فاتح عبد السلام
شرعت سوريا “الجديدة” نحو مشروع مختلف كلياً لم تعهده منذ استقلالها في القرن الماضي، وهو المشروع التنموي التحالفي الاقتصادي العربي والدولي، في عبارة مجملة.
ليس هناك أي وقت لكي يجري استهلاكه في شعارات محلية أو مستوردة، ذلك زمن انتهى، زمن العبودية لشعار سياسي استبدادي تختفي وراءه خطط حاكم ومجموعة مستفيدة من اقبية الاضطهاد، في حين انّ الشعب كله يعيش تحت سقف القمع الابدي.
مشروع تحديث سوريا وتحويلها الى قيمة فعلية اعتبارية في الاقتصاد والتنمية بالشرق الأوسط هو الضمانة الوحيدة لانتشالها من المأساة، ويمر من خلال ثلاثة مداخل تركية وقطرية وسعودية، وعبرها سيكون البناء وإعادة الاعمار، والاهم هو إعادة تأهيل سوريا من عملتها الوطنية الى تمثيلها بالمؤسسات والمنظمات الدولية الإنتاجية الفاعلة.
سوريا في الحقبة المظلمة الدموية السابقة لم تعرف حركة خارجية الا من خلال دولتين محاصرتين هما روسيا وإيران، ليس بالعقوبات الدولية فحسب وانما في المفاهيم التي تنتجها هاتان الدولتان في سياق معاداة أي طرف لا يكون على خطيهما.
سوريا تدرك اليوم موقعها الاستراتيجي الحاسم، فهي تربط بين السعودية وقطر وعموم الخليج من جهة، وتركيا المطلة على الفضاء الأوربي من جهة أخرى. اذ تصنع سوريا من دون أي خطط مسبقة طريق التنمية الجديد الخاص بها الذي ستتضاءل أمامه طرق أخرى سبق الإعلان عنها.
البلد لا يتحرر فقط من فروع المخابرات التي تستبيح الشعب وتحمي تجار المخدرات، فذلك ادنى عمليات التحرر، ولكن الأصل هو الانطلاق نحو افق المستقبل لبناء بلد فيه كرامة للإنسان ومستقبل اطفاله من دون فساد أو دولة عميقة.
لم تستهلك سوريا الوقت او تضيعه وانما يجري توظيفه توظيفاً سريعاً لتحقيق نتائج عاجلة، فهي تدرك ما يجب ان تقوم به، لذلك نراها تذهب نحو أهدافها الأساسية في إقامة علاقات الشراكة المصيرية في الاقتصاد والأمن والطاقة ومن ثم السياسات، مع دول في الخليج ادركت انّ مصالح شعوبها أولوية وانّ مشاريع الآخرين ليست لهم، لذلك لا يعنون بها.
العلاقة السورية مع العرب، ليست خطوة تكتيكية لعبور مضيق أو تجنب عاصفة أو كسب الوقت كما كان النظام السوري السابق يتعامل مع الانفتاح العربي لتصحيح مسار سوريا، وهو الامر الذي لم يكن ليتحقق مع مواصفات سياسية واعتبارية معروفة كانت من نتاج التأثيرين الإيراني والروسي وشبكة المصالح الداخلية لمصّاصي دم الشعب السوري ووكلاء المنظمات السرية.