بين غزة وخور عبد اللـه أضاعوا البرلمان العربي
علي السامرائي
كانت انظار الشارع العربي مشدودة نحو قاهرة المعز ، ترقبا لمواقف قوية وموحدة من البرلمان العربي تغطي على المواقف الرسمية المائعة من جهة التعاطي مع الهجمة البربرية الصهيونية على قطاع غزة الفلسطيني ، بعد عملية طوفان الاقصى التي قلبت المعادلة و «بهذلت» القوة الاسرائيلية التي كان يعتقد بانها « لاتقهر».
وانسجم موقف البرلمان العربي في جلسته التي عقدت يوم السبت الماضي في القاهرة ، مع حالة الاحتقان والغضب الشعبي في مختلف انحاء الوطن العربي ، وجاءت مواقف اغلب الوفود النيابية العربية معبرة عن ذلك الغضب ازاء انتهاكات حقوق الانسان على يد القوات المحتلة ، الى جانب مساندة حق الشعب الفلسطيني بنيل مطالبة العادلة والحصول على حقوقه المسلوبة ورفض محاولات السلطة القائمة بالاحتلال باقتحام قطاع غزة ، وتهجير سكانه المدنيين في واحدة من حملات» الترانسفير»الاحدث في سجل «اسرائيل» ، المزدحم بحملات مشابهة تعيد الى الاذهان السياسة العنصرية الرعناء القائمة منذ 1948 ضد الفلسطينيين .
وبينما كان النواب العرب منشغلون بهندسة موقف متراص في توجهاته ورؤاه وخطابه وستراتيجيته في دعم القضية الفلسطينية والتنديد بالمواقف الخجولة لبعض الدول ، ونقد النفاق الغربي والاصطفاف مع اسرائيل والتبرير لسياساتها ومجازرها الدموية في فلسطين ، خرج « ابناء العم» من ممثلو مجلس الامة الكويتي في البرلمان العربي ، مغردين خارج سرب الاجماع العربي من خلال نبش ملفات واوراق قديمة بعضها طواها النسيان واخرى يمكن حلها من خلال طاولة الحوار ، عبر اصدار بيان ينتقد قرار المحكمة الاتحادية بشأن نقض اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية بين العراق و الكويت في خور عبد الله .
وحاول الوفد النيابي الكويتي بتصرفه عبر اثارة قضية خور عبد الله تشتيت حالة الاجماع العربي بدعم القضية الفلسطينية وادانة العدوان على غزة ، كجزء من الحالة الشعبوية التي تطغى على تصرفات بعض اعضاء مجلس الامة الكويتي وظاهرة حب الظهور عبر الهيجان المفتعل من دون مبرر وفي توقيت صعب ، لم يراع ما تواجهه الامة العربية والاسلامية وحتى الانسانية جمعاء من حالة تعاطف لدى الرأي العام في رفض جرائم الحرب الصهيونية على قطاع غزة .
لقد افشل الوفد النيابي العراقي ممثلا بالشيخ شعلان الكريم نائب رئيس البرلمان العربي والنائبة حنان الفتلاوي والنائب ناظم الشبلي بكل حكمة وهدوء وقوة منطق ورجاحة عقل ، محاولات بعض الظواهر الصوتية ونقل حركاتهم البهلوانية من مجلس الامة الكويتي الى برلمان الشعب العربي عبر موقف وطني صلب يجسد وحدة عراقية قوية في الدفاع عن الحقوق المشروعة ، دون انكار الالتزام بالشرعية الدولية و التاكيد على اهمية التعاون بين البلدين والجلوس على طاولة المفاوضات والحوار لتسوية اي اختلافات في وجهات النظر .
برلمان عربي
وعرض الشيخ شعلان الكريم نائب رئيس البرلمان العربي في كلمة واضحة وبشكل مباشر ردا على البيان الكوبتي ، قرار المحكمة الاتحادية فيما يخص موضوع تنظيم الملاحة بين جمهورية العراق ودولة الكويت عبر التوقيع على الاتفاقية في نهاية عام 2012 وبداية 2013 ، والاشارة الى ان المحكمة الاتحادية تمثل اعلى سلطة قضائية في البلد لها حق النقض وإصدار قرارات تخص الخلافات الدستورية ، وان قرارها محل احترام البرلمان العراقي من دون اغفال احترام القرارات الدولية خاصة فيما يتعلق ما بين العراق والكويت التي لها سيادتها وحدودها الرسمية ، لكن موضوع اتفاقية خور عبد الله كما يرى الكريم لم يعد موضوعا بين العراق والكويت وانما اصبح ذو شأن دولي تملك الامم المتحدة وحدها القرار سواء بصحة الاتفاقية وسريانها من عدمه وهو امر سيكون محل نظر بكل الاحوال .
الشيخ الكريم ومن باب الحرص على العلاقات الثنائية وديمومة ما لمسه الاشقاء الكويتيين ، من يد ممدودة وصدر رحب وترحيب حار من قبل اشقاءهم العراقيين خلال بطولة الخليج الاخيرة بكرة القدم ، نصح اعضاء مجلس الامة الكويتي بعدم التصعيد ومواصلة هذه السياسة كونها ليست بمصلحة اي طرف وخاصة الكويتيين وهو حقيقي لا لبس فيه ، اما موقف النائبة حنان الفتلاوي فقد كان هو الاخر في جلسة البرلمان العربي معبرا بوضوح عن اهمية مايربط العراق والكويت من روابط تاريخية ، وضرورة عدم اتاحة الفرصة لتعكير حالة الوثبة العربية نحو مساندة مدينة غزة وفلسطين عموما التي تنزف دماءا زكية عبر استذكار المثل العراقي المعروف ، انا واخوي على ابن عمي وانا وابن عمي على الغريب ، لكن ابناء العم ، اختاروا موقفا اخر ، وكانت النائبة الفتلاوي واضحة في مخاطبتها للوفد الكويتي بضرورة عدم تاثير الخلافات الداخلية على واقع العلاقات الثنائية بين العراق والكويت ، في ظل وجود قضية مصيرية تتعلق بمصير وكرامة كل الشعب العربي تتمثل بالقضية الفلسطينية خاصة ان العلاقات العراقية الكويتية ، لاتعاني اي مشاكل وان اي خلاف من الممكن حله عبر الحوار بما يضمن حق البلدين دون ظلم لاي من البلدين ، فالاهتمام يجب ان يتركز بقضية فلسطين وهي ابرز التحديات التي تواجه العرب .
ورغم كل التمنيات ومحاولات التهدئة مضى «ابناء العم» بموقفهم ، الذي لا يرقى لمستوى الاحداث الجارية في المنطقة ، وتجاهلوا ان الواقع اليوم مغاير عن واقع الامس وان اليد العراقية المدودة دوما للسلام لن تلوى بسهولة ، ومع ان»الشوشرة» الكويتية حاولت التشويش على حالة الاجماع العربي ، الا ان الجميع كان مقتنعا بان الجبهة الوحيدة الفائزة جبهة دعم القضية الفلسطينية ورفض ما تمارسه إسرائيل من اعمال عنف وابادة ضد الشعب الفلسطيني ، وان البيان الذي صدر»يبلوه ويشربوا ماءه» ، فالمياه في خور عبد الله «لن تجري كما تشتهي سفن» البعـض في مجلس الامة الكويتي .