تجربة رعـد فاضل أنموذجاً.. كَهانة النّص الشّعري في كتاب
فارس سعد الدين السّردار
صدر عن دار ماشكي للطباعة والنشر والتوزيع، كتاب كَهانة النّص الشعّري (تجربة رعـد فاضل أنموذجاً) للدكتور محمد طه الربيعي، وهو دراسة في منجز رعد فاضل الشعريّ بواقع (285) صفحة بحجم ( 18 سم * 25 سم ). واشتمل الكتاب على محاور عدة مفتتحاً بمقدمة شيقة وضعت القارئ أمام فضاء الكتاب الذي تناول قصيدة النثر وما صاحبها من تحولات على مستوى تقانات الصورة، وتجليات اللغة، والانزياح اللغوي والتحول الدلالي، مرورا بأهمية بلاغة اللغة، وآليات توظيف الإيقاع وتمظهراته البصرية، وصولاً الى الاستنتاجات، ثم يختم بالمراجع. أما دواعي اختيار الناقد للشاعر رعـد فاضل فيلخّصها هو نفسه: " اختيار رعـد فاضل يعود لخصوصية تجربته الشعرية وتميّزها وأهميتها وتحوّلاتها الرصينة جمالياً ومعرفياً، ولكونه صاحب مشروع شعريّ ثقافيّ مائز، مما جعله يقف إزاء منجز شعريّ صعب المراس، وشاعر يستحقّ أن يأخذ حقّه في الدرس على وفق منهج فني يكشف عن مجموعة العناصر والقيم الشعورية والتعبيرية والفلسفية التي تتظافر في النص".
ومن المعروف أنّ الشاعر رعد فاضل منذ ثمانينيات القرن الماضي كان قد كرّس حياته وجهده الشعريّ والنظريّ لقصيدة النثر، التي يرى المؤلف " أنها اختطت النثر مساراً شعرياً مغايراً للمعهود فنياً ومعرفياً، وحققت فيه ميلاد شكل شعريّ هجر الوعي المشاع والمألوف الى ما هو أكثر غرابة ولا مألوفيّة، مدركة أن في ما وراء الملفوظات مسافات جمالية تحقق فيها شعرية مغايرة خارج إطار الوزن والقافية، ليصبح ايقاعها شفرة شعرية مخلخلة للثوابت عبر توتر النص وعلاقاته الداخلية، بالتشظي والإيحاء لمعاني مغلقة ومنفتحة في آن على أبعاد دلالية لا يطالها الحصر، مما يبقيها في مسارات القراءات المتعددة والجديدة مستفيدة من لعبة الدّوال والمتنافرات، التي تمنح الشاعر دفقاً شعوريا يسعى من خلاله الى كسر نمطيّة القراءة بالغرابة والدهشة والاتكاء على العبارة الشعرية المُزاحة عن سياقها المتداول" .
وللوصول إلى كلّ هذه المعاني وترسيخها عبر دراسة رصينة اقتضى الأمر الوقوف عند قصيدة النثر: نشأة ومفهوماً ودواعي ظهور، فتطرقت الدراسة الى عناوين فرعية ومنحتها اضاءات وضعت القارئ في فضائها الملتبس على الكثيرين. فاستعرض المؤلف قصيدة النثر غربياً وما أسس لها من شعراء ومنظرين، ثم قصيدة النثر عربياً مشيراً إلى أول المتأثرين بهذا النمط الحديث الذي حاول أن يتخطّى النمط القديم عبر ثورة من التمرد تقوم على مبدأ الانزياح والتجاوز، عبر آلية الهدم والبناء المتواصلين، بعيداً عن الاستنساخ والتدوير والتكرار. مارّاً بأعلامها ومستشهداً بالمرجعيات التراثية التي عززت من أحقية افتراضاتهم، حتى أنهم توصلوا بتنقيباتهم إلى حيث التراتيل والأناشيد البابلية والأكدية والآشورية، فضلاً عن ملحمة جلجامش التي كتبت أقرب ما يكون إلى قصيدة النثر والنص المفتوح. كما تناول المؤلف ما أحاط بهذا النمط الكتابيّ من اشكاليات عبر المصطلح والوزن والإيقاع والتجنيس، وصولاً إلى أُطر بناء القصيدة وأنواعها كقصيدة السؤال، وقصيدة السّطر الشعريّ، وقصيدة الومضة، والقصيدة الطويلة في إطاريها الدراميّ والقصصي. ولم يغفل المؤلف عن أهمية تجليات قصيدة النثر عبر ارتكازها على الصورة الشعرية وتجلياتها، وكذلك أعطى أهمية بالغة في دراسته لتحولات اللغة الشعرية، وآليات توظيف الإيقاع.
وقد أشار الدكتور محمد طه الربيعي إلى أهم المصادر التي أعتمدها كمراجع في دراسته هذه فكانت:
• كتاب قصيدة النثر من بودلير إلى أيامنا لسوزان برنار
- وكتاب القصيدة الرائية، أسئلة القيمة الشعرية. قراءة في شعرية رعـد فاضل للدكتور محمد صابر عبيد
- كتاب الطالع من الدهشة، إعداد وتقديم الشاعرة بيداء حكمت، والكاتب فارس السردار. الذي حوى دراسات مهمة تناولت منجز رعـد فاضل .
- كما أفاد من كتاب الناقد ياسين النصّير (محفة النار، قراءة فضائية في شعرية رعـد فاضل) الذي تناول فيه تفسيرات وتأويلات تحمل في طياتها البعد الرؤيوي والفلسفي للنص الشعريّ في منجز رعد فاضل الشعري.
- وأفادت كذلك من الدراسة الأكاديمية للباحث لؤي ذنون الحاصود برسالة الماجستير الموسومة (البناء السردي في شعر رعد فاضل).
- المؤلف في سطور:
محمد طه عبد المعين الربيعي
بكلوريوس آداب 2001-2002
دبلوم عالي/ طرائق تدريس اللغة العربية 2004
ماجستير في الأدب العربي القديم 2011 عن رسالته ( الأثر النفسيّ في تشكيل المعنى/ دراسة تحليلية للصورة الفنية في المعلقات.
دكتوراه في الأدب العربي الحديث 2020 عن أطروحته ( قصيدة النثر عند رعد فاضل/ دراسة فنية)
بحوث منشورة:
التحوّل الدلالي وتشظّي الرؤية في شعر رعد فاضل/ القصيدة القصيرة أنموذجاً.
اللقطة في سرديات جابر خليفة/ زيد النار أنموذجاً
تمثلات الرؤية وجدلها بين شعرية الغموض واليوميّ في شعر رعد فاضل.
شعرية العنونة في شعر أحمد جار الله