لا تقطعوا سبيل المعروف

حسين الصدر

 

-1-

اقتراض ذوي الحاجات للمال سداً لحاجاتهم ليست أمراً حديثَ الظهور وانما هو أمر معروف منذ زمن بعيد .

-2-

وتحاشيا للربا والمرابين يَبْحَثُ ذوو الحاجة عمن يُقرضهم ( قرضا حسنا) لوجه الله دون أنْ يكبدهم بالفوائد، وقد يجدون من النبلاء من الاهل او الاصدقاء مَنْ يقرضهم ويَعينهم على قضاء حوائجهم .

-3 –

في الميزان الشرعي :

( الصدقة بعشرة والقرضُ بثمانية عشر )

وقد تعجب حين تعلم انّ القرض أكبر مثوبه من الصدقة ،

ولكن عجبك سيزول حينُ تدرك أنَّ الصدقة قد تقع بيد محتالٍ غيرِ محتاجٍ أما الفرص فلا يقع الاّ في يد محتاج .

-4-

ومن طريف ما قرأتُه مكتوبا في واجهة محل تجاري :

لا تُكَلِفْنِي بِدَيْن

انّما الدَيْنُ ثقيلْ

لعنَ اللهُ أناساً

قطعوا هذا السبيلْ

انّ الذين اقترضوا ولم يسددوا الديْن سببوا عزوفاً عن الإقراض عند الكثير من الذين أغلقوا هذا الباب خشية ضياع اموالهم .

-5-

ان هناك من يُسارع الى الاقتراض وهو عازم على عدم السداد من اول الأمر ، وهؤلاء هم اصحاب الاحتيال ممن لا ورع لهم ولا دين .

ومنهم من يعقد العزم على التهرب من دفع المهر المؤجل الذي كتبه لزوجته .

-6-

وقد تتراكم الديون فيلجأ المدين الى سد الديْن بالديْن .

قال الشاعر :

اذا ما قضيت الديْنَ بالدَيْن لم يكن

قضاءً ولكنْ كان غُرْماً على غُرْمِ

-7-

جاء في التاريخ :

ان الفضل بن العباس الشاعر كان يُسلّف الناسَ ، فاذا حَلَّ مالُه ركب حماراً ووقف على غرمائه قائلا :

بنو عمّنا رُدّوا الدراهم انما

يُفرقُ بَيْنَ الناسِ حبُ الدراهمِ .

-8-

وكتب احدهم الى الدائن الذي أقرضه بقول :

أماطلك العصرين حتى تملّني

وترضى بنصفِ الديْن والأنفُ راغِمُ

فأجابه المُقرض :

ستَعطي برغم مَنك في السجن نادما

وتشقى بطول الحَبْس والحقُّ لازِمُ

-9-

واخيرا لابُدَّ أن نُذَّكِر كل اولئك المتهربين من سداد ما بذمتهم من الديون للاخرين بما روي عن الرسول الاعظم (ص) :

{ نفسُ المؤمن مرتهنة بِدَيْنهِ حتى يقضى }

وبأنه (ص) كان يمتنع من الصلاة على الميت المدين الذي لم يؤد دَيْنَه .

                              -10-

نسأله تعالى أنْ يسهل سداد ديون المدينيين وأنْ يتولانا بلطفه وعنايته وكرمه ولا يحوجنا الى الديون  انّه أرحمُ الراحمين وأسمع السامعين .