الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الإنتقائية في السلوك اليومي للشخصية العراقية

بواسطة azzaman

الإنتقائية في السلوك اليومي للشخصية العراقية

 رعد الزبيدي

 

تشير ملاحظاتنا اليومية إلى وجود ظاهرة تمتاز بها الشخصية العراقية تتمثل بالإنتقائية في السلوك الاجتماعي في الحياة اليومية لذلك تبين مقالتنا بعض مظاهر سلوك الانتقائية وبعض اسبابها والمساهمة في تقديم بعض الحلول لها.

من بين مظاهر او علامات الانتقائية: يبرر بعض العراقيين ما يريد ويرفض ما لا يريد بناء على مصلحته الشخصية بغض عن مراعاة ظروف الآخرين المختلفة، فيقول ويجادل الشخص العراقي عندما يتعلق الامر باتباع ارشادات السلامة، وقواعد العمل، وتعليمات مراجعة الدوائر، وقوانين المرور وغيرها من النصائح والارشادات بأنه لا يمكن تطبيقها في العراق، ولكن عندما يواجه هذا الشخص نفسه بجدل في موضوع يخصه ويهمه وفيه مصلحة له، نجد أنه هو نفسه قد فعل المستحيل من اجل الوصول إليه وتحقيقه، كعمله ومثابرته الدؤبة في بناء رشاقة جسمه، ورأى بنفسه النتائج الايجابية لأرادته المتمثلة ببناء جسمه في قاعة الحديد "الرشاقة، بناء الأجسام". ولكن يبقى أحيانا مصرا على المجادلة السلبية في موضوع آخر لانه يختار ما يفيد مصلحته حتى وان كان غير مشروع، ويرفض تطبيق التعليمات والقوانين وإن كانت مشروعة ومفيدة إذا وجد أنها تمنع من تحقيق رغباته، وان كانت غير مشروعة ومضرة بالآخرين كالتدخين في الاماكن العامة عند العمل او مراجعة الدوائر والتواليتات العامة، وتجاوز الدور/الطابور (السره) عند الفرن لجلب الصمون، ومراجعة الدوائر والمستشفيات وما إلى ذلك.

وللأسف عادة ما يستخدم غالبية العراقيين الجدل السلبي ويقولوا بأننا في العراق، كمحاولة لغلق فمك والانتصار عليك في النقاش، ويقول ليس لدينا قانون وما إلى ذلك ليتهرب من فعل الخطأ...يحصل ذلك عندما تنصحه وتبين له الفرق بين الخطأ والصحيح، ولكنه مع ذلك تراه في مواقف اخرى يأخذ بكل مظاهر الحضارة الأخرى كاللبس الغربي واستخدام وسائل الاتصال الغربية كالتلفونات النقالة والانترنيت وآخر الموضات، اي يأخذ بمظاهر الحضارة وليس بإيجابياتها الحقيقية، ويحصل احيانا ان تجد الشخص ذاته يوما ما وينصحك بفعل الصحيح بعد تغير في القناعة وهذا شيء ايجابي. لكن يبدو هناك ثغرة في الوعي العام وعدم تطبيق قواعد السلوك الصحيح من الطفولة وعلى الجميع مع اخذ بنظر الاعتبار هناك معاندين ومخالفين في كل ثقافة وبلد ومجتمع. لذلك نرى أنه إذا أراد العراقي فعل شيء فأنه يستطيع فعله. ولكن لماذا يمتاز العراقي بالإنتقائية في التصرف؟ من بين الاسباب التي تؤدي إلى سلوك الانتقائية هي:

-1الطبيعة البشرية الخام القائمة على الإنانية غير الاجتماعية؛

-2وغياب او نقص او ثغرة او قصورة في التربية والتعليم والتنشئة الاجتماعية التي توعي وتعلم وتربي وتوضح بالتطبيق العملي الحاجة إلى التعاون مع الآخر يؤدي إلى مصلحة ايجابية للجميع، اشبه في حالة اتباع اشارات وتعليمات المرور التي تؤدي إلى السلامة وتجنب الحواث وخسائرها البشرية والمادية والتأخير وما إلى ذلك، بدل الفوضى القائمة على الانتقائية؛

-3والتراكم التاريخي للسلبيات كما في الحروب والحروب الاهلية والفساد الاداري وغياب الوطنية التي شهدها العراق، ولم تتوفر له فرصة كافية من الاستقرار. فقد ترك لنا الغزاة واشباههم تجربة سلبية جدا في خرق القوانين والتعليمات ومظاهر الحضارة الايجابية كافة. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل هناك حلول لهذه المشكلة؟ حسب خبرتنا المتواضعة في العيش في العديد من البلدان العربية والاجنبية لاكثر من عقدين من الزمن، فإن الكثير من الدول والشعوب والمجتمعات قد وجدت حلول لمعظم مشاكلها، ومن بين الحلول التي يمكن ان تقدم في هذا المجال هي:

1- استخدام اساليب صارمة في الثواب والعقاب على شكل مكافآت وغرامات منذ الطفولة المبكرة في البيت والمدرسة والشارع ومكان العمل لحل المشكلة، "فمن أمن العقاب اساء الادب" و "احترم تحترم"؛

2- ونشر الوعي عن طريق الإعلام: كنشر المقولات والامثال والحكم والمواعظ الاخرى الايجابية التي تقلل من الضرر بالمصلحة العامة والآخرين، كنشر المقولة "حب لغيرك ما تحبه لنفسك"، بأي طريقة وخصوصا الاعلام من اجل تعزيز القيم الإيجابية الاخرى، ووضع لافتات في كل مكان من اجل التذكير المستمر لمراعاة المصلحة العامة والآخرين؛ 

-3والتدريب على العمل الجماعي الطوعي: ينمي التدريب على العمل التطوعي ويعزز ويطور من الشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين ومراعاة مشاعرهم وحاجاتهم وظروفهم العامة والصحية كاحتمال ان الآخر مريض وعنده ضيق نفسه مما قد يدفع عن الامتناع عن التدخين في الاماكن العامة وخصوصا في الغرف والاماكن الضيقة في المستشفيات ودوائر الدولة وما شابه ذلك؛ 

-4والتربية على الانضباط الذاتي (Self-Discipline) : وهو المصطلح الذي سمعته لاول مرة في العام 1987 من استاذتي في محاضرة القتها في مبادئ علم السياسة باللغة الانجيليزية، المغفور لها انيسة السعدون؛ اي التربية على الإنسان ان يكون واعي ومراقب لنفسه على فعل المطلوب منه في اي موقف بدون الحاجة إلى مراقبة الآخرين ومحاسبتهم له؛

 -5وتنمية وتطوير محاسبة الضمير: تؤدي مختلف المؤسسات ومنها الدينية والعشائرية وغيرها في ايقاض الضمير الإنساني عن الضرر الذي يلحق بالآخرين وما هو مرغوب به من السلوك وما هو مرفوض وما هو حلال وما هو حرام، وما هو عيب وما هو مقبول مما قد يساهم في منع الفرد من القدوم على عمل مضر بالآخرين؛ 

6 - والاعتراف بالمشكلة وطرحها على الرأي العام: يفترض ان يساهم كل مواطن في حل مشاكل بلده بدلا من الهروب منها او تجاهلها وإلا أنك سوف ترى بمرور الوقت الأشياء طبيعية وكأنها عادة او تقليد، وهو ما حاصل الآن في العراق، واحتمال كبير أنك لا تساهم في تطورها أو نقدها ما لم يكن لك فكر خلاق ومبدع وقابل للتغير أو أنك خبرت صورة مقارنة لهذه الأشياء من خلال السفر والإعلام أو من خلال التجربة المعاشة.


مشاهدات 801
أضيف 2022/12/20 - 5:28 PM
آخر تحديث 2024/06/29 - 7:07 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 349 الشهر 11473 الكلي 9362010
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير