الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الذكاء‭ ‬الدبلوماسي بين‭ ‬النفاق‭ ‬والاتفاق

بواسطة azzaman

الذكاء‭ ‬الدبلوماسي بين‭ ‬النفاق‭ ‬والاتفاق

نزار محمود

يتميز‭ ‬عمل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الصفات،‭ ‬ويتطلب‭ ‬استعدادات‭ ‬معينة‭ ‬ومهارات‭ ‬مهنية‭ ‬تدعمها‭ ‬ثقافة‭ ‬عامة‭ ‬وخاصة‭ ‬عن‭ ‬بلده‭ ‬وبلدان‭ ‬من‭ ‬يتعامل‭ ‬معهم،‭ ‬وقبل‭ ‬هذا‭ ‬وذاك‭ ‬رهافة‭ ‬حس‭ ‬وذكاء‭ ‬ميداني‭ ‬وسرعة‭ ‬بديهة‭ ‬ولغة‭ ‬مفهومة‭ ‬ومؤثرة‭ ‬بالنص‭ ‬أو‭ ‬التلميح‭. ‬وبقدر‭ ‬حرص‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬مصالح‭ ‬بلده،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يمتلك‭ ‬كذلك‭ ‬القدر‭ ‬الكافي‭ ‬من‭ ‬ثقة‭ ‬الآخرين‭ ‬به،‭ ‬أصدقاء‭ ‬وحتى‭ ‬أعداء‭!‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬الصفات‭ ‬المتميزة‭ ‬كذلك‭ ‬هي‭ ‬قوة‭ ‬الشخصية‭ ‬في‭ ‬ضبط‭ ‬انفعالات‭ ‬النفس‭ ‬وعدم‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬دواخل‭ ‬العقل‭ ‬بما‭ ‬يفضي‭ ‬الى‭ ‬الاستفادة‭ ‬منها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬من‭ ‬يبغي‭ ‬الأذية‭ ‬لبلده‭.‬

وتبقى‭ ‬هناك‭ ‬أشكال‭ ‬المظهر‭ ‬وطرائق‭ ‬التصرف‭ ‬بالحديث‭ ‬والاحترام‭ ‬والتواصل‭ ‬البروتوكولي‭ ‬وقواعد‭ ‬موائد‭  ‬الطعام‭ ‬وصالات‭ ‬الاحتفالات‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬مناسبات‭.‬

أعود‭ ‬تحديداً‭ ‬الى‭ ‬مسألتي‭ ‬النفاق‭ ‬والاتفاق‭ ‬في‭ ‬اطار‭ ‬الذكاء‭ ‬الدبلوماسي‭.‬

يخطىء‭ ‬من‭ ‬يعتقد‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬“الشطارة‭ ‬“‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬أن‭ ‬يتصرف‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬كتاجر‭ ‬جنطة‭ ‬رخيص‭! ‬فالدبلوماسية‭ ‬ليست‭ ‬خداعاً‭ ‬ولا‭ ‬صفقة‭ ‬“اخطف‭ ‬واجري”‭ ‬وليس‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬بالبياع‭ ‬وماشي،‭ ‬وانما‭ ‬هي‭ ‬مهمة‭ ‬سامية‭ ‬وأمانة‭ ‬شعب‭ ‬ودولة‭ ‬في‭ ‬عنق‭ ‬ذلك‭ ‬الدبلوماسي‭. ‬كما‭ ‬انها‭ ‬ليست‭ ‬“فهلوة”‭ ‬نفاق‭ ‬يعتقد‭ ‬صاحبها‭ ‬أنه‭ ‬الشاطر‭ ‬حسن،‭ ‬وانه‭ ‬قد‭ ‬“لعب”على‭  ‬من‭ ‬قابله‭ ‬من‭ ‬دبلوماسيي‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭. ‬لقد‭ ‬نسي‭ ‬ذلك‭ ‬المغفل‭ ‬ان‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬دبلوماسيي‭ ‬الدول‭ ‬الاخرى‭ ‬من‭ ‬الذكاء‭ ‬والمعرفة‭ ‬ما‭ ‬يصعب‭ ‬على‭ ‬الكثيرين‭ ‬الضحك‭ ‬عليهم‭ ‬أو‭ ‬استغفالهم‭. ‬وغالباً‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يبدون‭ ‬أولئك‭ ‬الدبلوماسيين‭ ‬اشمئزازهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬النفاق،‭ ‬لكنهم‭ ‬قد‭ ‬رصدوه‭ ‬وفهموه‭. ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬يقدرون‭ ‬أولئك‭ ‬الدبلوماسيين‭ ‬صدق‭ ‬المواقف‭ ‬وشجاعتها‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المهذبة‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬اختلفوا‭ ‬مع‭ ‬أصحابها‭.‬

ان‭ ‬الدبلوماسيين‭ ‬الذين‭ ‬يسعون‭ ‬الى‭ ‬توافق‭ ‬واتفاق‭ ‬بين‭ ‬دولهم‭ ‬والدول‭ ‬الأخرى‭ ‬انما‭ ‬يحرصون‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬ذكائهم‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ذلك‭ ‬دون‭ ‬الانزلاق‭ ‬الى‭ ‬نفاق‭ ‬رخيص‭.‬

ولعمري‭ ‬ان‭ ‬للذكاء‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬الذي‭ ‬ينجح‭ ‬الى‭ ‬الاتفاق‭ ‬وخدمة‭ ‬مصالح‭ ‬البلد‭ ‬وتطوير‭ ‬علاقاته‭ ‬إنما‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬كثيرة،‭ ‬جرى‭ ‬التلميح‭ ‬اليها،‭ ‬منها‭:‬

‭- ‬لاستعداد‭ ‬الشخصي‭ ‬لهذه‭ ‬المهنة‭ ‬المتميزة‭ ‬في‭ ‬مهامها‭ ‬التواصلية‭ ‬والتفاوضية‭ ‬والاقناعية‭.‬

‭- ‬التهيؤ‭ ‬المعرفي‭ ‬والمهني‭ ‬والثقافي‭ ‬للنجاح‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬هذه‭ ‬المهمة‭.‬

‭- ‬الارتقاء‭ ‬بالذوق‭ ‬الجمالي‭ ‬في‭ ‬ادارة‭ ‬الاحاديث‭ ‬والمراسلات‭ ‬واللقاءات‭ ‬والمفاوضات‭.‬

برلين،‭ ‬19‭.‬10‭.‬2024


مشاهدات 256
الكاتب نزار محمود
أضيف 2024/10/26 - 12:16 PM
آخر تحديث 2024/11/24 - 4:37 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 341 الشهر 10259 الكلي 10053403
الوقت الآن
الأحد 2024/11/24 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير