الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
عقدان ضاع فيهما الحلم

بواسطة azzaman

عقدان ضاع فيهما الحلم

محمد عبد المحسن الخفاجي

 

أصبحنا اليوم ( خارج الخدمة ) ، كما يقول الصناعيون في وصفهم الآلة القديمة ، بحكم العمر وحسابات السنين، وصرنا ضمن فيلق المتقاعدين .

كثيرون منا - وأنا أحدهم - غادرنا عالم الخدمة العامة قبل الأوان بفعل عوامل عديدة خلقها الإحتلال .

 منذ ما يقرب من عقدين من الزمن توقفت عجلة عملنا في عراقنا ، وكنا قبلها نحث خطى الأمل والطموح . كان لكلٍّ منا مشروع حياة وعمل لم يكتمل .

قضينا سنين الشباب في تحصيل العلم واختزان خبرات العمل .

كم كانت الأحلام عريضة هانت أمامها ليالي السهر وصار البذل مبدأً والتضحية عنواناً .

كان التنافس الحميد ميداناً، والسِبق فوزاً مُبهِجاً، والإنجاز غايةً ووساماً .

وكانت صفات الفضيلة تهزّ نبض العاملين وترفع جباههم وتزيد خطاهم وثوقاً واعتداداً ، فالنزاهة كنز ٌ مفترَض يحتويه الضمير وتجسده الأفعال ، والإخلاص مبعث للشعور برضا النفس ، وكان إخلال إنسان بقيمة من قيم الفضيلة كفيلاً بوضعه موضع الإستهجان والإحتقار .

كم ضحّى أناسٌ منّا بحقهم  في الراحة والإجازة .

وكم تجاوزوا ساعات العمل المطلوبة دون أمر من رئيس.

وكم بادروا بأفكارهم وبسواعدهم للتطوير والإرتقاء بالخدمة العامة .

كم قصّر كثيرون في واجبهم نحو أُسرهم وحرموا أبناءهم من متعة الإستظلال بأجنحة الآباء وبدفء أحضانهم .

ننظر اليوم إلى الوراء فنأسف على عقدين حُرِم فيهما الوطن من نضح عرق جباه أبناء بررة مخلصين توزعوا على أصقاع الأرض في كل قاراتها وتلقّفتهم جاهزين مهيَّئين بلدان غرفت من فيض عطائهم الذي فرّط بلدهم به .

في الحسابات المجرّدة من القيم الوطنية لم نخسر نحن، ولكن في حسابات مسؤولية المواطنة خسرنا شرف مواصلة التضحية والعطاء ، وخسر الوطن - وهذا هو المهم المُحزِن - فرصة كبرى من فرص الإرتقاء .

 

 

 

 


مشاهدات 526
أضيف 2022/10/16 - 4:58 PM
آخر تحديث 2024/07/18 - 4:08 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 8 الشهر 7997 الكلي 9370069
الوقت الآن
الجمعة 2024/7/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير