الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
فلسفة سقراط وصناع التفاهة

بواسطة azzaman

فلسفة سقراط وصناع التفاهة

عباس فاضل الموسوي

 

عبر أحد نوافذ مواقع التواصل الإجتماعي بايجابياتها تعرفت على صديق بصراوي، ومن خلال ما يكتبه من موضوعات وتعليقات وجدته يحمل وعيا كبيراً يفوق عمره بتفاعله الحساس مع الأحداث المختلفة، وربما ينطبق عليه المثل الذي كانت تردده دوما الراحلة (د.عواطف) التي درستنا في مرحلة الماجستير وتحديدا في حقبة التسعينات من القرن الماضي، المثل يقول:

(الأكثر وعيا في الحياة هم الأكثر تعبا).

هذه المقدمة تشكل دخولا الى طبيعة تفاعل الناس مع منشورات الفيسبوك، اذ من المستغرب ان يحظى سؤال ساذج  يقول (اشطابخين اليوم ؟) بالاف التعليقات.

صديقي البصراوي بعث لي بحكاية بطلها الفيلسوف سقراط تجيب عن استغرابي،اليكم نص الحكاية:

‏اعتاد سقراط ان يقف على حجر كبير في زاوية السوق، وإلقاء خطب عامة حول مواضيع مهمة في الحياة والفلسفة، وكان الناس في السوق يمرون ويستمعون لبضع دقائق ثم يغادرون، ولم يبدوا الكثير من الاهتمام لفلسفته،،عندما لاحظ أنَّ الناس لا يُولون الكثير من الاهتمام لفلسفته، قرر سقراط أن يجرب شيئًا مختلفًا، فأعلن للجمهور أنه سيروي قصة شيقة للغاية، أولئك الذين سمعوا إعلانه اقتربوا بفارغ الصبر لسماع قصته وبدأ قصته هكذا:كان هناك تاجر لديه الكثير من البضائع للبيع، وقرر الذهاب إلى مدينة أخرى أكبر لبيعها، حزم بضاعته وحملها على كتفه وغادر قبل الفجر، كان الطريق الوحيد إلى المدينة يتطلب منه أن يتسلق جبلًا كبيرًا، وبينما كان يسير، وجد رجلاً آخر بحمار متجه إلى نفس المدينة، مشيا معًا وأصبحوا أصدقاء، ثم طلب التاجر من الرجل الآخر أن يؤجر حماره ليحمل بضاعته حتى تصل إلى المدينة الأخرى، وافق الرجل على ذلك مقابل مبلغ معين من المال، في هذه المرحلة، وجد سقراط أنَّ جمهورًا أكبر قد تجمع حوله للاستماع إلى القصة، وكثير من الناس ينسون واجباتهم أثناء الاستماع إلى قصته، الأشخاص الذين اعتادوا القدوم والمغادرة في غضون بضع دقائق، نسوا أيضًا أعمالهم وظلوا في اماكنهم للاستماع إلى القصة، تابع سقراط قصته قائلاً: كان يتوجب عليهم تسلق جبل شديد الانحدار للوصول إلى وجهتهم، وضع التاجر بضاعته على الحمار وبدأوا بالخروج في الصباح، كان من السهل المشي في الصباح، مع تقدم اليوم، أصبح من الصعب عليهم تسلق الجبل، كانوا يتعرقون ويتعبون بشدة، عندما أشرقت الشمس فوق رؤوسهم، قرروا أخذ قسط من الراحة، كان لدى سقراط الآن المزيد من الناس مجتمعين حوله، ويستمعون بفارغ الصبر إلى قصته فأكمل قصته وهو يقول: كان الوقت ظهرا وكانوا متعبين، قرروا أخذ قسط من الراحة، لكن لم تكن هناك أشجار أو ظل يمكنهم الجلوس والراحة تحته، لم يكن هناك سوى ظل الحمار الذي يحمل البضائع، تحت ظل ذلك الحمار، كان هناك مكان لرجل واحد فقط، أخبر صاحب الحمار التاجر أنَّ ظل الحمار له لأنه صاحب الحمار، لكن التاجر اختلف قائلاً إنه استأجر الحمار فيكون له ظل الحمار، قال صاحب الحمار إنه يؤجر الحمار فقط، وليس الظل، لكن التاجر قال إنه عندما استأجر الحمار، كان ذلك يشمل ظل الحمار، دخل الرجلان في جدال شرس من أجل ظل الحمار، كلاهما جادل بأنه يخصه قانونا، عند هذه النقطة: كان هناك حشد كبير جدًا حول سقراط، ثم نزل من على الحجر حيث كان واقفًا ومشى بعيدًا، تبعه الناس وطلبوا استكمال القصة، تظاهر بعدم الانتباه لهم واستمر في المشي، كان الناس يتابعونه ويطلبون منه إكمال القصة أكثر، ضغطوا عليه بشدة حتى يقص عليهم نهاية القصة، فتوقف عن المشي والتفت إليهم وقال:كنت أتحدث إليكم أيها الناس عن أشياء مهمة وخطيرة مثل الحياة والفلسفة، لكنكم لم تعيروا أي اهتمام، لكن عندما بدأت في سرد قصة خيالية عن حمار وظلّه، أصبحتم متشوقين جدًا للاستماع، أنتم تهتمون أكثر بالأشياء السخيفة وتتجاهلون الأشياء المهمة في الحياة !

في بلدي العديد من المبدعين ممن يحملون هم سقراط وفلسفته وبالمقابل هناك الآلاف من صناع التفاهة تبوأوا المشهد اليومي لبلد يراد له الموت.

مارأيكم؟

تحية لصديق البصراوي ومدينته السمراء.

 

 


مشاهدات 459
الكاتب عباس فاضل الموسوي
أضيف 2023/11/28 - 4:25 PM
آخر تحديث 2024/09/26 - 7:59 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 1067 الشهر 39624 الكلي 10028246
الوقت الآن
الجمعة 2024/9/27 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير