الهيمنة لدى الإنسان والحيوان
عدنان سمير دهيرب
ثمة تشابه بالأساليب و الادوات التي يستخدمها الانسان و الحيوان للوصول الى الغابات أو الاهداف ، لأسباب بايلوجية أو أجتماعية و أخرى سياسية.
وتُعد الهيمنة أحدى غايات الآلهة و الافراد و الجماعات و الحكومات و الدول ، بأشكال مختلفة قائمة على الحاجات الغريزية لدى الحيوانات ، و مثلها مع حاجات أخرى لدى الانسان.إذ أن الهيمنة و الامتلاك يحققان الرغبة والنوازع الكامنة لدى الجهات الساعية للسيطرة بخضوع الاخرين ، بالأرغام على التنازل عن حقوقهم ، و تقديم أشكال من الطاعة تحت مبررات و ذرائع تتعلق بالخلاص من العنف و القتل و الحفاظ على المصالح إزاء جبروت الجهة المهيمنة ، و ربما الانحناء لها بهدف حمايتها .
و هذا الأمر يتجلى في الغالب بصور و إشارات تقوم على أساس تكريس التراتبية الهرمية في المجتمعات و الدول فيما تشير دراسات عديدة الى وجودها أيضاً ، في سلوك الحيوانات و المتعلقة بالغذاء و الجنس ، بأستخدام القوة لتأمين هاتين الحاجتين المهمتين التي يشتركان فيها كل الحيوات. بالاستحواذ على كميات أكبر من الطعام ، و مزيداً من الأناث لاسيما ذوات الخصوبة العالية ,و التلال الملتهبة ، و ليس الهرمة التي لا تحفز أو تنعش الجهاز التناسلي.
غير أن توسع أو تعدد حاجات الانسان و تعقد الحياة فرضت سلوكيات مغايرة و أساليب حديثة تدفع بأتجاه الهيمنة لتأمين نوازع بايلوجية و أخرى فكرية و شعورية للحصول على الاعتراف و المكانه التي يتطلع اليها الافراد بين أقرانهم .
و الهيمنة هي (إستخدام القوة او التهديد بأستخدامها) أو من خلال (البرستيج) الاحترام الذي يُسبغ دون شروط ، في التراتبية المعتمدة على الهيمنة ، و كما وصفه هنريتش وجل- وايت ، يتميز بغياب الخوف نسبياً ,يصونه الافراد ذوو المرتبة العليا بأظهار البراعة و الحكمة و الموهبة أو اللجوء الى الاقناع . و قد يلجأ الفرد الى الهيمنة و البرستيج معاً لتحقيق المكانه والحفاظ عليها.
تفسيير اتجاهات
أن اللجوء الى الوسيلتين لا ينحصر على الافراد و إنما الدول أو الحكومات والاحزاب لتحقيق السيطرة و الخضوع من خلال وسائل أبرزها الاعلام والدعاية و الترويج لأفكارها لتغيير إتجاهات الجمهور و إستمالته إيديولوجياً ، أو بأستخدام العنف المشروع وفق المفهوم الفيبري. و هذا السلوك يتجلى غالباً عند التحولات السياسية و الاجتماعية و تغيير شكل النظام الذي يواجه جم التحديات من جهات مختلفة تحمل ذات الغايات ، و لكن بوسائل متباينة . و يزخر الواقع العراقي خلال السنوات المنصرمة ، بأزمات و صراعات تكشف عن بيئة معقدة تنطوي على إرث من الخلافات و الانقسامات والابتزاز بين قوى غايتها الهيمنة و السيطرة للتخلص من الاحباط و الموقع المتدني في الترتيب الهرمي بأمتلاك السلطة التي توفر القوة و المال ، و العمل على صناعة التناحر بين المجموعات في الحيز المكاني . فضلاً عن صياغة القوانين التي تمنح الحصانة و الحماية من المساءلة . و هذا الاحتدام بين المتنافسين و الادق بين المتصارعين يوفر ذرائع لظهور المستبد ، بأستخدام أساليب مختلفة للاستحواذ و الهيمنة على (جمجمة إنسان حديث تؤوي عقلاً من العصر الحجري) . تعيش في محيط من المظلومية و الأحباط الذي يترسخ بصيغ متعددة لتحقيق التحكم من قبل الجهات المتحكمة .
و ربطاً لما أشرنا فقد ركز عالم الرئيسيات فرانز دي وال في دراسة لمستعمرة الشمبانزي في حديقة حيوان برجرز في مدينة آرنهم الهولندي ,على مراقبة ذكر مهيمن يُدعى يروين. سلطة يروين كانت مطلقة ،و أستحوذ في فترة ما على 100 بالمئة قريباً من علاقات التزاوج في المستعمرة . بعد أن تمت الاطاحة به أخيراً . لم يتمكن أي ذكر آخر من تحقيق ما يشبه تلك السيطرة الكلية على رفاقه ، و إرتبطت العلاقات الجنسية التي يقيمها المتنافسون الباقون إرتباطاً وثيقاً ، بمستوى الهيمنة التي يبسطها الذكر خلال فتره ما ، و التي تختلف وفقاً للتحالفات التي يعقدها ، و للمواجهات التي يربحها أو يخسرها .
عندها توصل دي وال الى أستنتاج هام (هناك عموماً ترابط قطعي مابين مرتبة الذكر و ما بين تواتر التسافد، رغم أن هذا الترابط ليس قانوناً صارماً بأي حال من الاحوال ، بل هو بالأحرى قاعدة لها إستثناءات ، الذكور ذوو المرتبة العليا أشد عدائية ، و لايتسامحون مطلقاً مع المنافسين ذوي المرتبة الأدنى ، و أن قبضوا على ذكر آخر يتزاوج فقد يهاجمونه هو أو شريكته ، من الواضح ايضاً أن الأناث مدركات تماماً لهذه الخطورة( هكتور .أ. غارسيا ، الإله ألفا).بمعنى أن العنف أحد أهم وسائل إمتطاء الظهور المنحنية. و أن (عقول العصر الحجري) يسيراً إقتحامها بالتضليل ، تحت عناوين و شعارات كان يرفعا يروين أو غيره .