القراءة زاد المعرفة
مؤيد الصالحي
إقامة معارض الكتاب هنا و هناك ، و حجم المشاركة الفردية و الجماهيرية ، تعيد إلى الذاكرة أهمية الكتاب في حياتنا اليومية ، نحن الجيل الذي كان همه الوحيد اقتناء الكتب من أجل قراءتها ، في ستينيات و سبعينيات و ثمانينيات القرن الماضي .
و شخصيا أعتبرها الفترة الذهبية لانعاش الآداب و الفنون ، و مغزاها في حياتنا و ثمرتها فيما يعرف عنا اليوم ، و عبر صفحات التواصل الاجتماعي ، و منتديات التعارف و الدردشة ب : ( جيل الطيبين ) ، حيث كانت بيوتنا لا تخلو من الكتب ، فهي عامرة بالمكتبات الكبيرة و المتواضعة ، و حتى كان هناك مكتبات عامة عديدة في بغداد و بقية المحافظات ، يرتادها الطلبة و الدارسين ، لاشاعة المعرفة ، تشجيعا للشباب و دفعه للقراءة ، و تسهيل الحصول على الكتب و المجلات و مختلف الدوريات ، تلك المكتبات كانت زاخرة بمئات الالاف من العناوين المبوبة التي تجعل اي باحث يعيش في حيرة من أنتقاء افضل المصادر .
فقد لعب الكتاب دورا مهما في تحديات و نجاحات تلك المرحلة في التعامل مع الواقع ثقافيا و فنيا و معرفيا ، بحسب مقتضيات حياتنا ، و بنيتها الاجتماعية ، و يتمثل هذا الدور الجوهري في الإضافة النوعية التي صنعت ثقافة التسامح و الاعتدال و العيش بسلام و وئام ، و الأمل في التطلع إلى مستقبل أفضل ، بصفاء الرؤية و اندفاع الشباب واحلامه التي لم تأفل ابدا .
لذلك أعتقد جازما إننا كنا نعتبر الكتاب طوق النجاة من الجهل و التخلف ، لانه المرتع الذي نجد صداه في أنفسنا ، وفق المعايير الجمالية و الإنسانية ، متسقة مع الظرف الموضوعي الذي كنا نعيش مجمل تفاصيله .
ان استمرار القراءة تعمل على تجدد الذهن و انفتاحه ، و كذلك تؤدي إلى إثراء الفكر ، و امتلاك زمام الثقافة ، و يتجلى ذلك في سلوك الفرد و رؤيته للحياة المحيطة به و العالم اجمع ، فضلا عن تطور الإدراك ، هذا و أكدت أحدث دراسة بهذا الشأن ان القراءة و المعرفة تعملان على تغيير و تحسين و تحفيز شبكة الدماغ من الناحيتين : الهيكلية و الوظيفية ، و ما ينتج عنه من تفاعلات بين مناطق المخ ، ايا كان عمر القارىء ، الذي يستفاد و يتعلم من قراءته في إيجاد مسارات واضحة و متعددة أمام الإدراك ، فالقرآءة هي زاد المعرفة ، و كلما قرأنا كتابا فتح لنا نافذة عقل مؤلفه .
لذلك ينبغي أن تخصيص الوقت الكافي للقراءة ، ما دام الوقت يغمرنا بسخاء ، فعلينا ان نحسن استخدامه ، قبل أن يغادرنا إلى غير رجعة ، فالذي لا يقرأ محكوم عليه بتكرار نفسه ، محاطا بأغلال تجعله غائب الوعي ، و فاقد التغيير ، و ان كثرة القراءة ، تجعلنا مبدعين ، أكثر ثقة بأنفسنا ، نحاور جيدا ، و نمتلك شخصية جذابة ، و نتحدث ببراعة ، و نتمتع بخيال واسع ، و نكتشف حقائق لم نعرف انها موجودة من قبل.