الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية ومقترحات تنميتها

بواسطة azzaman

الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية ومقترحات تنميتها

أمين عباس نذير

 

بعد إعلان الحكومة العراقية عن انتصارها على تنظيم الدولة الإسلامية (ISIS) نهاية عام 2017 وعقد "مؤتمر إعادة الإعمار" في مطلع عام 2018 دخل العراق فترة جديدة تركزت حول البناء الاقتصادي. ومع ذلك وبسبب قيود فرضتها عوامل مختلفة في الداخل والخارج، واجهة عملية إعادة الإعمار والاستقرار الاجتماعي في العراق تحديات كبيرة.

أولا: العوامل الرئيسية التي قيدت التنمية الاقتصادية في العراق.

1- استنفدت الحروب التي استمرت في العقود الأخيرة حيوية العراق ودمرت عددا كبيرا من البنية التحتية به مثل الطرق والسكك الحديدية والكهرباء والنفط والغاز والاتصالات.

2- صنفت "خطة إعادة الإعمار" الحكومية أيضا البنية التحتية في الإدارات البلدية والطاقة والنقل والزراعة والاتصالات والجوانب الأخرى كمجالات ذات الأولوية للتنمية، والتي تضمنت مجموعة واسعة من المهام الجسيمة واحتياجها العديد من الموارد مع فجوة ضخمة في التمويل.

منظومة متكاملة

3- عدم وجود منظومة صناعية داعمة متكاملة نسبيا، كما أن الاقتصاد الذي تهيمن عليه صناعة النفط معرض بشدة للتقلبات التي تحدث في هذه الصناعة الواحدة وتقلبات الدورة الاقتصادية العالمية والتقلبات الجيوسياسية وغيرها .

4- يأتي العراق من ضمن ادنى دول العالم من حيث ترتيب "مؤشر بيئة الأعمال" و"مؤشر النزاهة الدولي"، ولا يزال هناك مجال كبير للتحسين في بيئة الاستثمار الشاملة ومستويات السياسات والخدمات ومكافحة الفساد.

5- إن زخم التنمية الاقتصادية غير كاف ولا يمكن أن يوفر المزيد من فرص العمل، كما أن العراق يواجه في الوقت نفسه مشاكل المناخ والتدهور البيئي ونقص المياه.

ومع التراجع التدريجي لتأثير وباء كورونا وبطء انتعاش الاقتصاد العالمي، تعافت سوق النفط العالمية أيضا وخاصة الانتعاش المطرد لأسعار النفط الخام العالمية، مما أدى إلى تحسين إيرادات الحكومة العراقية وتحقيق التوازن المالي، وتحسنت الآفاق الاقتصادية على المدى المتوسط. ويتوقع البنك الدولي أن يصل معدل النمو الاقتصادي الإجمالي للعراق إلى 8.9 بالمئة هذا العام وقد يحافظ عند مستوى متوسط معتدل يبلغ 3.7 بالمئة في السنوات القليلة المقبلة، وسيظل ميزان المدفوعات المالية والخارجية في وضعية فائض في الفترة ما بين 2022-2024.

ثانيا : دور صناعة النفط العراقية ومكانتها ومشكلاتها الرئيسية.

يمتلك العراق موارد غنية من النفط والغاز، حيث تبلغ احتياطيات النفط المؤكدة 145 مليار برميل، ليحتل المرتبة الخامسة على مستوى العالم وتمثل 8.4 بالمئة من إجمالي الاحتياطيات العالمية. أما احتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة فتبلغ 3.16 تريليون متر مكعب، حيث تحتل المرتبة 12 على مستوى العالم وتمثل 1.7 بالمئة  من الإجمالي العالمي. في عام 2020 وفر قطاع النفط أكثر من 90 بالمئة من الإيرادات الحكومية و96 بالمئة من عائدات التصدير و32 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

والعراق بصفته عضوًا مؤسسًا ومهمًا في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، يلعب العراق دورًا مهمًا في سوق النفط الدولية وهو سادس أكبر منتج للنفط في العالم ورابع أكبر مصدر للنفط في عام 2021. وقد حددت الحكومة العراقية من خلال "الاستراتيجية الوطنية للطاقة (INES) رؤية صناعة الطاقة حتى عام 2030 ووضعت خطة شاملة وأجندة تنموية تغطي الاستثمار وتشييد البنية التحتية والإصلاح المؤسسي في مجالات النفط والغاز والطاقة والاستكشاف والإنتاج. والصناعات التحويلية ذات الصلة.

من ناحية أخرى تواجه صناعة النفط والغاز العراقية أيضا بعض المشكلات الرئيسية. فعلى صعيد البيئة الصناعية، فإن التقلبات السياسية المستمرة والحوكمة الضعيفة والاضطرابات الاجتماعية بعد عام 2003 ألحقت الضرر إلى حد ما بالبيئة الصناعية للإصلاح الشامل والتنمية الاقتصادية وبناء معيشة الشعب. وعلى صعيد السياسة الصناعية، فإن العديد من السياسات الوطنية الصادرة عن الحكومة لتوجيه الاقتصاد، وخاصة تعزيز تطوير صناعة النفط والغاز والارتقاء بها، تداخلت مع عوامل مختلفة في عملية التنفيذ المحددة واستمراريتها واستقرارها، وكان أداء قابلية التحقيق غير مرضٍ بشكل خاص. وعلى صعيد القدرة الصناعية ومقارنة باحتياطيات النفط والغاز الغنية المؤكدة، كان التنقيب عن النفط والغاز في العراق دائمًا عند مستوى منخفض نسبيا، كما أن قدرات التكرير ونقل خطوط الأنابيب الداعمة ضعيفة نسبيا مما حد من تحسين المستوى العام للصناعة.

ثالثا: التحديات الرئيسية التي تواجه الاستقرار الاجتماعي العراقي.

1- على الرغم من انتخاب الرئيس العراقي الجديد من قبل البرلمان وترشيح رئيس الوزراء، إلا أن التنافس بين القوى السياسية المختلفة قد يستمر في التأثير على الاستقرار السياسي والاجتماعي.

2- تسبب الصراع على السلطة بين القوى السياسية في إلحاق ضرر كبير بالحوكمة الوطنية والخدمات العامة، حيث لا يمكن تحويل عائدات النفط "الوافرة" إلى صناديق بناء لتحسين معيشة الناس، كما تواجه التنمية الاقتصادية العديد من المشكلات.

 -3أدى نظام تقاسم السلطة التقليدي إلى ظهور مشاكل مثل الفساد المالي والاداري وغياب العدالة في الحكم والبيروقراطية الشرسة وعدم الفاعلية وما إلى ذلك، والتي يكرهها الجمهور بشدة.

4- أدى غياب ميزانية الدولة إلى ضعف الوظائف الحكومية وسوء الإدارة، إلى جانب النزاع الروسي الأوكراني وتأثير ذلك على أسعار الضروريات اليومية وما له من اثر خطير على حياة الناس. أخيرا وضع تدخل القوى الإقليمية والغربية العراق أمام تحد يتمثل في الموازنة بين قوى ومصالح دول على حساب  دول أخرى، وعظم أثرها على الوضع السياسي والمجتمعي العراقي.

رابعا: تطور وآفاق العلاقات العراقية الصينية.

علاقات دبلوماسية

منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية في عام 1958 بين الصين والعراق حافظ البلدان على تبادل وتعاون وثيقين في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة. خاصة مع التعزيز المستمر لقوتها الوطنية أصبحت الصين مشاركا مهما في بناء الدولة العراقية ومحركا للتنمية الاقتصادية ومدافعا عن السلام الإقليمي وهو دور يختلف تماما عن الدول الاخرى.

ونظرا إلى المكانة المحورية لصناعة النفط والغاز في الاقتصاد العراقي، تولي العراق والصين أهمية كبيرة للتعاون في تنشيط صناعة الطاقة المحلية وتطوير حقول نفطية جديدة وتوسيع سلسلة صناعة النفط والغاز وبناء المرافق المساندة.

وفي هذا الإطار شاركت شركة البترول الصينية (CNPC) بعمق في الاستثمار في الطاقة العراقية وبناء المشاريع، وقدمت مساهمات إيجابية في التعاون في مجال الطاقة بين البلدين والتنمية الاقتصادية للعراق بالتكنولوجيا الصينية والمعايير الصينية والصورة الصينية. ومن الجدير بالذكر على وجه الخصوص أن شركة البترول الصينية تولي أهمية كبيرة لحماية البيئة وتتبع دائما المعايير الدولية وقواعد الصناعة، وتحقق الوحدة العضوية للمسؤوليات الرئيسية الثلاث المتمثلة في الاقتصاد والبيئة والمجتمع.

خامسا :استنتاجات واقتراحات.

1- احتياجات بناء الدولة في العراق وفضائها وإمكاناتها الضخمة، تجذب رغبة العراق الملحة في تطوير اقتصاده ورؤيته الواعدة لتطوير مشاريع الطاقة وطلبه الهائل على الإنشاءات الهندسية  ودخول الشركات الصينية سوق البلاد. ونقترح استهداف الاحتياجات المشتركة للعراق والصين من أجل المنفعة الاقتصادية المتبادلة والتعاون في مجال الطاقة، والاستفادة من مبادرة "الحزام والطريق" الصينية ، وتقدير التــطورات الممكنة ومواصلة توسيع وتعمـــــيق الاستثمار في الطاقة في العراق، والاستمرار للتعاون في مجال الطاقة بين البلدين.

2- تتمتع الصين والاستثمارات الصينية بسمعة طيبة في العراق، وهناك العديد من التــــــسهيلات المقدمة للاستثمار والتعاون في المشاريع. إن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الصينية لتعزيز الــــــعلاقات السياسية والاقتصادية بشكل شامل مع العراق والنتائج المثمرة التي حققتها قد حظيت باعتراف وترحيب على نطاق واسع من قبل حكومة وشعب العراق. ومن الواضح أن الجانب العراقي يأمل في العمل مع الجانب الصيني لصياغة "خطة ثنائية مشتركة" لتــــــعزيز التنمية الاقتصادية في العراق، والتي توفر المزيد من الإمكانيات للشركات الصينية للتوسع بعمق في العراق.

نقترح الاستفادة الكاملة من ترحيب العراق بالصين والاستثمارات الصينية ووديتها، لصياغة خطة تنموية واضحة متوسطة وطويلة الأجل، وتعزيز وتوطيد مختلف الاستثمارات والتعاون تدريجيا.

3- نقترح أنه وبحكم الرغبة في تطوير العلاقات الودية المتبادلة بين العراق والصين والاتجاه العام لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري، يجب وضع تخطيط شامل للأعمال بشكل مسبق، واستخدام قنوات ووسائل متعددة لخلق بيئة عمل أكثر ملاءمة لمشروعاتنا أثناء متابعة عملية تشكيل الحكومة الجديدة وتعيين الموظفين وتـــنقيح السياسات والاتجاهات الأخرى.

4- نقترح أن نبذل قصارى جهدنا لتعزيز العمل الأمني، وأن نركز على بناء حصن للوقاية الأمنية بمفاهيم أمنية ووسائل تقنية متقدمة في ما يخص المؤسسات والموظفين، لإنشاء نظام أمان متعدد العناصر وتبادلي وفعال.

4- نقترح اقامة علاقة مشتركة بمعاهدة صداقة بين العراق والصين في مجال التعليم. ولتقوية العلاقات ممكن النظر الى هذه النقاط:

أ- فتح قسم اللغة الصينية في كلية الآداب في جامعة بغداد او اي جامعة عراقية اخرى كخطوة اولى ومن ثم تعميمها الى كليات اللغات في عموم العراق، لتهيئة كادر يدرس اللغة الصينية في المدارس الابتدائية في المستقبل.

ب- تفعيل المنح الدراسية والبحثية وايفاد الاساتذة الاختصاص الى الجامــــــعات الصـــــــينية لتطوير وصقل الخبرات في محاولة لنقل وتطبيق النظم والمناهج الصينية في التعليم العالي الى الجـــــامعات العراقية.

ج- اصدار مجلة اكاديمية ثنائية اللغة ( العربية والصينية- مشروع مستقبلي) وفتح المكتبات العراقية امام الصينيين والمكتبات الصينية امام الباحثين العراقيين.

د- ارسال اساتذة باختصاص اللغة العربية الى الصين للتدريس اللغة العربية، مع جلب اساتذة صينيين لتدريس اللغة الصينية في العراق.

ه- ادخال مادة دراسية عن تاريخ الصين والنهضة الصينية .

و- تطوير مراكز الفكر والرأي (البحوث والدراسات) من خلال فتح مجال التعاون مع مؤسسة شنغهاي للدراسات الدولية لدراسة وضع العراق في مجالات مختلفة. ومحاولة ربط مركز بحثي عراقي للتعاون مع هذه المؤسسة.

ز-  تطوير الخدمات المادية في الدفع الالكترونية على ما هو معمول في الصين والاستفادة من هذه التجربة المتطورة..

ح- السعي الى تطوير عمل الحكومة الالكترونية للتقليل من الفساد المالي والاداري.


مشاهدات 967
أضيف 2022/12/12 - 5:22 PM
آخر تحديث 2024/11/22 - 1:10 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 276 الشهر 9400 الكلي 10052544
الوقت الآن
الجمعة 2024/11/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير