الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
والعمر قصير

بواسطة azzaman

والعمر قصير

رباح آل جعفر

 

مرَّت أحلام الناس في سنة 2022 وراحت وانقضت بحلوها ومرِّها، وخيرها وشرِّها، وبكل الذي كان وكان، وراح وضاع وغاب وذاب وتلاشى.. ومضى ولن يعود.

وإذا كان بعض الناس عاشوا حياتهم بالطول وبالعرض وبالعمق أيضاً، وورثوا الأموال والأحوال، وبعضهم لم يسهر الليالي ولم يطلب العلى كما يقول بيت الشعر، ولم يسع للمكان الذي يشغله الآن، ومع ذلك وجد الدنيا تبتسم في وجهه، والحظ يركض بين يديه.. فإن بعضهم الآخر عاشوا بالحرمان وبالعذاب وبالآهات إلى جانب الأموات، ولم يرثوا إلا الديون، ولم يجنوا من الورد إلا الشوك، وخرجوا من المولد بلا حمص!.

والسنوات تمضي، والعمر يجري، وتبقى الأرض تدور بنا، ونحن ندور بالأرض، ندوس عليها فتدوس على قلوبنا بقسوة. والصبر صعب، والهروب مستحيل.

وأنا أؤمن أن العمر ساعة، وكل عمر له صلاحية من الاستهلاك غير قابلة للتجديد. وحساب الأيام حساب مواقف لا حساب سنين، والدنيا على سعتها أصغر من راحة اليد.. وشوقي هو القائل:

قد يهـونُ الـعمـرُ إلا ساعةً

وتهـونُ الأرضُ إلا موضعـا

ولكن أين هذا الموضع من الأرض تهون عنده الدنيا، وأين المتربّع؟!.

أين تلك المساءات، والوشوشات، والأغاريد، والأغاني، والنواسيّ، والآمال الزاهية، والأحلام اللذيذة، أين اللحظة الجميلة، التي تساوي العمر كل العمر؟.

لقد قالها شاعرنا الجواهري:

كأنَّ نـعمــاءه حبــلـى بـأبــؤســـهِ

من ساعةِ الصفوِ تأتي ساعةُ الكَدَرِ

تذهب سنة وتأتي سنة. تبددت أعمارنا قبل مواعيدها ولا ماتت الأسئلة. ومع بدء سنة جديدة.. أقف احتراماً وأنحني إجلالاً، وأتوقف عند النواصي، وأضع الورد في النوافذ، وأطبع قبلة طويلة على جبين الناس الطيّبين. وأشدّ على أيدي الذين مات أعزاؤهم وأعزائي.. وأدعو لكل مريض بالشفاء، وأحزن على آلامه، وبعضٌ من الآلام تصدع الجبال.

لكل الذين يطرقون باب السماء من التعساء وينتظرون الفرج، والأمل في الله عظيم، وكلنا واقفون على باب الله، نتقلب، ونتعذب، ونتوجع، ونقول: آه.. وأمدُّ يدي لكل يائس قضى عمره باحثاً عن الوهم. وتهزني دمعة وتذكار إلى أعزاء غابوا عن عيوننا في هذه الأيام وأشتاق إلى رؤيتهم، وأعرف أنهم بعيدون لا يرجعون. وأشعر بحنين جارف إلى الأرض، وأحس كأنها صدر أمي الحنون.وأنا في كل لحظة أدوس على الأرض، أشعر أن شفتيّ تصبحان في قدمي.. فأقبِّلُ أرضاً عزيزة، ووطناً تنتهي عنده دورة الأرض. وكل سنة وأنتم طيبون.. ودعائي ورجائي أن يكون الناس سعداء والوجود جميلاً، ونستقبل سنة من أجمل السنين.

 

 


مشاهدات 598
أضيف 2022/12/28 - 4:34 PM
آخر تحديث 2024/07/18 - 4:43 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 332 الشهر 7900 الكلي 9369972
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير