إعادة تجربة لم تنجح

جاسم مراد

مثلها مثل الكثير من التشكيلات الإدارية والسياسية التي لم تنجح ، يتم الان في مجلس النواب البحث عن صيغ لإعادة العمل بمجالس المحافظات التي رفضها الشعب ، وبما إن هذه التجربة تحولت من تنشيط العمل المؤسساتي لمصلحة المواطنين ، تحولت الى عوامل ضعف وابتزاز واختلافات وصراعات بين الأطراف السياسية ، وانعكس ذلك على الشارع بشكل سلبي. كان من المفترض أن تكون مهمات مجالس المحافظات ، قوة مضافة للمحافظات في توسيع وتقديم الخدمات وتحسين وتطوير البنى التحتية وجلب الاستثمار بالتعاون مع المحافظين ومركز إدارة الدولة وتحقيق نسب معقولة في تخفيض حجوم البطالة وفي معالجة أزمة الفقر وتطوير المدن وتحسين أداء الدوائر ومراقبة ومعالجة الخلل في تلك الدوائر ومحاربة المحسوبية في العمل والتوظيف على حساب الكفاءات الوطنية ونشر الوعي والوحدة بين فصائل ومكونات المجتمع ، هذه على الأقل احدى مهام مجالس المحافظات .. 

ولكن ما لذي حدث ويحدث ، لقد تحولت الكثير من هذه المجالس الى منافع شخصية لعضو المجلس ومنصة سهلة للشركات الوهمية التي كثيرا منها استلمت الأموال ولم تحقق مشاريعها وهربت الى خارج العراق وبعضها لم تحقق الكفاءة المطلوبة لتلك المشاريع ، وتحولت تلك المجالس أو بعضها الى قوة فائدة مضافة في الحصول على الأراضي وبعض المشاريع الشخصية وللأقارب والاصحاب واستخدام موارد الدولة للمصالح الشخصية ، بالإضافة الى الأموال العامة المهدورة على المنافع الشخصية ، كذلك صارت المجالس منصات للصراع مع المحافظين مما أدى الى إيقاف العديد من المشاريع .

لقد كشفت السنوات الماضية من تشكيل مجالس المحافظات ، من إن وجودها وتضخم حجومها كان لخدمة الأحزاب والكيانات السياسية وليس في خدمة المجتمع ، وإنها شكلت تعدد تشكيلات القطبية  في المحافظات بين الكيانات السياسية ولمصلحة الافراد والجماعات ، مما جعلها محدودة التأثير في الواقع الاقتصادي والاجتماعي وحتى السياسي ، وان الانتخابات والفوز ليست هي المعيار الحقيقي وإنما المعيار هو هـواجس الناس ومواقفها اتجاه تلك المحافظات.

ومما يثير التساؤل والشك هو العودة بمجالس المحافظات بنفس تركيبة الحجوم السابقة ، وهذا ما يجعل النفور الشعبي منها يتفاعل ، لذلك من المفترض من مجلس النواب إذا كان لابد من عودة المجالس أن يتم تقليص حجومها في كل محافظة وجعلها أداة خدمة للمجتمع ، وإلغاء امتيازات المدراء العامون لا عضاء المجالس وتحديد الرواتب وعودة عضو مجلس المحافظة الى حيث ما كان قبل فوزه بانتخابات المجالس حتى لا تشرع عملية الاسترخاء على موائد الدولة دون خدمة وعمل يذكر ، مثلما حال مجلس النواب..