الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
18 تشرين إنقلاب على إنقلاب

بواسطة azzaman

18 تشرين إنقلاب على إنقلاب

خليل ابراهيم العبيدي

في مثل هذا اليوم من عام 1963 انقلب المشير عبد السلام محمد عارف على حكومة البعث التي جاءت اثر انقلاب 8 شباط من نفس العام على ثورة 14تموز التي كانت تحظى بشعبية عالية آنذاك لمنجزاتها القريبة من هموم وأوجاع الفقراء ، وقد سجل المؤرخ المحايد لهذا الانقلاب جنبة صحيحة كونه جاء كرد فعل على إثر مظالم كثيرة ارتكبها البعثيون ليس بحق الشيوعيين فقط  وانما بحق الكثير من السياسيين والعسكريين والمستقلين ، أو العلماء المشهورين امثال العالم الشهير عبد الجبار عبد الله رئيس جامعة بغداد . وللحق فإن ثورة 14تموز فتحت شهية للعسكريين العراقيين لانقلاب أحدهم على الاخر ، كما ورد عن الدكتور مجيد خدوري في كتابه العراق الجمهوري (ص123) أن نوري سعيد في حديث له مع العقيد رفعت الحاج سري قال له  ،. اصغ الي ،، إذا ما كتب لمؤامرتكم أن تنجح يوما فإن صراعا مريرا سينشأ بين العسكريين ، صراعا لا ينتهي حتى يشنق بعضكم بعضا ، ويستطرد يقول في ذات الصفحة ، وقد صدقت نبؤته الى حد مذهل ، نعم صدقت نبؤة نوري السعيد ايضا في انقلاب 30 تموز على انقلاب 17تموز عندما أطاح البعث بعد اسبوعين بحكومة الجنرال عبد الرزاق النايف حليف المهيب احمد حسن البكر في السابع عشر من تموز عام 1968.

أن ما أطلق عليه المؤرخون العهد العارفي جاء مصححا إلى حد ما ،ما سار عليه البعث ابان حكومتة برئاسة البكر التي استمرت تسعة أشهر وما تمخض عن تلك الفترة من تعد صارخ على حقوق الإنسان وتجاوز على قييم العروبة التي كان يرفع البعث شعاراتها ، ورغم أن العهد العارفي بدأ بالانتقام من البعث ، واستمر بمعاداة الحزب الشيوعي ، إلا أنه كان مثالا للتهدئة والابتعاد تدريجيا عن الناصرية ، مما دفع بالجنرال عارف عبد الرزاق ( القومي الناصري) للقيام بمحاولتي انقلاب تارة على الرئيس عبد السلام عارف وتارة على الرئيس عبد الرحمن عارف ، وبرغم قرارات التأميم التي أصدرها الرئيس عبد السلام عارف عام 1964 واهتماهه بالصناعة ،  إلا أن حكومات الرئيس عبد الرحمن عارف المتعاقبة كانت الأقرب إلى المواطن والاكثر ميلا للتهدئة وتجاوز تبعات الماضي ، فقد كان الرجل مسالما جدا ومنفتحا جدا على الجميع ، وفي عهده كنا نقرأ العديد من الصحف والمجلات ، وفي عهده كان التظاهر مسموحا به ولكل الأطياف والأحزاب ، وفي فترة حكمة انكسر طوق الشركات البريطانية ، وتحول العراق الى الشركات النفطية الفرنسية ومنها شركة ايراب ، وهذه الخطوة هي التي مهدت السبيل لانقلاب السابع عشر من تموز الذي جاء بحكم البعث الثاني الذي أوصل العراق الى الانقلاب الأمريكي الذي اوصل العراق بدوره إلى حافة الهاوية . فالمحصلة هي أن الانقلاب في العراق يولد انقلابا اخر.

 


مشاهدات 796
الكاتب خليل ابراهيم العبيدي
أضيف 2023/11/15 - 5:57 PM
آخر تحديث 2024/12/26 - 4:14 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 314 الشهر 12311 الكلي 10068406
الوقت الآن
السبت 2024/12/28 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير