إستكشاف العراق من جديد

النعمانية بين الأثار والتاريخ والتراث  الغامض

النعمانية - حمدي العطار

النعمانية  مدينة يلفها الغموض وتنسج حولها الحكايات والقصص غير الحقيقية او حتى الخرافية، احيانا تذكر النعمانية كمحطة او مدينة تمثل دلالالة رمزية ، فهي مدينة كانت مقر للنعمان بن المنذر وهنا يوجد اثر لقصر النعمان وقد كانت النعمانية من أبرز المدن العامرة في العهدين الأموي والعباسي ومن جانب اخر فهي المكان الذي قتل فيه الشاعر ابو الطيب المتنبي وهو الشاعر الذي ولد في الكوفة وانتقل مسافرا الى مدن كثيرة  منها حلب ومصر وايران ، وعندما كان قادما من شيراز سنة 345 هجرية خرج عليه في النعمانية فاتك بن أبي جهل الاسدي فقتله وأخذ ماله! ويفتخر اهالي النعمانية بوجود قبر المتنبي فيها ولا يذكرون انه قتل هنا! ومن التاريخ هناك تسمية تطلق على النعمانية لأهميتها قديما فهي احدى المدن الخمسة التي حكمت العراق قبل الطوفان!

ارض النعمانية رسوبية تكونت مما حمله نهر دجلة وروافدها من طمي وترسبات خلال فترات التاريخ الطويلة ، وكانت النعمانية مغمورة بمياه البحر في العصر الحجري القديم ، وازدهرت النعمانية في العهد العباسي وقال عنها ابن رشد  ان النعمانية مدينة فيها مسجد جامع واسواق والطقائس البحرية ، ومن المعالم في النعمانية الجسر اليوغسلافي تم بنائه من عام 1972- 1979 ، وتضم النعمانية ثلاثة انهر هي (نهر البغلية، نهر ابو جاموس، نهر فارس الخلف) وفي النعمانية مكان يطلق عليه (دير هرقل) الذي يعالج فيه المجانين ، وعندما تمر بإسواق النعمانية تكتشف انها سلة غذائية فيها البساتين والحيوانات والاسماك والتمر والبرتقال والتين والرقي والبطيخ واللوبيا والباذنجان ، والباميا والطماطم  والبصل والثوم والخس ، وموقع النعمانية حلقة الوصل بين منطقتي الفرات الاوسط والجنوب وفيها ساحتين لخزن الحبوب.

قصر تراث المدينة

هذه هو الاسم المتفق عليه والذي اطلقوه اهالي النعمانية على قصر الحاج كريم عبد الحمود الدليمي وهو من وجهاء مدينة النعمانية ، وينسج عن هذا الرجل وقصره  الكثير من القصص غير الموثقة ونحن عند زيارتنا لهذا القصر والدخول الى بعض غرفه ازداد الامر غموضا، فالبعض قال ان صاحب القصر  من السباقين لفعل الخير ،يزور المرضى ، يساعد العوائل المحتاجة دون أن يعلموا على الاخص في سنوات الحصار الاقتصادي، اما عن القصر فيعده البعض تحفة فنية رائعة تم البدء ببناؤه عام 1982 واستمر حتى اكتمل عام 1985 ويسمى (بتراث المدينة ) صاحب القصر غير متزوج وليس لديه ورثة والغريب ان يقولوا بإن اقربائه ميسوري الحال واصحاب أملاك ولديهم دورهم الخاصة ، ويتحدثون وكأن القصر صار ملكا للدولة فيقولون يمكن ان يتحول القصر الى مستشفى او متحف! وهناك من يقول ان القصر يشبه (منظر القبور) وحتى يشككون في تاريخ بناء القصر، يطلقون عليه (قاعة اشباح) من العصور الوسطى !

مكثنا في هذا القصر اكثر من ساعة نتجول في الغرف وكانت تعاني من الاهمال وعدم النظافة وغياب الانارة بسبب انقطاع الكهرباء، يسكن القصر عائلة قد تكون لحراسة هذا القصر لكنهم يبدو انهم اقسموا ان لا ينظفون اية قطعة من الاثات التي تجمع عليها بيوت العنكبوت! ومن الاشياء الغريبة هي غلق بعض الغرف في الطابق العلوي ويحذروننا من الدخول اليها وكان فيها (الجن) ! احدهم قال لي ان الحاج كريم عبد الحمود الدليمي مات مقتولا من قبل خادمه المصري واشار لي على صورة الحاج كريم وبجانبه شاب يقول عنه صاحبنا بإنه الخادم المصري، عندما تدخل الى القصر ترى طبلة كبير ة تشبه طبلة الحرب !حفيدي الصغير مسك المضرب واخذ يضرب في الطبلة لتصدر صوتا غريبا مرعبا!

احد اصحاب مكاتب العقارات قال لي ان تكلفة بناء هذا القصر في عام 1982 بلغت 250 الف دينار اي ربع مليون دينار ! غادرنا هذا القصر المثير للجدل والغامض وقصص الاشـــــــــباح والجن تدور في اذهاننا!