الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حضارتنا تزيّن المتاحف والكتب حبيسة المكتبات

بواسطة azzaman

حضارتنا تزيّن المتاحف والكتب حبيسة المكتبات

كمال جاسم العزاوي

 

تدور عجلة الحياة وتتشعب مسارات الانسان على كرتها الأرضية وتزداد  معها ضغوط العيش فتشكل لديه حافزاً للتفكير والخروج

من الأزمات بحلول ومبتكرات فكان مبدأ الحاجة  ام الاختراع الأساس الذي قامت عليه الحضارات الحديثة والثورات الصناعية

التي وضعت قدم الانسان على طريق التطور التكنولوجي المدهش الذي نشهد اليوم قمة انجازاته وتألقه   

ورسالة موضوعنا اليوم تؤكد أن المنجزات الحضارية لا تخص مجتمع بذاته بل أن تأثيراتها الايجابية تغطي مساحة العالم بأسره والاندماج الحضاري اليوم والتفاعل الانساني يؤيد ما نقول

التواصل الفكري وتلاقح الافكار :

كل ما أنجز الانسان من تطور في الماضي والحاضر لم يكن ليصل الى ما وصل اليه لولا التواصل الفكري وتتابع التجارب والبحوث

فما بدأ به الأوائل لم يركن على الرفوف كما يحصل عندنا نحن أهل المشرق بل تم البناء عليه كأساس واستمر تطويره الى يومنا هذا    

فحين نبغي بناء قاطرة حديثة مثلاً فلا حاجة لنا الى اعادة تجربة جيمس واط  لنصل الى ذلك وحين نريد بناء طائرة ضخمة فلا حاجة

لاعادة تجارب الطيران الكثيرة بل سنعمل بعقول مابعد تلك الابتكارات ونطورها بما توحي اليه الحاجة ومتطلبات الزمن الجديد

مسار الحياة يفرض الابتكار :

من حق الشعوب والبلدان الفخر بانجازات مواطنيها ورموزها الفكرية أمام العالم ولكن لايصل ذلك الى حد التقليل من شأن المجتمعات

الاخرى أو القاء المنة عليهم بما انجزه الأجداد كما يفكر البعض وبالتفاتة بسيطة يمكننا الوصول الى شيء من القناعة في هذا الاتجاه

_ فلو لم يضع أجدادنا حروف الكتابة فهل سيتحدث الانسان اليوم بالايماء والاشارة

_ ولو لم يبتكر البابليون العجلة الدائرية فهل سيستخدم انسان اليوم العجلة المربعة مثلاً

_ ولو لم يبتكر توماس اديسون المصباح فهل سنبقى على سراجات الزيت ومصابيح النفط

_ ولو لم يبتكر كارل بنز محرك السيارة فهل سنبقى نمتطي الحمير في الطرقات

كل ما مر من افتراضات تؤكد أن الحياة تسيرها الحاجة وما التطور الذي نشهد اليوم الا استجابة لمتطلباتها وما جهود المبتكرين بكل

عظمتها وأهميتها الا سبقاً فكرياً كان سيظهر لا حقاً لو لم يظهره السابقون وكانت ستفرضه متطلبات الزمن والانفجار السكاني النهم .   

عباقرة التاريخ

قيمة الماضي بتطويره لدعم المستقبل :

هناك من عباقرة التاريخ من أنجز نتاجه الفكري والفني دون علم بقيمتها أو بتخليد التاريخ لها ومنهم  من كان بأمس الحاجة الى مردوداتها المعنوية والمادية والشعور بنشوة النجاح والتفوق فهذا بيكاسو الذي كان يشعل بعض لوحاته ليتدفأ بها كناية عن الفقر واليأس من رواج  نتاجه الفني وبعض المفكرين لم يعرفوا في مجتمعاتهم الا بعد عقود من وفاتهم فكانت تلك الانجازات والأفكار بحاجة الى من يعرف قيمتها  ويطورها لتعم فائدتها وجدواها الاقتصادية والمعنوية  لا كما نتصرف نحن كشرقيين بانجازات رموزنا التاريخية فنحن نفخر بها أمام العالم  وهي حبيسة المكتبات والمتاحف وهذا أحد أسباب تخلفنا عن الركب  وأخيراً نقول أن حضارة العصر الذي نعيشه خير دليل على حالة التـــــــــفاعل والاندماج الحضاري بين شعوب العالم التي توفرت لها مستحقات الحياة من السلع المتنوعية بأثمان معتدلة لا تقاس بقيمتها الأساسية وهاهم شبابنا يستخدمون أحدث الاجهزة ويركبون أرقى السيارات فهل لنا أن نتصور حياتنا كيف ستكون لو وقف العالم عند انجازات اجدادنا دون تطويرها وتحويل مبتكراتها الى واقع يدعم مــــــسيرتنا الانسانية.   


مشاهدات 603
الكاتب كمال جاسم العزاوي
أضيف 2023/11/08 - 4:01 PM
آخر تحديث 2024/07/14 - 8:29 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 370 الشهر 7938 الكلي 9370010
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير