الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الجوع‭ ‬كافر‭ ‬ونحن‭ ‬كافرون

بواسطة azzaman

الجوع‭ ‬كافر‭ ‬ونحن‭ ‬كافرون

فاتح عبدالسلام

هناك‭ ‬في‭ ‬البيوت‭ ‬أكياس‭ ‬سوداء‭ ‬لرمي‭ ‬النفايات‭ ‬المنزلية‭ ‬والى‭ ‬جانبها‭ ‬أكياس‭ ‬شفافة‭ ‬لرمي‭ ‬الورق‭ ‬والبلاستيك‭ ‬الخفيف‭ ‬والمواد‭ ‬المصنوعة‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الاقمشة‭ ‬والعلب‭ ‬الكارتونية،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬تسهيل‭ ‬عملية‭ ‬الفصل،‭ ‬لإعادة‭ ‬الاستخدام‭ ‬عبر‭ ‬عمليات‭ ‬كيمياوية‭ ‬تنجري‭ ‬عليها‭ ‬فتعود‭ ‬بشكل‭ ‬مواد‭ ‬ورقية‭ ‬او‭ ‬بلاستيكية‭ ‬ذات‭ ‬استخدامات‭ ‬بسيطة‭ ‬لكنها‭ ‬يومية‭ ‬في‭ ‬المنازل‭. ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬العام‭ ‬الذي‭ ‬تتعامل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بلديات‭ ‬المدن‭ ‬والتجمعات‭ ‬السكانية‭ ‬مع‭ ‬المنازل‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الاوربية‭. ‬ويجري‭ ‬منح‭ ‬بعض‭ ‬الاكياس‭ ‬مجانا‭ ‬لأصحاب‭ ‬المنازل‭ ‬لتكريس‭ ‬ظاهرة‭ ‬الاعتناء‭ ‬بفرز‭ ‬النفايات‭ ‬بغرض‭ ‬تدوير‭ ‬الفائدة‭.‬

في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬اضافت‭ ‬البلديات،‭ ‬توزيع‭ ‬أكياس‭ ‬اصغر‭ ‬حجما‭ ‬بلون‭ ‬اخضر‭ ‬شبه‭ ‬شفيف،‭ ‬مصنوعة‭ ‬من‭ ‬مواد‭ ‬صالحة‭  ‬للتناول‭ ‬البشري‭ ‬حين‭ ‬توضع‭ ‬فيها‭ ‬الأطعمة‭ ‬الزائدة‭ ‬وقشور‭ ‬الخضروات‭ ‬والفواكه‭ ‬وحتى‭ ‬المحاصيل‭ ‬الغذائية‭ ‬التالفة‭ ‬والتي‭ ‬كان‭ ‬الناس‭ ‬يرمونها‭ ‬مع‭ ‬الفضلات‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬أكياس‭ ‬القمامة‭ ‬العادية‭. ‬وهذه‭ ‬الاكياس‭ ‬لها‭ ‬علبة‭ ‬بلاستيكية‭ ‬تتسع‭ ‬لخمسة‭ ‬أكياس‭ ‬مليئة‭ ‬ببقايا‭ ‬الطعام،‭ ‬ويتم‭ ‬جمعها‭ ‬كل‭ ‬أسبوع،‭ ‬ويبدو‭ ‬ان‭ ‬إعادة‭ ‬تدوير‭ ‬ذلك‭ ‬الطعام‭ ‬التالف‭ ‬والزائد‭ ‬يكون‭ ‬مع‭ ‬الاكياس‭ ‬غير‭ ‬السامة‭ ‬الموضوع‭ ‬فيها‭. ‬هناك‭ ‬استخدامات‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬تدوير‭ ‬بقايا‭ ‬الطعام،‭ ‬منها‭ ‬توفير‭ ‬أغذية‭ ‬للأسماك‭ ‬والحيوانات‭ ‬الداجنة‭ ‬او‭ ‬الاليفة‭ ‬التي‭ ‬تستهلك‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬غير‭ ‬ملحوظة‭ ‬عادة‭.‬

هناك‭ ‬دول‭ ‬تحاسب‭ ‬على‭ ‬وزن‭ ‬النفايات،‭ ‬وأصحاب‭ ‬المنازل‭ ‬يدفعون‭ ‬مبالغ‭ ‬للبلديات‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬زاد‭ ‬الوزن‭ ‬المخصص‭ ‬لكل‭ ‬فرد‭ ‬في‭ ‬المنزل،‭ ‬وهذا‭ ‬يحدث‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬بعيدة‭ ‬في‭ ‬سويسرا‭ ‬مثلا‭. ‬وفي‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬منها‭ ‬اليابان‭ ‬وكوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬يتم‭ ‬محاسبة‭ ‬الشخص‭ ‬في‭ ‬المطعم‭ ‬اذا‭ ‬ترك‭ ‬قسما‭ ‬من‭ ‬طعامه‭ ‬المدفوع‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يأكله،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬الغرامة‭ ‬زهيدة‭ ‬لكنها‭ ‬درس

في‭ ‬عدم‭ ‬التبذير‭ ‬واحترام‭ ‬حق‭ ‬الاخرين‭ ‬في‭ ‬حصة‭ ‬الطعام‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تتوافر‭ ‬لديهم‭.‬

الجوع‭ ‬كافر‭ ‬،‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬ان‭ ‬نكفر‭ ‬بالنعم‭ ‬المتاحة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إساءة‭ ‬استخدامها‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬توعية‭ ‬او‭ ‬ادراك‭.‬

الغلاء‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬،‭ ‬بعد‭ ‬ازمة‭ ‬الطاقة،‭ ‬وزيادة‭ ‬التضخم‭ ‬ومحدودية‭ ‬الأجور،‭ ‬جعل‭ ‬الناس‭ ‬يحسبون‭ ‬عدد‭ ‬اللقم‭ ‬لقمةً‭ ‬لقمة‭ ‬عند‭ ‬شراء‭ ‬الطعام‭ ‬او‭ ‬تحضيره‭ ‬في‭ ‬المنزل‭ ‬،‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬مجال‭ ‬لهدر‭ ‬شيء‭ ‬مطلقا،‭ ‬فالجوع‭ ‬على‭ ‬أبواب‭ ‬ذوي‭ ‬الدخل‭ ‬المحدود،‭ ‬والاحصائية‭ ‬الدولية‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬انسانا‭ ‬يموت‭ ‬من‭ ‬الجوع‭ ‬كل‭ ‬اربع‭ ‬ثوان‭ ‬تصف‭ ‬الواقع‭ ‬بدقة‭ ‬،‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬الصومال‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬خطر‭ ‬المجاعة‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬كثيرة‭  ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬،‭ ‬وأخرى‭ ‬في‭ ‬اوربا‭ ‬اذا‭ ‬خرجت‭ ‬الأمور‭ ‬عن‭ ‬السيطرة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تدابير‭ ‬حقيقية‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬ضبط‭ ‬سلم‭ ‬الأجور‭ ‬مع‭ ‬تكاليف‭ ‬الحياة‭ ‬،‭ ‬والاهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬خفض‭ ‬التضخم‭ .‬

‭ ‬هناك‭ ‬مشكلات‭ ‬كبرى‭ ‬ستغير‭ ‬بنيوية‭ ‬شكل‭ ‬العالم،‭ ‬ودولة‭ ‬أحادية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬مثل‭ ‬العراق‭ ‬،‭ ‬ليس‭ ‬فيها‭ ‬زراعة‭ ‬تناسب‭ ‬ارضها‭ ‬وعدد‭ ‬سكانها‭ ‬وغارقة‭ ‬في‭ ‬أزمات‭ ‬سياسية‭ ‬تافهة‭ ‬،‭ ‬ستعاني‭ ‬قبل‭ ‬سواها‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬قرع‭ ‬جرس‭ ‬الإنذار‭. ‬

 

رئيس التحرير-الطبعة الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com


مشاهدات 744
أضيف 2022/09/21 - 5:40 PM
آخر تحديث 2024/11/21 - 8:13 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 114 الشهر 9585 الكلي 10052729
الوقت الآن
السبت 2024/11/23 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير