الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
سلطة الإختلاف

بواسطة azzaman

سلطة الإختلاف
جاسم مراد
باتت قاعدة الاختلاف‮ ‬،‮ ‬مكونات أو نصفها‮ ‬،‮ ‬أو كتلوية بروحية‮  ‬الابعاد لقوى شريكة‮ ‬،‮ ‬هذه المعادلة ليس بمقدورها تخطي‮ ‬المكونية‮  ‬الى سلطة وطنية‮ ‬،‮ ‬فإذا كان الامر كما‮ ‬يطرحه الثلاثي‮ ‬سلطة وطنية‮ ‬،‮ ‬فأن الاغلبية الشعبية تريد تخطي‮ ‬مرحلة التركيبات السياسية المبنية على المذهبية والعرقية‮ ‬،‮ ‬ولكن رغم العناد فأن المطروح‮  ‬لا‮ ‬يتخطى جهوية الفكرة للسلطة المكوناتية‮ ‬،‮ ‬ولم‮ ‬يقترب من سلطة وطنية عابرة لها‮ .‬
الكل‮ ‬يعرف‮ ‬،‮ ‬وبعض الكل لا‮ ‬يريد أن‮ ‬يعرف‮ ‬،‮ ‬من إن ما من انتخابات عراقية جرت إلا وكان للخارج طرفاً‮ ‬فيها‮ ‬،‮ ‬أو أطراف تريد التلاعب بمخرجاتها أو التأثير في‮ ‬بعض أطرافها‮ ‬،‮ ‬ومن‮ ‬يزعم بأن الانتخابات الأخيرة كانت انظف من‮ ‬غيرها فهو بالتأكيد واهم‮ ‬،‮ ‬المطلوب من المتدخلين ان‮ ‬يبقى العراق‮ ‬يغوص في‮ ‬ازماته المركبة‮ ‬،‮ ‬وكل ما جرى ويجري‮ ‬الان هو انعكاس لأمرين أولهما شروط التدخلات الخارجية وثانيهما الرغبة في‮ ‬الاستئثار بالسلطة‮ ‬،‮ ‬ومثل هذا التوجه لا‮ ‬يمكن بأي‮ ‬حال من الأحوال أن‮ ‬يحقق مفاعيل السلطة الوطنية‮ .‬
المعروف لكل الدول التي‮ ‬خاضت مثل هذه التجربة‮ ‬،‮ ‬أن تطرح القوى الفائزة بالانتخابات برنامج السلطة الوطنية السياسي‮ ‬والاقتصادي‮ ‬والثقافي‮ ‬وعلى وفق ذلك تصبح المشاركة مفتوحة لكل من‮ ‬يؤمن بإنتاج حكومة وطنية مدنية داخل هذه الأطراف أو من خارجها الوطني‮ ‬،‮ ‬ونقصد بذلك الشخصيات العراقية المعروفة بولائها للوطن ووحدة الأراضي‮ .‬
ولكن اصبح الاختلاف وما سببه من انسداد‮ ‬،‮ ‬هو السلطة وليس الوطن‮ ‬،‮ ‬فالسلطة عامل مهم مغري‮ ‬لكل الأطراف التي‮ ‬اشتركت فيها منذ تأسيس الدستور الإشكالية عام‮ ‬2005‮ ‬وحتى الانتخابات الأخيرة‮ ‬،‮ ‬لذلك ترسخت عقليات الاستحواذ والسيطرة والرفض‮ ‬،‮ ‬والرفض المقابل بمجمل العملية السياسية العراقية التي‮ ‬نتج عنها عدم الثقة‮ ‬،‮ ‬وهو أحد ابرز عوامل الصراع‮ ‬،‮ ‬وعدم الثقة بين شركاء السلطة افرز‮  ‬انعدام تحقيق مطالب الجماهير في‮ ‬العدالة الاجتماعية والبناء‮ ‬،‮ ‬وامتد الى حالة إفشال أي‮ ‬فكرة بناءة‮ ‬،‮ ‬وتخريب البناء الاقتصادي‮ ‬الذي‮ ‬تحقق عبر سنوات النظام السابق وما قبله‮ ‬،‮ ‬ولم‮ ‬يأتي‮ ‬النظام الجديد بأي‮ ‬معطى‮ ‬يمكن أن‮ ‬يكون مذكوراً‮ ‬في‮ ‬العقلية الوطنية الشعبية العامة‮ .‬
وليس هناك أحد بإمكانه أن‮ ‬يدعي‮ ‬من أنه ليس شريكا في‮ ‬السلطات السابقة‮ ‬،‮ ‬فالكل مشارك‮ ‬،‮ ‬والكل‮ ‬يتحمل مسؤولية تداعيات الوضع العراقي‮ ‬في‮ ‬مختلف الجوانب‮ ‬،‮ ‬حتى تلك التي‮ ‬انسحبت على الحالة المجتمعية العراقية في‮ ‬السلوك وفي‮ ‬تخريب البناء العائلي‮ ‬الذي‮ ‬وصل فيه الطلاق الى حوالي‮ ‬5000‮ ‬عملية تطليق شهرياً‮ ‬حسب ما تعلنه المراجع القضائية‮ ‬،‮ ‬وأهم الأسباب تراجع الحالة المعيشية والاقتصادية لعموم المجتمع‮ ‬،‮ ‬فيما تبرز طبقات جديدة تستحوذ على المال العام بشكل‮ ‬غير شرعي‮ ‬وهي‮ ‬طبقات‮ ‬غير منتجة وغير متعوبة الجهد‮ ‬،‮ ‬هي‮ ‬نتاج لتفريخات الأحزاب والكيانات السياسية‮ ‬،‮ ‬لذلك اصبح الحصول على المال العام بكل الطرق اللاشرعية مسألة فيها وجهة نظر للأطراف الحاكمة‮ . ‬
إن الاختلاف على تسيد السلطة‮ ‬،لابد من إيجاد له من مخرج‮ ‬،‮ ‬لكي‮ ‬لا‮ ‬يتحول حتى إذا نجح طرفا في‮ ‬ذلك الى عوامل مضافة الى اضعاف الدولة فوق ضعفها عبر دخول حالة الصراع الى مؤسساتها أو على اقل تقدير تعطيل حركتها الإنتاجية والخدمية‮ ‬،‮ ‬وبغير ذلك فأن التراشق سيمتد الى النفي‮ ‬والنفي‮ ‬الاخر‮ ‬،‮ ‬مادام الامر‮ ‬يتعلق بحساسية الاختلاف على مسائل مثل ممن‮ ‬يكون رئيس الجمهورية‮ ‬،‮ ‬و نختار من الطرف الاخر بعض الأسماء ولا نقبل بالبعض الاخر‮ ‬،‮ ‬في‮ ‬حين إذا كانت الرغبة الحقيقية بسلطة وطنية‮ ‬يجب طرح برنامجها وخطة عملها متجاوزة السنوات التي‮ ‬مضت ومن‮ ‬يقبل به‮ ‬يكون شريكا في‮ ‬بناء الوطن‮ ‬،‮ ‬غير ذلك فهي‮ ‬عادت للمكوناتية بلباس جديد‮ .‬

 


مشاهدات 368
أضيف 2022/05/20 - 10:45 PM
آخر تحديث 2024/07/19 - 4:19 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 126 الشهر 8115 الكلي 9370187
الوقت الآن
الجمعة 2024/7/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير