المُجمَّعات الاستثمارية التي بادرت الدولة لإنشائها في معظم محافظات العراق، كان الهدف من ورائها توفير المأوى المناسب للطبقات الفقيرة والتي تعيش في مناطق متجاوز عليها يُطلق عليها(الحواسم). لكن الواقع يشير إلى غير ذلك، فتلك المجمعات صارت أغلبها من نصيب الأثرياء ورجال الأعمال ومن الفاسدين الذين ضاقت بهم السبل لتصدير أموالهم الفاحشة إلى خارج العراق، فعمدوا على شراء تلك الوحدات السكنية بأموالهم السحت الحرام. الأمر الذي جعل أسعار تلك الوحدات السكنية ترتفع بشكل مرعب، مادام المستثمر هو الذي يتحكَّم بسعر الوحدة السكنيَّة، ولنا في مجمع بسماية خير مثال؛ إذْ ارتفع سعر الوحدة السكنية أضعافاً مضاعفة، وهذه الحمَّى بتصاعد الأسعار انتقلت إلى جميع المجمعات السكنية في المحافظات. في مدينة مقدَّسة أصبح سعر الوحدة السكنية في مُجمَّع الدرَّة نصف مليار دينار وربما يزيد عن هذا السعر الخرافي بالنسبة للناس البسطاء. غير أنَّ الذين حالفهم الحظ وحصلوا على وحدة سكنية في مجمع غدير كربلاء مثلاً، بعد أنْ دفعوا جهد العمر وباعوا الغالي والنفيس لشراء وحدة سكنية في هذا المجمع، لكنَّ وبرغم من مرور عامين على شرائهم لهذه الوحدات السكنية، لم يحصلوا على سند الدار حتى الآن؟ بحجج وذرائع شتى من قبل الجهة المستثمرة للمشروع، وأعني مجمع غدير كربلاء، فتارةً يخبرون المشتري أنَّ هناك عراقيل إدارية مع وزارة المالية، وتارةَ أخرى يقولون أنَّ السندات ستصل لكم خلال مدة زمنية قصيرة، وها قد مضى أكثر من عامين على هذا التسويف، آخر تصريحات هذا المجمع تقول أنَّ موظفاً في الدائرة المالية التابعة لمديرية العقاري يرفض الخروج للكشف على الوحدات السكنية؛ وهو المسؤول على ترويج السندات؛ فهل من المعقول أن موظفا بسيطاً يتقاعس عن عمله وليس هناك من يردعهُ على التأخير المتعمد؟ الجواب في الواقع؛ إنّما هذه ذريعة أخرى يستخدمها مجمع غدير كربلاء للتسويف على الناس الذين صرفوا كل ما عندهم من مدخَّرات بشراء هذه الوحدة السكنية، وإذا كانت إدارة المجمع تستهين بهذه الطلبات المشروعة وفق عقد موَّقع بين الطرفين، فعلى محافظ كربلاء التدخل بشكل مباشر لحل هذه المعضلة؛ وأنَّ غض النظر عن هذه المشكلة الحرجة يعني هناك محاباة إلى مجمع غدير كربلاء من قبلهِ؛ الناس جزعوا من الوعود الزائفة ولجأ بعضهم إلى المحاكم بتوجيه إنذار إلى مجمع غدير كربلاء، عن سبب تلكؤ إدارة المجمع بتسليم السندات إلى المواطنين الذين دفعوا ثمن الوحدة السكنية كاملاً منذ أكثر من سنتين. لقد انتاب القلق معظم الساكنين في هذا المجمع عن إحجام مجمع غدير كربلاء بتسليم السندات، ويبدو أن هناك خلف الأكَمة وهذا التسويف ما يجعل أحلام الساكنين قبض ريح، أحد الساكنين وجه هذا الإنذار إلى مجمع غدير كربلاء والموقَّع من كاتب العدل حيث جاء في الإنذار: سبق لي أن اشتريت من شركتكم داراً واقعة في مجمع غدير كربلاء وبموجب عقد مبرم مع شركتكم وقد سلمتكم كامل المبلغ وقد طالبتكم مراراً بتسجيل الدار باسمي إلاَّ إنكم تمتنعون عن ذلك إلى آخر الإنذار. لكنَّ إدارة المجمع وضعت في أذنيها العجين ولم تستمع أو تستجب لجميع هذه الإنذارات والشكاوى، الأمر متروك أمام رئيس الوزراء وهيئة الاستثمار ومحافظ كربلاء للتدخل وإعطاء هؤلاء المواطنين حقوقهم؛ فهم أصبحوا يخشون أنْ تكون تلك المنازل التي اشتروها بعرق جبينهم وبدماء أعمارهم منازل من سراب، صحيح هم يقطنون فيها ولكن يمكن للشركة أن تطردهم منها مادامت السندات باسم شركة غدير كربلاء حتى الآن. إنَّ صمت الجهات الحكومية على هذا التسويف من قبل إدارة شركة غدير كربلاء يعني هناك ثمَّة أمر لا يعرفهُ سوى الراسخون في الفساد. والله من وراء القصد.