القمة الإسلامية .. تحديات ومهمات
محسن القزويني
يتربع العالم الإسلامي على إمكانيات استراتيجية هائلة؛ بشرية و اقتصادية و جغرافية، فقد تجاوز عدد سكانه المليارين وهو يشكل 25 بالمئة من سكان العالم، وعلى مساحة قدرها 32 مليون كم2 موزعة على 57 دولة منتشرة على أربع قارات.
اما ثرواته الطبيعيه، فيعد العالم الاسلامي أغنى قوة اقتصادية في العالم لامتلاكه لاهم الثروات التي تعد عصب الحياة الاقتصادية في عالمنا اليوم، فهو يمتلك 43 بالمئة من إنتاج النفط العالمي و 56 بالمئة من إنتاج القصدير و 40 بالمئة من انتاج الكروم و 25 بالمئة من إنتاج النحاس و 25 بالمئة من إنتاج الفوسفات و 24 بالمئة من إنتاج المنغنيز و 23 بالمئة من إنتاج البوكسايت.
اما في قطاع الزراعة فالعالم الإسلامي ينتج 80 بالمئة من الانتاج العالمي في زراعة المحاصيل النقدية وهي التي لها قيمة اقتصادية كالقطن و الجود و المطاط بالإضافة إلى المحاصيل التي تشكل مكونات الأمن الغذائي كالحنطة والشعير، ويعود السبب في الوفرة الزراعية إلى عوامل بيئية و التنوع المناخي و الجغرافي الذي يتمتع به العالم الإسلامي.وفي النطاق الاستراتيجي يحتل العالم الإسلامي اهم المواقع المهمة في العالم كالرقعة الجغرافية على أربع قارات، و طول السواحل البحرية البالغة 102347 كم إضافة إلى سيطرته على اهم المضايق و الممرات في العالم كقناة السويس و مضايق جبل طارق و باب المندب و ملقا و البوسفور و هرمز.
وفي نطاق القوة العسكرية يبلغ عدد المجندين في العالم الإسلامي في حدود 16 مليون والاحتياط 9 ملايين نسمة، وبهذه الارقام يتفوق العالم الإسلامي على دول حلف ناتو في القدرات العسكرية في عدد الجنود و السيطرة على الممرات و المضايق و البحار والبحيرات الداخلية والخارجية.
وضمن الترتيب العالمي تحتل عشرون دولة عربية واسلامية كباكستان وتركيا وايران واندنوسيا ومصر والسعودية والجزائر والعراق وسوريا و يمن مراتب عليا في قائمة 145 دولة قوية في العالم.
وعلى رغم هذه الامكانيات الهائلة التي يمتلكها العالم الإسلامي الا انه يقف اليوم عاجزا عن مواجهة التحديات الكثيرة التي يعاني منها المسلمون كمشكلة الفقر والمجاعة التي تعصف بالعديد من الدول الإسلامية كالصومال وارتيريا و السودان، وكذلك مشكله الأمية بأشكالها المختلفة والتي صنفت العالم الإسلامي في مواقع متأخرة عن ركب الدول المتقدمة.
سبعة عقود
ولعل اهم و أبرز هذه التحديات التي يشهدها العالم الإسلامي في الوقت الراهن هو التحدي الصهيوني الذي يعود تاريخه إلى أكثر من سبعة عقود دون أي تغيير يذكر على صعيد الصراع الإسلامي الصهيوني، فإسرائيل و من خلال احتلالها لأرض فلسطين وهي تسعى للسيطرة وفرض سيادتها ليس على فلسطين وحسب بل على الجزء الحيوي من الوطن الاسلامي من النيل إلى الفرات بما فيها مكة والمدينة تحت ذرائع مختلفة، وتحت مسميات متنوعة كالشرق الأوسط الكبير والاتفاق الإبراهيمي.
ان نهج اسرائيل للوصول إلى اهدفها المبيته و اراضيها الموعودة في التوراة ليس بخاف على احد فسلوكها خلال 75 عاما وتدرجها في السيطرة على الأراضي الإسلامية بالقوة العسكرية وبتوطين المهاجرين في المستوطنات دليل واضح لايقبل الشك انها تنفذ خططها بالتقسيط المريح وذلك بدعم و مساندة الدول الكبرى وبسكوت الدول الإسلامية و حتى المنظمات الاممية أصبحت عاجزة عن كبح جماح التنعت الإسرائيلي فاكتفى امين عام الأمم المتحدة بذرف الدموع على أطفال غزة ليقول للعالم انه غير قادر على اصدار ابسط قرار يامن للفلسطينيين هدنة موقته. فأمام هذا التحدي كان لابد للدول الإسلامية من أخذ أيدي المبادرة وتحمل المسؤلية بنفسها قبل أن تصل اسرائيل إلى أهدافها المرسومة و ذلك بتوحيد الصف الإسلامي وبتسخير كافة الامكانيات المتاحة لتشكيل تحالف إسلامي على غرار حلف ناتو ليصبح العالم الإسلامي قوة عظمى مهابة في العالم.
امكانيات كبيرة
فلماذا يبقى العالم الإسلامي وهو الذي يملك كل هذه الامكانيات الكبيرة تحت مظلة منظمة غير القادرة على فعل شي سوى اصدار البيانات؟ .
فلابد من إحداث تغيير نوعي ينقل الدول الإسلامية من إطار منظمة للتعاون إلى حلف سياسي اقتصادي عسكري يستطيع أن يواجه المشكلات الجمة التي يعاني منها المسلمون اليوم، فكان لابد من تحول المعسكر الإسلامي إلى قوة ثالثة بين المعسكر الشرقي و الغربي يعمل من خلاله على ترسيخ القيم و المثل الإنسانية ويزرع في الأرض مبادئ العدالة و الأخوة التي جاء بها الإسلام تاكيدا و مصداقا للآية الكريمة ( كنتم خير امة أخرجت للناس)