الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
شراع مهاجر

بواسطة azzaman

شراع مهاجر

 

  لهيب عبدالخالق

 

 طَوَيتُ مرارتي ،

وشَرِبتُ قَطْراً أسْقَطَتهُ الريحُ عابثةً،

كأنَي بالرياح تُهيءُ السمتَ البعيدَ

على حدود البحرِ

للحُلمِ الذي سيشُقُّ صدرَ الموجِ،

يَحفُرُ في جنونِ الروحِ

أغنيةً،

ونورسةً،

وسَعفاً كان يحنو فوقَ ظلّي

حين يشتدُّ السعيرُ،

غَدوتُ فوقَ شفارِ ذاكَ الجمرِ

عوداً يابساً

يشتاقُ ما ينثالُ من وجدٍ

تُخبّئهُ الثواني

بين طياتِ المسافةِ،

والمسافةُ لم تعُد نبراتُ نرجسةٍ

تزمُّ جراحنا،

وشراعُنا ما عاد يَنشرُ كالصباحِ

نشيدَ تلك الأرضِ،

ملحمةَ البطولاتِ التي انكفأتْ.

طويتُ شراعَ تلكَ الريحِ

ما عادت تسيرُ على هدانا،

بَعثَرَتْنا،

وانطَوتْ في لُجّةِ الأمواجِ

كلُّ حروفِ ذاك الصبحِ،

ماجَتْ بين حشرِ الراحلينَ

وسربِ فُرساني الذين ترجّلوا

وتبدَدتْ صفحاتهم،

غسَقَتْ،

أصُرُّ هديلَ يمامتي

في ثوبِ جدّي،

ليسِ عندي غيرِ ذاك الثوبِ

أعصبُهُ إذا ناخَتْ سنيني

كي أكون كما أنا،

كي تورقَ الجمراتُ

في كفّي ترانيماً

تَرُودُ مروجَها أمّي

مساءً،

ثم تُغلقُ قلبَها فوقَ الضَنا،

يا ريحُ منذُ طَرَقتِ بابي،

ثمّ أَسرَجتِ الخيولَ،

نَدورُ في فلكٍ عقيمٍ،

ليلُنا مازال يَجثو عند حرفِ البحرِ

يُوقدُ شَمعَهُ،

علَّ الذي تاهتْ نواهِلُهُ

وطاشَ به الظَما

يَهناْ.

 

طَويتُ مسافتي ليلاً،

وصُغتُ مدينتي قبساً من السلوى

على رملِ الشواطئِ،

أَنْبرِي غُصناً من النعناعِ

أو دمعاً أُرَقْرقهُ،

ألفُّ جَريدَها،

تلكَ المدينةُ،

أنتشي بشذا سنابلِها،

ورائحةِ الكوانينِ التي ينشقُّ صدرُ الفجرِ عنها،

والشواطيْ لا تقيلُ مدائنَ الرملِ المعبأ في الظنونِ،

ولا تُرتلُّ أغنياتِ الغائبينَ،

ألمُّ ما ألقتْ ليَ الأمواجُ

بعضَ قواقعٍ،

كِسَرٌ من الغيمات،

قَطْرٌ من ثنايا وحدتِي،

ومدينة ما زال يومض في سنا روحي

هواءُ نخيلها....                           

 


مشاهدات 910
أضيف 2022/12/24 - 1:42 AM
آخر تحديث 2024/06/30 - 6:03 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 321 الشهر 11445 الكلي 9361982
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير