في بلاد الرافدين.. الطيور المهاجرة بين الأمس واليوم
قاسم معمار
- ان حكمة الخالق العزيز كبيرة وعظيمة في شأن خلقه (الانسان، الحيوان، النبات) وينصب حديثنا اليوم على سر ماهية نوع من الطيور المهاجرة التي عرفناها منذ مئات السنين وديعة عارفة مسكنها في سقوف دورنا في المدن والقرى والمحلات العامة تبدأ رحلتها الينا من اكثر مناطق جنوب شرقي آسيا قاطعة الالاف من الاميال جواً من سماتها القوة وثقب البصر والذكاء والتحمل والمسلكية الجماعية للذهاب والاياب لا يفترق الواحد عن الكل .. حباها رب العالمين صحة وجمالاً والواناً براقة والفة سريعة مع الساكنين قرب بيوتها..
- فمنذ الخمسينات تفتحت ابصارنا على تلك الموجات المهاجرة من الطيور وبأصواتها الغريدة تحل علينا ضيفاً اليفاً ومن هذه الطيور التي غابت عنا منذ عشرات السنين اضحت اليوم في خبر كان لم يعرفها او يسمع عنها الجيل الحالي . هي طيور السند والهند الذي تدخل بيوتنا دون استئذان بتغريداتها الجميلة كي تبني عشها في ايام قلائل من حبات الطين والاحراش والاعشاب الصغيرة .. فهي صاحبة اللون الاسود الداكن الجميل تمكث اشهرا كي تتزاوج وتبيض وتفقس ثم تعود الى بلدها ..
سطوح مرتفعة
- وهنالك مجاميع من طيور اللقالق البيضاء الجميلة الكبيرة الحجم التي تعطي اصواتاً هزارية جميلة كي تتخذ من السطوح المرتفعة والبنايات الشاهقة مساكن لها تبدأ صباحاً يجلب غذائها من البساتين والانهر القريبة وتجمع الاوراق اليابسة لإنشاء الحجرات السكنية لها .
- سبحانك يارب على هذه المعجزات الخليقة طيور مهاجرة سنوياً قاطعة الالاف الاميال في موجات هندسية سهمية ومثلثية منتظمة تبهر الناظرين اتية ومغادرة كأنها تودعنا للعام المقبل
- اما طيور الاهوار والأنهر المهاجرة فأصبحت في خبر كان لم يعد لها وجود بسبب الجفاف والتصحر الذي اصاب هذه الاهوار . فلم يعد هنالك دجاج الماء والحجلة والفلانكو والدراج ذوات الالوان والاشكال الجميلة والاصوات المرحة والمعروفة لدى ساكنيها وهي من ذوات الهجرة الجماعية المنتظمة وهي تعتاش الاسماك الصغيرة والاحراش والحبوب والديدان المائية حتى غدت ائنذاك بغداد الرشيد مرتعاً رابحاً لصياديها واسواقاً رائجة لمحبيها ومتبضعيها دعائنا يارب ان تعود هذه الهبة الااهية الكريمة لهؤلاء الناس الطيبين المعتاشين عليها في اهوارنا في الجبايش والحمار والعدل والحويزة .
- ومن خلال المعايشة الميدانية والسكنية للطيور المهاجرة السند والهند واللقالق ودجاج الماء والزرازير والحجلة والفلانكو وغيرها وجدت ان هنالك معجزة الهية عظيمة في الهيكلية الجسمية لهذه الانواع من الطيور تتمثل في قوة اعصابها وبعد نظرها وصبرها وتحملها مسار الطريق الجوي للطيران وذكائها المفرط في توجهها وعلى هيئة سهم او مثلث شاقاً طريقها بخفة جسمها وصلابة اجنحتها وقوة توازنها.اما فصيلة الخفاش من انواع الطيور المهاجرة قد تكون مفقودة المشاهدة الا ماندر لها سكناها في محاجر الابنية المهجورة وهي العمياء صباحاً في سبات وطليقة الحركة مبصرة عند الغروب والمساء بصوتها الاجش وشكلها المقرف ليونة تولد وتكاثر بسرعة . تتمتع بخاصية سرعة الحركة والطيران وصعوبة الامساك بها ضررها يمكن في شكلها ولونها ولذا سمي بخفاش الليل .. ان ارض الرافدين منذ سنين طوال كانت مرتعاً خصياً لايواء انواعاً كثيرة من الطيور المهاجرة تلائماً مع الظروف الطبيعية المشجعة لها على البقاء اشهر محدودة ثم العودة الى بلدانها الاصلية وخاصة في جنوب شرقي آسيا.