووجودية‭ ‬تلك‭ ‬البلدان‭. ‬ولأن‭ ‬الشرق‭ ‬هو‭ ‬مهد‭ ‬التشكيلات‭ ‬الأولى‭ ‬فقد‭ ‬حفلت‭ ‬الشرائح‭ ‬النمطية‭ ‬للسكان‭ ‬بالتنوع‭ ‬والتنافر،‭ ‬عادة‭ ‬تارة،‭ ‬وبالتماهي‭ ‬والتجاذب‭ ‬في‭ ‬تارة‭ ‬أخرى‭. ‬ولم‭ ‬يضع‭ ‬علماء‭ ‬الاجتماع‭ ‬المعاصرون‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬من‭ ‬أمثال‭ ‬د‭. ‬علي‭ ‬الوردي‭ ‬والدكتور‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬الدوري‭ ‬والمفكر‭ ‬ناجي‭ ‬التكريتي‭ ‬وغيرهم‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬القانون‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والقواعد‭ ‬المسلم‭ ‬بها‭ ‬،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬جهود‭ ‬جان‭ ‬جاك‭ ‬روسو‭ ‬وأوغست‭ ‬كونت‭ ‬،‭ ‬بسبب‭ ‬محظور‭ ‬الخطاب‭ ‬وغياب‭ ‬آلية‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬النسق‭ ‬الاجتماعي‭ ‬،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬أنتجها‭ ‬مفكرون‭ ‬عراقيون‭ ‬متميزون‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬فألح‭ ‬عبد‭ ‬الجبار‭ ‬ود‭. ‬حيدر‭ ‬سعيد‭ ‬والتي‭ ‬تمر‭ ‬مرور‭ ‬الكرام‭ ‬على‭ ‬النخب‭ ‬المثقفة‭ ‬دون‭ ‬تقدم‭ ‬،‭ ‬او‭ ‬تقعيد‭ ‬لمفاهيم‭ ‬عظمى‭ ‬في‭ ‬العقد‭ ‬الاجتماعي

حيث‭ ‬أصبحت‭ ‬دراسات‭ ‬المجتمعات‭ ‬والنخب‭ ‬والاتجاهات‭ ‬والانحدارات‭ ‬الثقافية‭ ‬للبلدان‭ ‬الهم‭ ‬الأكبر‭ ‬وذات‭ ‬النصيب‭ ‬الأعظم‭ ‬في‭ ‬دراسات‭ ‬الغرب‭ ‬والعالم‭ ‬اجمع‭ ‬

ان‭ ‬حرمان‭ ‬المفكرين‭ ‬ودارسي‭ ‬العلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬والعيش‭ ‬الكريم‭ ‬جعل‭ ‬اغلب‭ ‬الأكاديميين‭ ‬يتجهون‭ ‬إلى‭ ‬التخصص‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬الطبيعية‭ ‬والتكنولوجية‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬لقمة‭ ‬كريمة‭ ‬ومكانة‭ ‬اجتماعية‭ ‬،‭ ‬بعيدا‭ ‬اختيارات‭ ‬الدراسات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬يحتاجها‭ ‬العراق‭ ‬اليوم‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬ذي‭ ‬قبل‭ ‬،

‭ ‬ان‭ ‬اغلب‭ ‬الممارسات‭ ‬الدينية‭ ‬والشعبية‭ ‬وذات‭ ‬الطابع‭ ‬التقليدي‭ ‬بقيت‭ ‬متخلفة‭ ‬وبدائية‭ ‬،‭ ‬إذا‭ ‬صح‭ ‬التعبير‭ ‬لافتقادها‭ ‬إلى‭ ‬التهذيب‭ ‬الفكري‭ ‬والتعمق‭ ‬التاريخيّ‭ ‬وضرورات‭ ‬اعادة‭ ‬بلورة‭ ‬الأهداف‭ ‬والأحداث‭ ‬التاريخية‭ ‬كنسق‭ ‬مؤسّس‭ ‬للحاضر‭ ‬وللمستقبل‭ ‬المنشود‭ ‬لشعب‭ ‬يتنوع‭ ‬اثنيا‭ ‬ويفترق‭  ‬شعائريا‭ ‬،‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬التفريق‭ ‬هنا‭ ‬بين‭ ‬الشعائر‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬علنا‭ ‬وبين‭ ‬الطقوس‭ ‬التي‭ ‬تمارس‭ ‬سريا‭ ‬،

‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬التفريق‭ ‬بين‭ ‬العينات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬عبر‭ ‬ممراتها‭ ‬التأويلية‭ ‬التاريخية‭ ‬وبما‭ ‬تأتي‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬ثمار‭ ‬ضارة‭ ‬او‭ ‬نافعة‭   ‬وبين‭ ‬مسارات‭ ‬التوفيق‭ ‬بين‭ ‬عشوائيات‭ ‬الاجترار‭ ‬التاريخيّ‭ ‬،‭ ‬بسبب‭ ‬غياب‭ ‬التنفيس‭ ‬المعاصر‭ ‬وضمن‭ ‬بلورة‭ ‬فلسفية‭ ‬وفكرية‭ ‬تعيد‭ ‬صياغة‭ ‬النهج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬المؤثر‭ ‬

تفتقر‭ ‬الكتابات‭ ‬العراقية‭ ‬المعاصرة‭ ‬إلى‭ ‬التأصيل‭ ‬والى‭ ‬التأثير‭ ‬الفعال‭ ‬في‭ ‬النخب‭ ‬العراقية‭ ‬مع‭ ‬سلبيات‭ ‬المد‭ ‬التكنولوجي‭ ‬المتمثل‭ ‬بمواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وما‭ ‬تتركه‭ ‬من‭ ‬آثر‭ ‬سلبية‭ ‬في‭ ‬تشويه‭ ‬التاريخ‭ ‬والفن‭ ‬والأدب‭ ‬وبنيوية‭ ‬الخطاب‭ ‬الاجتماعي‭ ‬

وإذًا‭ ‬يمتد‭ ‬الخطاب‭ ‬الديني‭ ‬اليوم‭ ‬بصفته‭ ‬الخطاب‭ ‬الأقوى‭ ‬والأوحد‭ ‬،‭ ‬فان‭ ‬التقوقع‭ ‬الفكري‭ ‬يحول‭ ‬التفكير‭ ‬العراقي‭ ‬إلى‭ ‬نسق‭ ‬بدائي‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬الأحداث‭ ‬والمجريات‭ ‬والتحديات‭ ‬،‭ ‬وهي‭ ‬مهمة‭ ‬الباحثين‭ ‬الاجتماعيين‭ ‬بصورة‭ ‬شاملة‭ ‬ومهمة‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬حيز‭ ‬إعلامي‭ ‬واسع‭ ‬النطاق‭ ‬لذوي‭ ‬التخصص‭ ‬وغرس‭ ‬النهج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الإيجابي‭ ‬كحل‭ ‬ناجع‭ ‬أمثل‭ ‬للتوحيد‭ ‬ولم‭ ‬شمل‭ ‬المجتمع‭ ‬العراقي،‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬التشظي‭ ‬والتناحر‭ ‬والاختلاف‭ ‬والتباين‭ ‬وعلى‭ ‬جميع‭ ‬المستويات‭ ‬

النسق‭ ‬الاحتمالي‭ ‬المقترح‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬بداية‭ ‬لولادة‭ ‬نظرية‭ ‬اجتماعية‭ ‬عراقية‭ ‬خالصة‭ ‬وحسب‭ ‬،‭ ‬با‭ ‬سيكون‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬فهم‭ ‬ادق‭ ‬وأكثر‭ ‬شمولية‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تحديات‭ ‬الواقع‭ ‬العراقي‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬بالتحول‭ ‬إلى‭ ‬البناء‭ ‬وحمل‭ ‬الأفراد‭ ‬على‭ ‬السكن‭ ‬والتنقل‭ ‬ضمن‭ ‬مجتمعات‭ ‬حداثوية‭ ‬الهياكل‭ ‬لكنها‭ ‬بدائية‭ ‬التفكير‭ ‬والتصور‭ ‬والتأمل‭ ‬

يمكن‭ ‬للتاريخ‭ ‬العراقي‭   ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬سيد‭ ‬المواقف‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬منطلقا‭ ‬حقيقيا‭ ‬للتحول‭ ‬في‭ ‬العقد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬العراقي‭ ‬وعلى‭ ‬أيدي‭ ‬نخب‭ ‬مثقفة‭ ‬فاعلة‭ ‬وحقيقية‭ ‬الإنجاز‭ ‬والتفاعل‭ ‬والإبداع‭ ‬

 


مشاهدات 70
الكاتب عباس‭ ‬الحسيني‭ ‬
أضيف 2025/02/08 - 3:08 PM
آخر تحديث 2025/02/08 - 6:00 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 402 الشهر 4215 الكلي 10399586
الوقت الآن
السبت 2025/2/8 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير