الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الأتراك نموذجاً.. المهاجرون إلى ألمانيا

بواسطة azzaman

الأتراك نموذجاً.. المهاجرون إلى ألمانيا

نعيم عبد مهلهل

 

تدرس ابنتي الثقافة الاجتماعية والادبية في جامعة منشن كلادباخ الالمانية والتي لا تبعد عن مدينة ريموند الحدودية والجميلة  سوى عشرة دقائق بالسيارة ، وريموند هي اشهر مدينة اوربية تكون فيها الأسواق مفتوحة على مدار الاسبوع ولأشهر الماركات العالمية للأزياء والعطور لعدم وجود الضرائب عليها فتكون اكثر رخصا من اي سوق ماركات في العالم.

والبحث النهائي لعلامة التخرج هذا العام لها ،ان تكون مجموعة مع مع خمس من زملائها واخراج فيلمين تكون موضوعتهما عن الهجرة التركية الى المانيا وتأثيراتها في الشخصية التركية المهاجرة ،ذلك لان الاتراك اقدم الاعراق التي هاجرت الى المانيا وبشكل كثيف من اجل المساهمة في تعمير المانيا التي دمرها الحلفاء في حرب النازية مع قوى اوربا وامريكا.

وكتبت ابنتي ومن شاركوها في اخراج الفيلم مقدمة في اول الفيلمين تقول : نحن نقدم افلامنا المختارة هو الاندماج بالنسبة للمهاجرين داخل المجتمع الالماني وتأثيراته  السلبية والايجابية ، واردنا ان يكون الهدف هو تبيان تأثير المكان الجديد بعاداته وتقاليده وطبيعته في المجتمع المغاير ومثالنا هو الطبيعة الحضارية والاجتماعية للفرد التركي حين تجبره الظروف ليأتي الى المانيا ويساهم في اعمارها بعد الحرب العالمية الثانية . نشعر بالفرح والراحة لأننا نعتقد اننا استطعنا ان نوضح الاهداف الاجتماعية والانسانية والحضارية في تجربة الابتعاد عن الوطن لسنوات طويلة والعيش في مجتمع مغاير كما يحدث في الفيلم الاول الذي يتحدث عن رجل جاء الى المانيا بعد الحرب وبصفة عامل ولاحقا يجلب اسرته من تركيا لتعيش معه ليتناسلوا ويصبح لديهم اولاد واحفاد ويدخلوا المدارس الالمانية من الروضة حتى الجامعة ، وخلال هذه السنوات يستذكر الاب ذوي الاصول والمزاج والثقافة التركية ــ الشرقية كل حياته في المانيا .ويستطيع ان يتحدث عن مراحل كثيرة في حياته كان في بعضها الحياة الصعبة وعدم الاندماج واتقان اللغة ومشاهدته لما يعتقد انه معاكسا للسلوك الاجتماعي في المأكل والملبس والحرية الشخصية ، وفي نفس الوقت لدية محطات ايجابية في عيشه الطويل بألمانيا حيث تم مساعدته في الكثير مساعدات وهناك  من قدم له الكثير من الامور الاقتصادية والخدمات الصحية والمجتمعية ،وهناك من الالمان من ساعده بشكل شخصي كأن يكون جاره او زميله في العمل .

في النهاية وبعد سنوات طويلة في المانيا وتكوين اسرة من اجيال عديدة حيث يصل المهاجر الى سن التقاعد يقرر ان يعود الى بلده الاصلي تركيا لشعوره ان بقية حياته في البلد الام هي الاقرب الى مزاجه وروحه ورغبته ، ذلك لان المجتمع الالماني بالرغم من حوالي اربعين عام او اكثر لم يستطع ان يسلب منه هويته كاملة ،فيما يرفض الابناء والاحفاد العودة الى وطن ابائهم واجدادهم لانهم تشبعوا بالثقافة التعليمية والاجتماعية والسلوكية والثقافية الالمانية ولا يمكن ان يغادروها الى بلد لم يروه ويعيشوا فيه بالرغم من ان جذور ابائهم واجداهم قادمة منه .

الخلاصة في هذا كما يقول الفيلم هو ان المراحل العمرية والنشأة الاولى تؤثر تماما في الميول الوطنية والانتماءات والتمسك بالهوية التي ينتمي اليها الانسان وكانت حياة الرجل التركي المهاجر هي اقرب الامثلة.

روح الانتماء

أما الفيلم الثاني يسير في نفس المسار ولكنه من جانبه النسوي فهو يتحدث عن نساء تركيات كبيرات في السن ، جئن الى المانيا وهن شابات وانخرطن في شتى الاعمال والمهن . لكن روح الانتماء الى المكان الاول تبقى متلازمة مع تفكيرهن واحلامهم بالعودة الى الوطن.

لكن الامر قد يختلف عن تفكير الرجل التركي بطل الفيلم الاول لان التزامات الامومة هنا قد تفرض عليهن البقاء الى جانب ابنائهن واحفادهن ،وهذا ما يخلق لديهن صراع في امتلاك الارادات في قرار العودة الى البلد الام ام لا ..؟

يرسم الفيلم الثاني الذي يركز على مجموعة من النساء التركيات اللائي تقدم بهن العمر صورة للتناقضات والصراعات النفسية لدى الكثير من النساء اللائي كبرن وهن يعشن كل هذه السنوات بحذر لان العلاقات والتقاليد التركية ــ الشرقية تختلف تماما عن التقاليد الالمانية ويظهر الفيلم الكثير من جوانبها مثل الملبس وطريقة امتلاك الحرية الشخصية والتصرفات التي قد لا تتفق مع ميولهم ولكنهن في الوقت نفسه يعترفن ان المجتمع والدولة الالمانية قدمت لهن الكثير من الخدمات الصحية والخدمية والانسانية قد لا يحصلن عليه عندما يعشن في بلدهن الاصلي.

تناقشت وابنتي كثيرا في المضامين متعددة الابعاد والتي ارادت ان توصلها الى المشاهد وهي تعالج قضية تكاد ان تكون نتائجها هي الشغل الشاغل للحكومات الاوربية والذاكرة المهاجرة بشتى هوياتها وانتماءاتها العرقية والوطنية ،وتوصلنا انا وابنتي ان ما ينطبق على المهاجر التركي ( الرجل ) والمرأة التركية ينطبق علينا نحن العراقيين تماما.

 

 

 

 


مشاهدات 1059
أضيف 2022/12/24 - 1:49 AM
آخر تحديث 2024/11/21 - 8:55 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 34 الشهر 9158 الكلي 10052302
الوقت الآن
الجمعة 2024/11/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير