لحظة إنتظار
مجدى متولي إبراهيم
دفعت الباب بقوة.. توسطت الحجرة وفي يدها رزمة من الأكياس النايلون، وسكيناً، وساطًوراً، وقطعة مستديرة من الخشب ربما لتقطيع الأشياء المتعثرة.
نظر إليها مرتعداً. التقت العينان وكأنهما لأول وهلة يلتقيان.. هزت رأسها وقالت بنبرة ساخرة جامدة:
ــ سأمنحك الوقت لأنك لا تقوى كثيراً، قد مللت الحياة معك. سئمت كلامك واعتذارك المتكرر، أتدري.. وجودي هنا على السرير.. وحدي ارتجف، أحدق في الجدران والأثاث والليالي الحالكة تمر وكأنها دهر.
تحدثت وعيناها لم تذرف الدموع إنما كانت يدها تقبض على الساطور بقوة، وضع يده جانباً وألقى بكوب الشاي بعد أن رشف آخر ما تبقى منه وبلع ما تعلق بجوفه من رمق.. اِنبثق ماضٍ بعيد يصفر في أذنيه وكرت السنون سراعاً إلية ابتسم ابتسامة ساخرة، وانزلقت من عينيه دمعة ساخنة كالقار.. كان ممدداً على السرير، وحين نظر إليها، وجد قامتها طويلة تكاد تلامس سقف الحجرة، راح يرمقها وهي تنظر إليه وإلى لحظة الانتظار.
نظر إلى الأبواب والنوافذ قد أحكمت إغلاقها، حين انتهى من تأملاته، وجدها تمد يدها، وكفيها تقطران دما.. نهض واقفاً، انطلق نحو الباب، توقف برهة دون شعور كانت تسرع نحوه، تمدد أرضاً واسترخى بكله.
احتوته الأرض، لم يدر كم استغرق من الدهشة، لكن يداه كانت ترفض وكل حواسه تأبى أن يموت.