الذكرى السنوية 29 لوفاة إسطورة الرياضة العراقية عوسي الأعظمي
بغداد - خلود جاسم محمد
في نهاية عشرينيات القرن الماضي ظهرت شخصيات مهمة رياضية شكلت ارثا حضاريا في عالم الرياضة ، وكونوا بدايات لنشأة رياضية فاعلة على كل المستويات الرياضية ومنهم (عباس الديك وصبري الخطاط ومجيد ليلو وعوسي الاعظمي رحمهم الله وغيرهم الكثير. عوسي الاعظمي برز من بين تلك الشخصيات التي بقيت في ذاكرة الرياضيين الى يومنا هذا ، وكان عوسي الاعظمي له الفضل في ازدهار الحركة الرياضية بمنطقة الأعظمية في بداية عقد الثلاثينيات ،. وله الكثير من الحكايات على ألسنة كبار الشخصيات السياسية والرياضية والثقافية للطافةِ معشرهِ وفكاهته.
اسمه جاسم محمد طه سنبل العبيدي وكنيته عوسي الاعظمي ، ولد في بغداد عام1331 هـ/ 1913م وينتمي لقبيلة العبيد العربية القحطانية الحميرية ، وله الكثير من النشاطات الرياضية منها الزورخانة والدراجات الهوائية والسباحة والمصارعة الحرة ورفع الأثقال وكمال الأجسام ، كما أبتكر لعبة التزحلق ( التزلج ـ السكيت) في الأعظمية ونظم سباقاتها ، كان لجنة اولمبية بحد ذاته وعند تضاءل دور الزور خانات قبل الحرب العالمية الثانية ادرك عوسي بفطنته البسيطه بداية الثلاثينات انها متجهة الى الزوال حينها ازداد تركيز قابلياته التخصصية في المصارعة الحرة وكمال الاجسام والسباحة وركوب الدراجات والجمناستك وبدأ التطلع الى الاحتكاك الخارجي .
تم تأسيس النادي الملكي (الاولمبي) عام 1937 في عهد الملك غازي عند ساحة عنتر وكان عوسي من ضمن اهم مؤسسي هذا الصرح الرياضي الكبير . وعند افتتاح النادي عام 1940 قام عوسي الأعظمي مع مجموعة من اللاعبين بأداء حركات رياضية تعتمد على الخفة والسرعة أثارت أعجاب الحاضرين . وقد تم تعيين عوسي الاعظمي و مجيد ليلو مدربَيْن في النادي براتب شهري قدره 6 دنانير . بدأ عوسي يدرب الجيل الصاعد الجديد من امثال الابطال اموري اسماعيل ورحومي جاسم وكريم رشيد وكرمان علي ، فقد سطَّروا اروع الانتصارات الرياضية ورفعوا اسم العراق عالياُ عربياُ ودولياً وسيخلدهم التأريخ لثمرة ما صنعوه من مجد ورفعة ، وكان رئيس النادي رئيس الوزراء الاسبق الاستاذ حكمت سليمان الذي كان من الداعمين للرياضة في العراق ومشجعاً لهم ، فقد كرم عوسي والأخرين مرات عديدة من ماله الخاص وكذلك فعل الاستاذ خليل كنه والعميد الركن ناظم الطبقچلي الذين اصبحوا مدراء للنادي.
بطل المصارعة
وفي عام 1938م، فاز عوسي الأعظمي على المصارع الهندي علي محمد أحمد وهو من أفراد الجيش البريطاني، الذي كان يحتل العراق، في حلبة ساحة ملعب الكشافة في الأعظمية. وقد حضر الوصي عبد الإله الهاشمي هذا النزال وكرمهُ بمبلغ عشرين ديناراً.
ونازل في المصارعة بطل لبنان زكريا شهاب الحاصل على المدالية الفضية في اولمبياد هلسنكي 1952 وفاز عليه بالمصارعة الحرة وخسر امامه بالمصارعة الرومانية ، وفاز على بطل تركيا محمد اغلو كما فاز على الكثير من المصارعيين الاتراك والبلغار، قام برحلة الى الأقطار العربية ومنها مصر وإلتقى بالمصارع المصري إبراهيم مصطفى في النادي الأهلي و تعرّف على أشهر المصارعين المصريين وتدرب معهم كما نازل الكثير منهم ثم قابل الرئيس المصري محمد نجيب الذي أمر بأن تكون الأقامة على حساب الحكومة المصرية وتنظيم جولات سياحية له في مدن مصر التأريخية واحتفت به الاوساط المصرية بكونه احد ابطال العراق بالمصارعة والزورخانة ، ظل بطل العراق في المصارعة الحرة والرومانية على مدى 18عام
عوسي الاعظمي بطل السباحة
أشترك في معظم مباريات السباحة ، وكان اول من نظم سباقاتها وحاز على بطولات عدة، وقام بتدريب الشباب على السباحة في منطقة الأعظمية على ضفاف نهر دجلة، قام بتنظيم أول بطولة في السباحة و على حسابه الخاص حيث أعلنت في الصحف عن تنظيم بطولة للسباحة تبدأ من منطقة الراشدية و ساعده بذلك امانة العاصمة والصحفي عبد الرزاق نعمان المحرر في جريدة الزمان و شارك فيها سباحون عديدون منهم علاء الدين النواب من الكرخ و ناجي كيفية من الاعظمية وجبار علي من الفضل وسباحون من مناطق مختلفة من بغداد .
دوره الاعلامي
بدأ نجمه بالصعود واخذ يطبع صوره ويوزعها على المعجبين وبدأت الصحف تنشر اخباره وعن تنوع قابلياته الرياضية ، يعتبر من أوائل المشاركين في الأعلام الرياضي في العراق، وبالرغم من إنه كان أمياً وبسيطاً في تعليمه. وفي بداية افتتاح البث التلفزيوني لتلفاز بغداد كان يقدم برنامجا اسمه (المصارعة) عام 1957 وهو أول برنامج إعلامي رياضي يقدم عبر شاشة التلفاز ومن الطريف إن عوسي بدأ حديثه باللغة الدارجة في هذا البرنامج بقوله: (ايها المباوعون الكرام)، وهذا يؤكد عفويته وسلاسة حديثه وميله للطرافة ، وكان يطبع الدعوات الرياضية، ويوزع النشرات الرياضية وعلى نفقته الخاصة دعما للوعي الرياضي، وأصدر مجلة (الهدف) بداية الثلاثينات تختص بالرياضة وشؤونها ، كما اصدر كراسا في بداية الستينيات أسماها( اللياقة البدنية) ، لقد كان عوسي لجنة أولمبية بحد ذاته، كما أخبرنا من عاصره وادركه من اهالي الأعظمية والشخصيات الثقافية والادبية والرياضية العراقية.
السندباد البري عوسي الاعظمي
وهو من رواد الكشافة في العراق . ففي سن الثلاثين من عمره بدأ يزاول فعاليات الكشافة وقام بالتجول والسفر الى سوريا ولبنان وتركيا وبلغاريا ومصر . والصحفيون أطلقوا عليه أسم السندباد البري لكثرة رحلاته أشترك في جميع نشاطات الحركة الكشفية في العراق وكان من روادها . وقد نظم سباقات الدراجات الهوائية وكان بطلاً من أبطالها ، قام برحلة على الدراجات الهوائية الى بلاد الشام و مصر عام 1946 برفقة الدرّاج (قاسم أبو العنبة) والسيد (عبد الخالق/مصلِّح البايسكلات) اقام بطولة الدراجات من الحلة الى ساحة عنتر في الاعظمية وفاز فيها البطل قاسم ابو العمبة
وفاتـــــــه
كعادته اليوميه نهض عوسي الاعظمي مبكرا مع صلاة الفجر فتح المذياع وكان صوت القران يصدع في البيت ، يفتح انبوب الماء (الصوندة) ويسقي زرع البيت والشارع وكل مايدور بالبيت وحتى شوارع الجيران ، ثم يبدأ برياضة( الشناو ) لمدة نصف ساعة وبعض التمارين الرياضية الجسمانية والهرولة ، بعدها يبدأ بالفطور الصباحي المتكون من البيض المقلي والطماطة المقلية ورأس البصل والثوم والصمون الحار من الفرن مباشرة واللحم المقطع والشاي والقيمر والكاهي وجبن العرب ، كان لا يأكل القيمر لانه سيحرمه من اكل البصل والثوم ، صباحه جميل موشح بنسيم الشبوي الشتوي وراحة الجوري الربيعي والصيفي والداودي الخريفي (سبورت) هكذا !!! حياة الرياضي ، اخذ يقود دراجته الهوائية والتي لازمته طوال حياته متوكلا على الله ليذهب الى مسبح الصفا لتعليم الفتيان والفتيات رياضة السباحة وكان في الثمانين من عمره ، هنا حدثت حادثة الدهس بالسيارة التي كان يقودها مراهق يتعلم السياقة في منطفة القاهرة قرب جامعة الامام الصادق ( جامعة البكر) وكانت وفاته في يوم 11 ربيع الثاني 1414 هـ/27 سبتمبر 1993م . رحم الله البطل عوسي الاعظمي ، هو فعلا مات جسديا لكن اعماله الرياضية باقية تذكر باعجاب وهو درس وقدوه للاجيال الحالية والقادمة .
ونأمل ان تتولى وزارة الرياضة والشباب بنصب تذكاري للرياضي الرائد عوسي الاعظمي في واجهة نادي الاعظمية الرياضي تخليدا لجهوده الكبيرة في خدمة الرياضة والرياضيين ، كما ادعو وزارة التربية ان تدخل منهاجا للتاريخ الرياضي العراقي للمراحل الابتدائية والاعدادية لاعلامهم بدور الرياضيين الرواد الذين اعطوا للرياضة والرياضيين كل الوفاء والحب والمصداقية في العمل الرياضي .