من اجل صياغة مقاربة لجوهر السلطة ومساحات الإبداع الشعري، فقد يكون التحليق ضروريا، مع سفر الدكتور ناظم عودة، حيث الوقوف على معالم المرحلة الادبية المعاصرة، المرتبكة الملامح، بــدءا من الشاعر الاشكالي:
تي اس إليوت، وليس انتهاءا، بدءا من حفريات ميشيل فوكو والتى سوسير
فقد يبدو فن الشعر عموما ونشاط الشعر العراقي، على وجه التحديد، في عالم الْيَوْمَ تطهيرا فكريا، وتجاوزا معرفيا وليس مجرد ترف تعبيري، منمق بجذور تراثية، وان لم يعبه ذلك، وهو سجال شبه ابدي بين المعنى والاسلوب، ولطالما احتدم الصراع ، ثم النقاش في مسائل اسلوب تفسير النص الديني والنص الادبي، وبين درء السلطة ومحاباتها السلطة وبين العمل على احياء حرية التعبير، وذلك لخلق عوالم مثالية بديلة، كما في فصل الوعي الذي يسنده الباحث الى سيغموند فرويد.
وفِي جزء من المقدمة، يعلل الباحث لغياب الوعي والثقافة لدى البعثيين الاوائل، دون تعليل لهذا الكشف التاريخي المعرفي، ومع تفرد الشيوعيين بالثقافة والوعي الإبداعي الخالص، وهي مجرد واجهات حسد لها الشيوعي الروسي ليوحي عبر الحدود بقدرات ممثليها ومريديه، وان كان هذا صوريا، او متعارفا عليه بين النخب، وذلك بسبب نهل الشيوعيين من الثقافة الماركسية، وبقاء القوميين ضمن ادبيات نزعتهم الراسخة،ولان القوميين كان امامهم مهمات ادناها التحرر واعادة احياء الهوية العربية، فما زال الصوت القومي حتى الان، بلا ثقافة خلق عليا، وبلا تحليل مثالي، وأفضل نموذج هو الفراغ الذي تتركه السلطات الشمولية حال رحيلها وانقلاب القراء كما يقول محمود درويش على الكتاب
البحث الشيق للغة المقنعة يمر عبر شعراء الحقبات الخمسينية، حتى نهاية ٢٠٠١، عبر السياب والبياتي، وسركون بولس فاضل العزاوي خزعل الماجدي وزاهر الجيزاني وكمال سبتي ومحمد تركي النصار وعدنان الصائغ وباسم المرعبي ومحمد مظلوم وعقيل علي وحسين علي يونس واخرين…
أزمة اللغة والتداخل المعرفي في النص، ستبقى واحدة ومن اهم سجالات الآني والتاريخي، رغم الطفرات الكبرى في عالم الشعر ورغم لغة التجاوز والتنوير الفلسفي، ويعزى ذلك لمبدا الغائية المعرفية عبر اللغة الشعرية، وسعيها الحميم في معادلات النص والمعنى، وبسبب من تمردها البنوي البلاغي…
يتحتم على القارئ ان يكون مؤلفا، حسب انثيالات رولان بارت، كنهج للكتابة في درجة الصفر، وربما يتحول المبحث الادبي الاستقرائي الى نهج معرفي لمعرفة اعمدة الحكمة التي رسمتها، او سترسمها رؤى الشعراء عبر تاريخ الالم الانساني.