يا أمة عجبت من (لواكتها) الأمم

منهل الهاشمي

 20 سنة لم نتعظ.. ولن نتعظ, هي ذي دورة الفساد الطبيعية في واقعنا السياسي, كلما جاء رئيس وزراء بحكومته الجديدة شرع الكثير فطبلوا وزمروا وهتفوا له بأنه المخلّص الجديد المنتظر الذي سيملأ الارض قسطا وعدلا بعدما ملأت ظلما وجورا !!. رغم معرفتهم بأنه صنيعة هذا (السستم) النظام الفاسد المفسد المنخور من الداخل تماما بدودة الفساد واللصوصية والقتل والخيانة والعمالة , وطبيعته التي لا تسمح لغير هؤلاء باختراقه .. او الدخول في هذه الحلقة.. الدائرة الضيقة.

هناك مشكلة بنيوية في التركيبة الشخصية للفرد العراقي لا ادري كيف غابت عن عالم الاجتماع العراقي المعروف (علي الوردي) وهو الخبير في تحليل شخصية الفرد العراقي وتعرية سلبياته وتناقضاته وازدواجيته الا وهي (التملق الفطري) للحاكم او المسؤول ايا كان , واظن لو حللنا دم الكثير منهم فسنجد بدل فصية (O) فصيلة (لو) اي لواكَة !!. هكذا تجد الاغلبية يندفعون بحماس شديد مستغرب فينبرون.. ويتبارون في الدفاع عن رئيس الحكومة الجديد رغم كونه من ضمن ذات الاحزاب الفاسدة.. الكاسدة التي ابتلينا بها بعد الاحتلال البغيض, ويتطوعون للدفاع عنه مجانا كمحامٍ للشيطان وتراهم يبررون ويختلقون له مختلف الذرائع والحجج اذا ما كان كحال سابقيه من الفساد والفشل الذريع :

- هو نزيه وشريف ... بس الكتل والاحزاب ما تخلي يشتغل !! (وكأنه لم يكن من ضمنهم بل نزل علينا بباراشوت من اعالي الفردوس !!)

- هو جاد جدا بالاصلاح ... بس بطانة السوء , والمستشارين الفاسدين هم اللي يمنعوه من الاصلاح !! (وكأنه ليس هو من جاء بهم !!)

عصا موسى

- قابل الرجل عنده عصا موسى حتى يخلصنا من الفساد والفاسدين !!! (فلماذا إذاً تصدى للمسؤولية اصلا وفي النهاية اخذ الجمل بما حمل ؟!)

وقل مثل هذه الحجج والاعذار السخيفة الواهية اضعاف اضعافها مما تسمعه يوميا في الشارع او في التلفاز او على منصات التواصل الاجتماعي (المقرفة).

وهكذا في النهاية يصورونه لنا حملا وديعا, شريفا عفيفا, وطنيا صادقا مخلصا لكن من ذكرتهم آنفا هم من افشلوه واعاقوا مشروعه الاصلاحي الوطني الكبير !!. هذا الطرح كثيرا ما تسمعه يطرق مسامعك سواءً أكانوا مواطنين عاديين ام محللين وخبراء سياسيين ستراتيجيين !!. والاخيرين بالذات هم من توظفهم الاحزاب الفاسدة لتصدير هذا الطرح المستهلك , والصورة النمطية الوهمية المزيفة على ألسنتهم لأي رئيس وزراء جديد باعتبارهم يتحدثون (بحيادية وعلمية وموضوعية كونهم مستقلون !!). وغالبا ما نرى هؤلاء المحللون في الدورات الانتخابية اللاحقة يدخلون الانتـــخابات كمرشحين عن تلك الاحزاب !!.

الذي افهمه ان من يدافع عن هؤلاء الحكام والمسؤولين والزعماء من اللصوص من المستفيدين منهم دوافعه واسبابه مفهومة ومبررة - من الناحية المنطقية – اما ان ينبري الكثير.. والكثير جدا للدفاع عنهم والتبرير لهم فهذا ما لا افهمه او اجد له تفسيرا منطقيا سوى الغباء, الجهل والتخلف, والسذاجة المفرطة ... ناهيك عمّا اسلفت وذكرته (اللواكَة) الفطرية المتجذرة في تركيبة اغلب الشخصية العراقية تجاه الحاكم او المسؤول. والمضحك المبكي بل والمسخرة تجد في ان اغلب قيادات هذه الطبقة السياسية الفاسدة (الخايسة) قد اعترفوا بعظمة لسانهم بفسادهم او فشلهم او تعاطيهم الرِشا والكومشنات او تقاسمهم الكيكة والغنائم والحصص وبأنّ التاريخ لن يرحمهم....الخ

ورغم كل ذلك هناك نسبة كبيرة .. بل وكبيرة جدا ما زالت تدافع عنهم وتبرر لهم, فهل هناك من قائمة ستقوم لنا بعدْ ؟!.

وهذه احدى الاسباب التي جعلتني اتوقف عن الكتابة في السياسة ومتاعبها لشــــــعوري بالعبث واللاجدوى التام من كل ما نكتبه ونقــــــــــوله اذا كان هذا حال ومنطــــــق الاغلبـــــــية, ولهذا حالما قرأت عبارة رائعة على بروفايل صفحة احد اصدقائي بالفيس والتي اختصرت كل ما يجيش في صدري استأذنت بوضعها على صفحتي وتقول (الثائر في مجتمع جاهل كمن يضرم النار في جسده كي ينير الطريق لرجل... ضرير !!)

القادم اسوأ بكثير .... صدقوني !