القضاء يعلن أرقاماً صادمة بحالات الزواج خارج المحاكم
خبير: عوامل إقتصادية وإجتماعية وراء تفاقم ظاهرة الطلاق
بغداد - ابتهال العربي
تصدرت بغداد بجانبيها الكرخ والرصافة حصيلة حالات الطلاق في شهر ايار الماضي بنحو 710 حالة طلاق، تليها محافظة الأنبار بفارق كبير مقداره 199 حالة.وكشفت إحصائية أصدرها مجلس القضاء الأعلى أمس عن أرقام صادمة بالنسبة لحالات الطلاق والتفريق التي أصدرتها المحاكم في بغداد والمحافظات. وقالت إن (عددها في بغداد بجانبيها بلغ 1257 حالة. فيما بلغت في البصرة 556 حالة. وأكدت أن جميع الحالات المماثلة بلغ في جميع محاكم العراق عدا إقليم كردستان 3731 حالة طلاق خارجي. وبلغ عدد حالات التفريق بحكم قضائي ,1539 وإطلعت (الزمان) على الإحصائية ولاحظت أن كربلاء لم تسجل أي حالة تفريق قضائي ومثلها ذي قار، فيما سجلت النجف حالة واحدة فقط. وسجلت نينوى 189 حالة.بالمقابل أظهرت الإحصائية أيضاً حالات الزواج في الشهر فبلغت بغداد والمحافظات 18525 حالة زواج و3332 حالة تصديق عقود زواج خارج المحكمة. وقالت الخبيرة القانونية أسراء الخفاجي لـ(الزمان) إن (تزايد أعداد الطلاق بالفترة الأخيرة بصورة ملحوظة ومبالغ بها كآخر تقرير أصدره مجلس القضاء الأعلى عن نسب الطلاق). وأوضحت أن (العامل الإقتصادي والإجتماعي والنفسي يقفان وراء هذه الظاهرة). وبينت أن (تزويج القاصرات و الأبناء في وقت مبكر خارج المحكمة يؤدي إلى حدوث التفريق بين الزوجين). وأكدت أن الطلاق صار الحل الأسهل والأقرب بالنسبة للكثيرين). وأشارت إلى أن (حالات التفريق غالبيتها تحدث خارج المحكمة أو مخالعة أو تفريق مُستحق وذلك لعدم وصول الطرفين إلى إتفاق يمكن إستمرار الحياة الزوجية بموجبه).وتابعت أن (الإنحلال الذي يشهده المجتمع والتفكك الأسري وعدم تحمل المسؤولية في بناء أسرة وفقدان جدية العلاقات الزوجية دون نظرة مستقبلية عميقة للحفاظ على البيت الذي يجمع الزوجين).ولفتت إلى أن (هنالك أسبابا كثيرة مجتمعية ونفسية تكون أساسية في حدوث الطلاقات التي تتزايد يوماً بعد يوم بإعتبارها نتيجة حتمية لتلك الأسباب). وأكد الخبير القانوني صفاء اللامي لـ (الزمان) أن ( نسب حالات الطلاق المرتفعة مثلاً خمسة آلاف حالة في شهر واحد تعد مؤشراً بوجود مشكلة إجتماعية) وأوضح أن (المجتمع يعاني من خلل في البنية المجتمعية وقد شُخصت هذه الظاهرة لأكثر من مرة لكن ليس بصورة دقيقة). وأضاف أن (مشكلة تزايد الطلاقات تقف خلفها عوامل كثيرة تظافرت وأثرت بصورة كبيرة لتنتج مجتمعا منهارا ضمن البنية الأخلاقية والإجتماعية). وأشار إلى أن ( أهم العوامل التي رفعت وتيرة هذه الظاهرة هي فقدان المجتمع لمنظومته القيمية والأخلاقية التي تندرج بجوانب عديدة كالإنفتاح بمواقع التواصل الإجتماعي وفقدان الصلة فيما بين الأسرة ووجود فجوة بين أولياء الأمور والأبناء والإستخدام الخاطئ لهذه الأدوات). وتابع أن (من ضمن العوامل المهمة، العامل الإقتصادي حيث يعد عاملاً أساسياً في إستفحال هذه الظاهرة بما يخص عدم توفير فرص عمل للشباب وعدم توفر مصدر عيش جيد ليتكيفون مع الحياة اليومية، مما يؤدي إلى عامل نفسي مهم أيضاً يؤثر على حدوث الطلاق أو عدم إقبال الشباب إلى الزواج). ولفت إلى أن (هنالك عوامل أخرى تعد غزواً ثقافياً ساهم في مشكلة اليوم مثل مؤثرات المواقع الإلكترونية وفنون الدراما بأنواعها دون حماية من قبل القائمين على الأسرة وعدم السيطرة من قبلهم). وبين أن (العالم الإفتراضي الذي يشغل الفرد الآن بصورة مبالغ بها أدى إلى صنع شخصية عدوانية تؤدي إلى الإنفراد بالرأي والقرار وممارسة التعنيف ).وأكد أن (الإنفصال اليوم يحدث لأسباب تافهة لاتحمل أهمية مما يؤدي إلى نتائج كارثية). وذكر اللامي أن (علاج هذه الحالات يتطلب وقفة جادة من قبل الجميع وبمسؤولية مشتركة لإعادة اللحمة المجتمعية والبنية التي فُقدت بعد عام 2003 ، كما أن دور وزارات التعليم والتربية والثقافة والعمل والرياضة وغيرها من المؤسسات المعنية مهم جداً في التدخل وعلاج مثل هذه الظواهر التي تتمثل في الفساد الأخلاقي وإنهيار المؤسسة التعليمية وإنتشار المخدرات وغيرها).
وأشار إلى أن ( دور الإعلام والخطب الدينية لايقل أهمية في توعية المجتمع بإتجاه إعادة الثقة بين الأسرة الواحدة وخلق التكيف وتصحيح المنظومة الإخلاقية وفق مبادئ رصينة نشأ عليها المجتمع ). مبيناً أن ( السلطة التشريعية في الحكومية يجب أن تأخذ دورها في تشريع منظومة قوانين حديثة تتلاءم مع حجم المرحلة التي يشهدها البلد)، لافتاً انه (بدون هذه الحلول ستبقى حصيلة الطلاقات بتزايد في ظل النمو السكاني وضعف الخدمات والوضع السياسي والإقتصادي يعيشه المجتمع).