أزل السياب.. أنشودة المدينة

براعم علي العكيدي

منذ سنوات طوال ونحن نتابع برنامج( اهل المدينة) الذي تعرضه قناة (الشرقية) الفضائية ،برنامج يتحدث بلسان المواطن العراقي الفقير ،والفقير حصراً ..فالفقير فقط هو الذي يملك ذاتاً محبة للوطن وقلباً يشكو الى الله ولساناً داعياً لعظمته .ففي عراق اليوم الفقر هو انشودة المطر ! وبلسان انشودة المطر تابعنا ومنذ سنوات حلقات تلو الاخرى ومناشدات وشكاوى ورجاء ..مدح واطراء على ذاك التحسن الذي يسير بسرعة سلحفاة ،وشكوى  من ارنب التراجع  الذي يسير بالعراق عدواً الى الوراء..سنوات و الحناجر تصدح اصواتاً بلا صدى ..ولكن ذلك الصوت لم يلبس ثوب اليأس ولم يتملكه الملل ،وبقي صوت (اهل المدينة )ينطق بلسان اهلها .. ذات مساء استوقفني تقرير عن الاهمال الحاصل في جامعة بغداد ، فاستدرجتني التقارير الواحدة تلو الاخرى ، تلك التقارير التي تشكو  الاهمال و  تكشف عن التراجع الحاصل في كافة المؤسسات العراقية  الطبية والتعليمية والفنية وغيرها الكثير  ضمن قائمة التراجع والقائمة تطول.. عندها انتابتني مشاعر حزينة لا اعلم تحت اي مشاعر تدرج! فلقد  كنت  متابعة لهذا البرنامج منذ سنوات ،قبل ان تطغي وسائل التواصل على وضيفة التلفاز في المنزل وتحوله الى قطعة ديكور ،وبعدها اصبحت اتابع  مقتطفات على وسائل التواصل المختلفة ..زمن مضى وهذا البرنامج يشهر سلاحه، يحارب بأسلحة  الاعلام السلمية ،كادر كبير حاربوا التراجع التعليمي والخدمي و الطبي ،حاربوا الموت والقتل بدم بارد،صرخوا بصوت دجلة الغارق في  الجفاف ، ساندوا ابطال تشرين ،وصرخوا بملء حناجرهم مناشدين المجتمع العراقي الالتزام بالاجراءات الوقائية في حربه ضد كورونا ،وحتى اليوم يصرخون و لم تطالهم ايدي اليأس ..منذ زمن وهذا المشروع لم تطاله وساوس الفشل ..منذ زمن والحرب قائمة ضد الوجع العراقي وحتى اليوم لم تضع الحرب اوزارها او ترفع راياتها البيضاء!

 من قلبي اتمنى  ان التقي بكل العاملين في هذا البرنامج لاقدم لهم تحية شكر وارفع القبعة اجلالا لصبرهم،فرغم ان العراق يعدو عدواً في ماراثون التراجع الى  الخلف على مرأى  الجميع وبشهادة الطبيب والمهندس والمعلم والطيار وصانع القهوة وبائع الخضار ، الا ان هذه الارواح تصارع الامواج متشبثة بأمل ايصال المركب الى بر الأمان .

لم أجد امامي الى ان اكتب رسالة شكر وتقدير ارسل بها تحية حب واحترام لتلك القلوب العراقية الاصيلة التي لا تقبل الهزيمة،فأما العراق او العراق…من قلبي اكتب حروف محبة  اتمنى ان تصل للاعلامية ازل السياب تلك العراقية الحرة الشجاعة..التي لم تترك ساحة الاعلام الصادق للعبث ،فلم نرها تتاجر بصور شخصية او فديوات عائلية او تروج لمنتوجات اعلانية من اجل دولارات امريكية ولاجل الـ(ترند)في مواقع (التباعد)الاجتماعي…فهي منذ(  الازل) اعلامية صادقة بصوت اعلامي لاجل الشعب ،وقوت الشعب..

شكراً من البصرة حتى الفاو .شكراً لجذورك العراقية القوية ..شكراً لدمك العراقي الاصيل..شكراً لقلمك ..شكراً لصوتك الصارخ بالحق صمتاً ..شكراً لك بقلمٍ عراقي يحلم بعراقٍ  يشبه ماكان،عراق سومر وبابل واشور ،عراق الخط المسماري ،عراق الادب ،عراق الفن الاصيل ،عراق العراقيين الاحرار..شكراً لأبنة السياب إبن البصرة الفيحاء..شكراً لانشودة المدينة الصارخة بصوت اهل المدينة . شكراً لكل اهلنا في اهل المدينة.