ولدنا زهير في ألمانيا
ضرغام الدباغ
خلال فترة عملي كمستشار وكقائم بالأعمال المؤقت، في سفارة الجمهورية العراقية في برلين بين 1975 / 1979، تصادف أن عملت لمدة 3 سنوات مع المرحوم السفير زهير البيرقدار. وكنا على علاقة زمالة وصداقة ممتازة، لذلك كانت وتيرة العمل بمستوى جيد جداً، في وقت كانت العلاقات على كافة الصعد مع ألمانيا الديمقراطية كبيرة ورائعة وتحتاج لمتابعة دقيقة. ما أريد قوله هنا في هذه الخاطرة، أن المرحوم زهير البيرقدار كان قد تلقى دراسته الجامعية في ألمانيا منذ أواسط الخمسينات وعاش وعمل في ألمانيا حتى 1970، وبالطبع كان يتقن الألمانية بدرجة ممتازة. والطريفة هنا هو أن والدته أرسلت له رسالة، كتبها أحد جيرانها بدمشق، ولما سألها كاتب الرسالة عن العنوان، قالت أكتب “ ولدنا زهير في ألمانيا “ وباللغة العربية.
والرسالة وضعت في حقيبة رسائل ألمانيا بدمشق دون مشكلة، وفي ألمانيا قرأ موظفوا البريد العنوان باللغة العربية، وهناك قاعدة أن لا شيئ في البريد يقذف في سلة المهملات، لذلك ترجموا المكتوب على الظرف وكان “ ولدنا زهير في ألمانيا “، وهنا فتش الموظفون الألمان بين العناوين السورية عن شخص أسمه زهير وكان هناك بضعة أشخاص، ولقبه بيرقدار ولم يكن سوى شخص واحد وهو صديقنا صاحب الطرفة، ووصلته الرسالة مع الرجاء أن يكتب العنوان في المرة القادمة ...!
أردت بهذه الطرفة أن أحي ذكرى صديقنا زهير البيرقدار أولاً، وأن أنوه أن البريد الألماني رائع جداً والناس يعتمدون عليه كلياً في مراسلاتهم مع الدوائر الحكومية، ومع عناوين داخل ألمانيا وخارجها. البريد هنا مؤسسة كبيرة ... تقوم بخدمات يصعب تصورها . ذات يوم، أرسلت رسالة لصديق دانمركي في كوبنهاغن، وضعتها في صندوق البريد في نحو الساعة 14،00، وصباح اليوم التالي أتصلت هاتفيا بصديقي، وأخبرته بأني أرسلت له رسالة فليترقبها، ودهشت حين أجابني، أن الرسالة أمامه وقد قرأها ...!في بلد ما، إذا كان البريد مضبوط بدقة متناهية، وطرق المواصلات في المدن وخارجها بأنواعها دقيقة، وإذا كان الهاتف أمر بسيط ومضبوط، وكذلك إمدادات الماء والطاقة و ...و .... و ... سيكون هناك شعب مجد منتج ... وهذا هو جوهر الأمر مع تفصيلات أخرى والأشياء متكاملة بالطبع.