الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حق‭ ‬المواطن‭ ‬في‭ ‬التفاهة‭ 

بواسطة azzaman

حق‭ ‬المواطن‭ ‬في‭ ‬التفاهة‭ 

كريم صويح

 

وأنت‭ ‬ترى‭ ‬وتسمع‭ ‬النقاشات‭ ‬والجدالات‭ ‬وحجم‭ ‬الشتائم‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والإعلام‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬المواضيع‭ ‬السياسية،‭ ‬الفكرية،‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬الزراعية،‭ ‬الرياضية،‭ ‬حتى‭ ‬صار‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬هبّ‭ ‬ودبّ‭ ‬يتحدث‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬بنفس‭ ‬الطريقة‭ ‬ونفس‭ ‬اللغة‭ ‬ونفس‭ ‬الضحالة‭. ‬

وأنت‭ ‬تشاهد‭ ‬بعض‭ ‬المحللين‭ ‬السياسيين‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬المواقف‭ ‬المتغيرة‭ ‬حسب‭ ‬القنوات‭ ‬المستضيفة‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يدفع‭ ‬لهم‭ ‬من‭ ‬أموال،‭ ‬تعتقد‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬حد‭ ‬فاصل‭ ‬بين‭ ‬الهزل‭ ‬والسطحيات‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬والجد‭ ‬والعمق‭ ‬الفكري‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭. ‬

وأنت‭ ‬تسمع‭ ‬وترى‭ ‬حجم‭ ‬الفساد‭ ‬والكذب‭ ‬والنتائج‭ ‬المضللة‭ ‬والضحك‭ ‬على‭ ‬الذقون‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬مجالات‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ (‬الأسواق،‭ ‬الشوارع،‭ ‬التجارة،‭ ‬الإعلانات،‭ ‬المؤسسات‭ ‬الحكومية‭ ‬والاهلية‭)‬،‭ ‬تشك‭ ‬أنك‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬العلم‭ ‬والمعرفة‭ ‬والتكنولوجيا،‭ ‬بل‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬افتراضي‭ ‬هزلي‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬أي‭ ‬إنسان‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬تافها‭. ‬

عندما‭ ‬ترى‭ ‬حجم‭ ‬التدليس‭ ‬السياسي‭ ‬والشعارات‭ ‬المرفوعة‭ ‬زورا‭ ‬باسم‭ ‬الدين‭ ‬والمذهب‭ ‬والقومية‭ ‬والوطن‭ ‬والديمقراطية‭ ‬والدستور‭ ‬تصاب‭ ‬بخيبة‭ ‬أمل‭ ‬ويغمرك‭ ‬اليأس‭ ‬بتغير‭ ‬الواقع‭ ‬المرير‭. ‬

بعد‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬وأكثر‭ ‬أصبحنا‭ ‬نعتقد‭ ‬به‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬الحقوق‭ ‬الأساسية‭ ‬للعراقيين‭ ‬هي‭ “‬الحق‭ ‬في‭ ‬التفاهة‭ ‬والسفاهة‭”‬،‭ ‬وربما‭ ‬نطلب‭ ‬من‭ ‬البرلمان‭ ‬تشريع‭ ‬ذلك‭ ‬بقانون‭ ( ‬يحقّ‭ ‬لكل‭ ‬عراقي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬تافها‭ ‬وسفيها‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتمّ‭ ‬وصمُه‭ ‬أو‭ ‬السخرية‭ ‬منه،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬واجب‭ ‬الحكومة‭ ‬والمجتمع‭ ‬وكل‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬تمكينه‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الحقّ‭ ‬المشروع‭ ‬كبقية‭ ‬الحقوق‭ ‬مثل‭ ‬حقه‭ ‬بالتعليم‭ ‬والصحة‭ ‬والعيش‭ ‬الكريم‭..). ‬

لقد‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬أن‭ ‬يعترف‭ ‬المثقفون‭ ‬أنهم‭ ‬مخطئون‭ ‬في‭ ‬مواقفهم‭ ‬السابقة‭ ‬حول‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬التفاهات‭ ‬وتعظيم‭ ‬السفاهات،‭ ‬كما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬رواية‭ “‬الشحاذ‭” ‬لنجيب‭ ‬محفوظ‭ (‬حق‭ ‬متعبي‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬التسلي‭ ‬بالتفاهة‭ ‬والسفاهة‭)‬،‭ ‬لأن‭ ‬معظم‭ ‬المثقفين‭ ‬بقوا‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة‭ ‬أسيروا‭ ‬فكرة‭ ‬مسبقة‭ ‬وضيقة‭ ‬تحط‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬التافهين‭ ‬والسفهاء،‭ ‬ولم‭ ‬يكتشفوا‭ ‬الحقيقة‭ ‬الا‭ “‬بعد‭ ‬رحيل‭ ‬العمر‭” ‬بأنهم‭ ‬على‭ ‬خطأ‭ ‬كبير،‭ ‬وسيعملون‭ ‬جميعا‭ ‬أن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬تلافي‭ ‬ذلك،‭ ‬عبر‭ ‬دعم‭ ‬حقوق‭ ‬التافهين‭ ‬والتافهات‭ ‬والسفهاء‭ ‬والسفيهات،‭ ‬وسيخصصون‭ ‬حيزا‭ ‬مهما‭ ‬من‭ ‬وقتهم‭ ‬ومقالاتهم‭ ‬ومؤلفاتهم‭ ‬وجهودهم‭ ‬لتكريس‭ ‬ذلك‭ ‬مستقبلا‭. ‬

 

ربما‭ ‬يأتي‭ ‬يوم‭ ‬نحتفي‭ ‬ونقدم‭ ‬الجوائز‭ ‬فيه‭ ‬لأفضل‭ ‬التافهين‭ ‬والسفهاء‭ ‬من‭ ‬كلا‭ ‬الجنسين‭ ‬لمن‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬والمسؤولية‭ ‬والفن‭ ‬والثقافة‭ ‬والتعليم‭ ‬والطب‭ ‬والرياضة‭ ‬والطبخ‭ ‬والإعلانات‭ ‬التجارية‭. ‬

‭  ‬

طبيب‭ ‬عراقي‭ ‬


مشاهدات 615
الكاتب كريم صويح
أضيف 2023/11/23 - 10:36 AM
آخر تحديث 2024/07/16 - 5:36 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 258 الشهر 7826 الكلي 9369898
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير