الالمان يعثرون على كنز عراقي بعهد السلطنة العثمانية

بوابة عشتار البابلية تزيّن جدران  بيرغامون

رجاء حميد رشيد

بدعوة من جريدة تاز بينتر الألمانية لزيارة برلين لمدة سبعة أيام ، وبعد انتهاء الورشة التدريبية الخاصة بالصحافة المناخية بمشاركة(15)صحافية من(العراق،سوريا،لبنان)استمرت قرابة السنة ، كنت احلم بزيارة حضارة أجدادي،والمتمثلة بأروع بوابة تاريخية على مر العصور»بوابة عشتار» في متحف بيرغامون (Pergamonmuseum) ويقع في جزيرة المتاحف (Museums Island)،على ضفاف نهر شبريه في قلب العاصمة برلين.

ذهبنا لزيارة المتحف وحسب الحجز الالكتروني المسبق من قبل ليزة  مديرة التحرير في جريدة تاز بينتر، فعدد الزائرين محدود يوميا ، وذلك لإتاحة المجال للتمتع بمعروضات المتحف ومقتنياته التاريخية لعدّة حضارات ،يعود أقدمها إلى ما يقرب من أربعة آلاف سنة قبل الميلاد ، ويتكون المبنى من طابقين بالإضافة، إلى طابق تسوية تحت الأرض بمساحة جزئية، مؤلف من ثلاثة أجنحة رئيسية، مجموعة الآثار الكلاسيكية، الذي يضم تداخل حضارتي اليونان القديمة وروما القديمة، وجناح النحت، ومتحف الشرق الأدنى القديم، ومتحف الفن الإسلامي، مرتبة حول فناء يضم عدد من مصاطب الجلوس .

انتهاء الزيارة

قبل الدخول إلى المتحف ،علينا إيداع حقيبة اليد في غرفة مخصصة، تضم عدداً من اللوكرات مقسمة إلى (خانات ) مرقمة، والاحتفاظ بالمفتاح حتى انتهاء الزيارة ، وتسلمنا  باج  وجهاز يشبه الموبايل مع سماعة آذان ، تمكن الزائر من سماع شرحا وافيا عند زيارته لكل قسم من أقسام المتحف ،مع اختيار اللغة المناسبة ، فاخترت الانكليزية لعدم توفر اللغة العربية ضمن الخيارات .

بوابة عشتار تحفة الحضارة الرافدينية

 احتلت بوابة عشتار العريقة الطابق الأول الخاص بحضارة الشرق الأدنى القديم ،وعبر طريق الموكب الذي يعد الطريق الرئيسي لمدينة بابل التاريخية، بالإضافة إلى الرسومات والكتابات المسمارية فوق ألواح الطين ،والحجر، والشمع والمعادن، دًون بها الشؤون الحياتية العامة والآداب والأساطير والشؤون الدينية والعبادات،ومجموًعة فريدة من الخزفيات والفخاريات، والعديد من الكنوز ،والتحف والفن والثقافة، والتي تعود أقدمها إلى حوالي 6000 عام ،من العصر الحجري الحديث، والتي تنوعت بين الحضارات التي نشأت في تلك المنطقة، وتعتبر من أهم الآثار الشرقية في العالم.

شكلت المجموعة الأثرية الشهيرة من بابل وأوروك، وآشور، أشهر المعروضات، ويسلط الضوء على بوابة ميليتوس وأكروبول بيرغامون بالإضافة إلى بوابة عشتار وواجهة قاعة العرش التي بنيت في بابل في القسم الأول من القرن السادس وتشكل إحدى العجائب السبع للعالم القديم. أكسبت هذه المجموعات المتحف صفة عالمية عالية. كانت قبلة السائحين ،حيث تجمهر زائرو المتحف أمامها من كل دول العالم وأنا منهم ، والحرص على التقاط الصور التذكارية ،الجميع يقف مبهورا أمام جمالية الشكل الهندسي ودقة العمل فيها ، وألوانها الرائعة التي تسر الناظرين ما بين الفيروزي والبيج والبني فاتح، والإبداع في ثبات ألوانها وعدم تغييرها عبر التاريخ والتغييرات المناخية عبر الزمن،

بوابة عشتار(بالإنجليزية: Ishtar Gate)‏ هي البوابة الثامنة لمدينة بابل الداخلية والتي بناها نبوخذ نصر عام 575 ق.م في شمالي المدينة إهداءً لعشتار آلهة البابليين.

 ولقد كشف المنقب الألماني روبرت كولدواي في عام 1899م عن أول معالم هذه المدينة .عثر الألمان على بوابة عشتار الأصلية في أيام الدولة العثمانية¡ ونقلت إلى ألمانيا ووضعت في متحف بيرغامون في برلين ¡والبوابة على اسم إلهة الزهرة (عشتار) وهي تعني حسب أساطير بابل أنها المتحكمة في أمور البشر لأنها عشيقة كبار الآلهة (اونو¡ انليل¡ اشور). وقيل أن نبوخذ نصر الثاني بناها حبًا لزوجته¡ والبوابة مكسوة بكاملها بالمرمر الأزرق والرخام الأبيض والقرميد الملون. وكانت مزينة بÜ 575 شكلًا حيوانيًا بارزًا منها التنين المعروف بالسيروش والثيران¡ وعلى جدرانها تماثيل جدارية تمثل الأسد والثور والحيوان الخرافي المسمى (مشخشو) وهو يمثل رمز الآلهة مردوك¡وكانت تعتبر البوابة التي هي جزء من أسوار مدينة بابل واحدة من إحدى عجائب الدنيا السبع في العالم حتى القرن السادس¡ إذ تم استبدالها بمنارة الإسكندرية.ويبلغ ارتفاع باب عشتار مع الأبراج خمسين متراً ،وعرضها ثمانية أمتار ،والباب محاط بالأبراج الجميلة والعجيبة.

 وكانت المواكب تدخل من بوابة عشتار إلى المدينة الداخلية، ويعود تاريخ بناء بوابة عشتار إلى حقبة زمنية سابقة لعهد الملك نبوخذ نصر البابلي، لكنه عمرها وزاد في بنيانها بحيث غدت أكثر جمالاً وتميزاً وهو من زينها بالتنين والثيران، وبالطابوق المصقول المطلي، وهو الذي وضع الأبواب بعد أن غطاها بالنحاس وثبت فيها مغاليق ومفاصل من مادة البرونز.

مجموعة الآثار الكلاسيكية

يضم تداخل حضارتي اليونان القديمة وروما القديمة، وهو ما يعرف باسم العصر الكلاسيكي القديم، فترة من التاريخ كانت فيها الثقافة اليونانية تزخر بالكثير من مظاهر الحضارة، تروى قصصاً يزيد عمرها عن 2100 عام ،من خلال الهندسة المعمارية والمنحوتات والمزهريات، والنقوش والفسيفساء، وكذلك البرونزيات والمجوهرات. وأكروبول پرغامه التاريخي من منطقة أيولِس، والمكون من آلاف القطع المرصُوفة إلى جانب بعضها البعض، يروي حكاية مملكته، عبر مجموعة من المشاهد المتتالية، يصور فيها أحداث تلك الفترة الزمنية.

الفن الإسلامي

يعدّ أقدم متحف مخصص للفن الإسلامي، وأَكبرها مِساحة فِي أُوروبا وأمريكا، يضم  93000 تحفة منوعة من مختلف مناطق العالم الإسلامي على مر العصور من القرن الثَّامن إلى القرن التاسع عشر، وعبر رحلة الحرف العربي فِي صورة جميلة ومؤثّرة، مِن خلال اللُّغة الإبداعية التي اتسمت ببلاغة ملامح الفن في الشرق، وكذلك الزخارف التي توصف بِأنها لغة الفن الإِسلامي، بالإضافة إِلى الْحرف اليدوِية، من تحف زجاجية، وسجّاد شرقي، ومنحوتات عاجية ،وحلي ومجوهرات وإكسسوارات، ومخطوطات نادرة.

تاريخ إنشاء المتحف

شُيد مبنى المتحف في المقام الأول، في وقت سابق في الفترة ما بين عامي (1899-1897) من تصميم المهندس الألماني فريتز وولف ( 1921-1847)، وافتتح في شهر ديسمبر/ كانون الأول من العام 1901، من قبل القيصر فريدريش ڤيلهلم الثاني ( 1941-1859)، كانت الحفريات الأثرية، وعمليات التنقيب لا تزال جارية في بابل، وأوروك، وآشور، وميليتوس، وأماكن أخرى من العالم، ولعرض المكتشفات الحديثة بمساحات مناسبة، قدم المؤرخ الألماني ڤيلهلم فون بوده (1929-1845) ،قيم المتحف الملكي آنذاك، مقترحاً لمبنى جديد للمتحف في نفس المكان الحالي، وبجانب هذا المقترح قدم المهندس الألماني ألفريد ميسيل الرسومات الهندسية وخطط البناء في عام 1906،إلا أن ميسيل ( 1909-1853) رحل باكراً، ولم تتسنى له فرصة تنفيذ المشروع، وشيد مبنى المتحف مع تعديلات طفيفة، في الفترة ما بين عامي (1930 1907-) تحت إشراف صديق ميسيل المُقرب، المُهندس الألماني لودفيغ هوفمان (1932-1852).عند انتهاء زيارتنا للمتحف ،مررنا بقاعة كبيرة عرضت فيها نماذج رمزية مصغرة من مقتنيات المتحف ،ليتسنى للزائر اقتناءها من ذكريات زيارته للمكان ،أو إهداءها الأهل والأصدقاء ، كما عرضت بوست كارت( معايدات صورية) صغيرة بحجم كف اليد تقريبا ،لمعروضات المتحف ، بالإضافة إلى عرض مجموعة من الكتب التاريخية لكل الآثار المعروضة ولكن باللغة الألمانية .