الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
واحدة من اخطائي

بواسطة azzaman

واحدة من اخطائي

 

عبدالله الجنابي

 

عندما كنت مدرساً قبل حوالي ثلاثين سنة ، في مدرسة ريفية ، وكنت للتو انهيتُ الخدمة العسكرية المقيتة ، دخلت للصف الثالث المتوسط ، ناديت على الطالب ذي الطول الفارع ، وطلبت منه احضار الواجب البيتي ، وقف الطالب صامتاً كانه هبل العظيم ، كررت طلبي فلم يرد ، قلت له ؛

( اليوم السبت وكان عندك الجمعة لتحضير الواجب وهو بسيط ولكنك لم تفعل مع ان جميع الطلاب قد احضروا الواجب ثم انك لا ترد لانك لا تملك عذراً وسبباً ، ولهذا  فانت صامت لاترد  وهذا اهمال وعناد ولذلك حق عليك العقاب فافتح يديك …. )

ضربتُ يدي الطالب العملاق ، لكنه كان صامداً لا ينظر  الي،  مما سبب زيادة في غضبي لوقاحة الطالب ، استمررتُ   في ضربهِ وبشدة  على يديهِ ….

فجأة ، يبدو  ان الضرب اذاه وآلمهُ وقرر في نفسه عمل رد فعل عنيف  ، فامسك العصا التي كنتُ اضربه بها واخذها من يدي وكسرها ثم هرب من الصف وهو يصيح غاضبا ؛

هذا شاربي مو عليَّ  اذا اداوم بعد

هنا وقفتُ مندهشاً من ردة فعله العنيفة ، فنهض مراقب الصف وقال ؛

استاذ ممكن اكول السبب ؟

قلت اي سبب ؟

قال ؛ استاذ تره عمار الخميس تزوج يعني اول امس

قلت ؛ شنوووووو ؟ وليش ما گال ؟

قال ؛ استاذ مو يستحي يكول لان هو نسى يعزمك على عرسه وفشله منك والله يا استاذ ، وكل احنه خجلانين منك

لم اصادف في حياتي موقفا صعبا كهذا . ما هذه الاخلاق الرائعة ؟ اي حماقة مني ؟ ما الحل ؟ لقد ارتكبتُ  غلطة لا تغتفر . لماذا هذا الغرور مني ؟ لعن الله الواجب ولعن الله ابو الانكليزيلماذا التكبر  ؟ واصلا لماذا العقاب البدني ؟ اهذا اسلوب تربية ؟ هذه مدرسة ليس جيشاً

بقيت دقائق خجلاً صامتاً محتاراً افكر في اعتذار

طلبت من مراقب الصف ان يخرج فوراً من الصف ويذهب الى الطالب المتزوج ، ليخبره اني قادم للاعتذار منه ويساله هل يقبل اعتذاري ام يحتاج الامر الى ( مشية ) وفصل ؟

ذهب المراقبُ ثم عاد واذا  بالعريس معه

وقبل ان انطق بكلمة واحدة وقف امامي مطرقاً ورايت والله ان الدمعة تتلألأُ  في عينيه قال امام الصف ؛

استاذ انا اسف ، بس والله اليوم اذا ما تجي تتغده يمي ازعل منك وبعد ما اداوم ؟

لم انطق بكلمة ، احتضنتهُ وبقوة وكانه طفلي الذي انتظره

قلتُ ؛ وليدي  هل سمعتَ قول الشاعر ؛

وَلَو      قَدَرتُ   عَلى   الإِتيانِ     جِئتُكُمُ

سَعياً عَلى الوَجهِ أَو مَشياً عَلى الرَأسِ

قال استغفر الله استاذ انت مثل ابوي .

تغديت معه

وفي اليوم التالي جلبت له هدية الزواج

واصبح هو واهله بمثابة اهلي في تلك القرية ….

لقد علمني تلميذي درساً لن انساه ما حييت ومنذ ذلك اليوم وجميع طلبتي.

{ عن مجموعة واتساب

 

 

 


مشاهدات 721
أضيف 2022/12/30 - 11:42 PM
آخر تحديث 2024/06/29 - 8:08 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 320 الشهر 11444 الكلي 9361981
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير