في ذات الوقت فإن المانيا، ذلك العملاق الذي تحدثنا عنه، هي ذلك القزم في ثقلها السياسي على المستوى الدولي، لا يرى لها حجماً الا عندما تستخدم من قبل حلفائها الغربيين الأقوياء كحلقة في تدبير استراتيجياتهم، دون أن تحصل منهم على حصة كريمة. حتى انهم يجبروها على ما يضر بمصالحها، وكم حصل ذلك وما يزال.
من ناحية أخرى، من هي قطر؟ تلك الدولة الصغيرة المستلقية على ساحل الخليج العربي بغازها ونفطها وضحيج قناة جزيرتها وبطولة كأس العالم ودورها في حل المشاكل والتوسط بين القوى العظمى المتصارعة.
لم تكن هناك من الدول والشركات ممن استفاد من شراكاته الاقتصادية مع قطر كالألمانية. انها شراكات استثمارات وعقود تتجاوز مئات المليارات من الدولارات، وهي رغبات تعاون في مجال الطاقة تلامس خطوطاً حمراء في التوازنات الدولية.
انه ببساطة شديدة: من لا يحب المانيا، ولا يريد الخير لقطر!
ان ما تمارسه اليوم المانيا تجاه قطر، بارادة أو دون إرادة، وما تثيره من قضايا المثلية والتمييز في التعامل مع العمال الأجانب وشبهات الرشاوى في حصولها على ترخيص بطولة كأس العالم لهذه الدورة، وبالتحديد قبل بدئها بعد أسبوعين، دفع بوزير خارجية قطر باتهام المانيا، وبحق، بالازدواجية الاخلاقية.
لكن السؤال الآن هو:
هل يعقل أن يبلغ الغباء السياسي والدبلوماسي بوزيرة الداخلية الاتحادية ان تذهب باتجاه ما اشرنا اليه بخصوص التحرشات الالمانية بقطر، وهي تتهيأ لزيارتها؟ أي منطق هذا؟
بيد أننا سنبقى نقدر لقطر، الجرأة والحزم في ردها وموقفها من صبيانية التصرفات والتصريحات الالمانية، رغم تقديرنا لمحدودية إرادتها وخضوعها لمن لا يحبها، ولا يريد الخير لقطر.
برلين، 7.11.2022