الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
زيادة‭ ‬عددية‭ ‬خبر‭ ‬غير‭ ‬مفرح

بواسطة azzaman

زيادة‭ ‬عددية‭ ‬خبر‭ ‬غير‭ ‬مفرح

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬

‭ ‬من‭ ‬الخطأ‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬أي‭ ‬وزير‭ ‬لم‭ ‬يمض‭ ‬على‭ ‬جلوسه‭ ‬على‭ ‬مقعد‭ ‬منصبه‭ ‬سوى‭ ‬أسبوعين‭ ‬بإصدار‭ ‬قرارات‭ ‬تخص‭ ‬الوضع‭ ‬العام‭ ‬لقطاع‭ ‬وزارته،‭ ‬ذلك‭ ‬ان‭ ‬القرارات‭ ‬ذات‭ ‬التوجه‭ ‬العام،‭ ‬وليس‭ ‬ذات‭ ‬الوضع‭ ‬التنفيذي‭ ‬التنظيمي‭ ‬لمديريات‭ ‬وزارته،‭ ‬انما‭ ‬تحتاج‭ ‬الى‭  ‬مهلة‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬أربعة‭ ‬اشهر‭ ‬لكي‭ ‬يستوعب‭ ‬الوزير‭ ‬الجديد‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬حوله‭ ‬ولا‭ ‬يكون‭ ‬صدى‭ ‬للمفاصل‭ ‬القيادية‭ ‬المخضرمة‭ ‬في‭ ‬وزارته‭ ‬والتي‭ ‬تفرض‭ ‬رؤيتها‭ ‬المدفوعة‭ ‬من‭ ‬مرجعياتها‭ ‬السياسية‭ ‬غالباً،‭ ‬قبل‭ ‬ان‭ ‬تنضج‭ ‬رؤية‭ ‬الوزير‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يمارس‭ ‬مهامه‭ ‬في‭ ‬قطاعه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ولابدّ‭ ‬من‭ ‬اكتساب‭ ‬خبرة‭ ‬معرفية‭ ‬أولية‭ ‬للتعاطي‭ ‬مع‭ ‬الشأن‭ ‬العام،‭ ‬ولا‭ ‬أقول‭ ‬خبرة‭ ‬تؤهله‭ ‬للبناء‭ ‬وانضاج‭ ‬المسارات‭ ‬الكبرى،‭ ‬لأنّ‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يتوافر‭ ‬بسهولة‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬او‭ ‬سنتين‭.‬

هناك‭ ‬قرارات‭ ‬تصدر‭ ‬من‭ ‬وزراء‭ ‬الحكومة‭ ‬الجديدة‭ ‬لمجرد‭ ‬انها‭ ‬تخالف‭ ‬النسق‭ ‬الاداري‭ ‬الذي‭ ‬انتهجه‭ ‬الوزراء‭ ‬السابقون،‭ ‬والذين‭ ‬وقعوا‭ ‬بالخطأ‭ ‬ذاته‭ ‬حين‭ ‬أصبحوا‭ ‬وزراء‭ ‬من‭ ‬قبل‭.‬

‭ ‬وزير‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬أعلن‭ ‬انه‭ ‬وافق‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬اعداد‭ ‬طلبة‭ ‬الدراسات‭ ‬العليا‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المراحل‭ ‬الد‭ ‬راسية‭ ‬وصولاً‭ ‬للدكتوراه‭. ‬وكأنّ‭ ‬هذا‭ ‬منجز‭ ‬بحد‭ ‬ذاته‭ ‬كونه‭ ‬تلبية‭ ‬لطلبات‭ ‬مُلحة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬انّ‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬الذي‭ ‬تعاني‭ ‬الدراسات‭ ‬العليا‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬ترهل‭ ‬عددي‭ ‬ونوعي‭ ‬يحتاج‭ ‬الى‭ ‬وقفة‭ ‬من‭ ‬قطاعات‭ ‬تخطيطية‭ ‬مختلفة‭ ‬للوقوف‭ ‬على‭ ‬الحاجة‭ ‬الفعلية‭ ‬للبلد‭ ‬من‭ ‬الشهادات‭ ‬العليا‭ ‬تبعا‭ ‬للاختصاصات‭ ‬التي‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬نهضة‭ ‬البلاد‭ ‬وتنميتها‭ ‬واعادة‭ ‬اعمارها،‭ ‬وحتى‭ ‬مواكبة‭ ‬عمل‭ ‬الشركات‭ ‬الأجنبية‭ ‬فيها‭. ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يخدم‭ ‬العراق‭ ‬قرار‭ ‬زيادة‭ ‬اعداد‭ ‬طلبة‭ ‬الدراسات‭ ‬العليا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬رؤية‭ ‬استراتيجية‭ ‬توضح‭ ‬حاجة‭ ‬البلد‭ ‬لكل‭ ‬اختصاص‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬الإضافة‭ ‬النوعية‭ ‬التطويرية‭ ‬وليس‭ ‬العددية‭ ‬التي‭ ‬تحيل‭ ‬الى‭ ‬أنواع‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬البطالة‭. ‬كما‭ ‬ان‭ ‬طواقم‭ ‬التدريس‭ ‬تعاني‭ ‬ذاتها‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬في‭ ‬الخبرات‭ ‬والاعداد‭ ‬وقلة‭ ‬مواكبة‭ ‬نمو‭ ‬العلوم‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬لا‭ ‬ما‭ ‬ندر‭.‬

أمّا‭ ‬ظاهرة‭ ‬غلبة‭ ‬الاختصاصات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والدينية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬على‭ ‬العلوم‭ ‬الصرفة،‭ ‬فذلك‭ ‬خطأ‭ ‬جسيم،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬النسبة‭ ‬مناصفة‭ ‬بين‭ ‬الجانبين،‭ ‬لأنّ‭ ‬البلد‭ ‬يحتاج‭ ‬الى‭ ‬تسخير‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬تسعين‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬الاختصاصات‭ ‬لبناء‭ ‬القواعد‭ ‬الصناعية‭ ‬والنفطية‭ ‬والعلمية،‭ ‬والطبية،‭ ‬والهندسية،‭ ‬والتنموية‭.‬

سمعت،‭ ‬في‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬مناسبة،‭ ‬من‭ ‬أساتذة‭ ‬جامعيين‭ ‬مخضرمين‭ ‬او‭ ‬متقاعدين‭ ‬انهم‭ ‬شهدوا‭ ‬تدنيا‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬نوعية‭ ‬الخريجين‭ ‬والذين‭ ‬يلتحقون‭ ‬بالهيئات‭ ‬التدريسية‭ ‬بعد‭ ‬حصولهم‭ ‬على‭ ‬شهادات‭ ‬باتت‭ ‬تشبه‭ ‬الروتين،‭ ‬فمَن‭ ‬يُقبل‭ ‬بالدراسات‭ ‬العليا‭ ‬تجده‭ ‬كأنه‭ ‬قد‭ ‬تخرج‭ ‬فيها‭ ‬حتماً،‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬مستواه،‭ ‬فلا‭ ‬توجد‭ ‬نسبة‭ ‬معقولة‭ ‬من‭ ‬رد‭ ‬الأطاريح‭ ‬او‭ ‬طلب‭ ‬الغاء‭ ‬قبول‭ ‬طلبة‭ ‬لعدم‭ ‬اجتيازهم‭ ‬النتائج‭ ‬المقررة‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الكورسات‭ ‬مثلا‭.‬

ليس‭ ‬لزيادة‭ ‬العدد‭ ‬أهمية،‭ ‬وانما‭ ‬لنوعية‭ ‬الدراسات‭ ‬العليا‭ ‬وعلاقتها‭ ‬بحاجات‭ ‬البلد‭ ‬الفعلية‭ ‬لنهوضه،‭ ‬وإلا‭ ‬سنبقى‭ ‬ندور‭ ‬في‭ ‬فلك‭ ‬استهلاك‭ ‬الطاقات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬انتاجية‭ ‬فعلية‭. ‬

 

رئيس التحرير-الطبعة الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com


مشاهدات 356
أضيف 2022/11/21 - 4:16 PM
آخر تحديث 2024/07/15 - 10:08 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 101 الشهر 8090 الكلي 9370162
الوقت الآن
الجمعة 2024/7/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير