الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ثقافة الإسترخاء والحلول الجاهزة مغذّيات للإهمال والإنتظارات السائبة

بواسطة azzaman

في رؤية نقدية للواقع العربي التاريخي والمعاصر 

ثقافة الإسترخاء والحلول الجاهزة مغذّيات للإهمال والإنتظارات السائبة

عادل سعد  

 

يظل الاكاديمي اللبناني جميل قاسم  باحثا ًمختصاً في تفكيك الاشكاليات المعرفية  ، وبقدر تمرسه في هذا الميدان فأنه حافظ على تقديم ذلك بلغة سلسلة تستطيع ان تلبي حاجات الباحثين ،او القراء المتعطشين الى المزيد من الحقائق والمسلمات  . هو  على دراية واضحة بالتدابير التي تتطلبها البحوث  ،ولا يترفع عن التقصي واثارة المزيد من الاسئلة لمقاضاة ما يمكن ان اصطلح  الركود الذهني .تعارفنا في بيروت قبل عدة اشهر خلال مهرجان للتسوق تم تنظيمه على قارعة شارع الحمرا  ،وكانت الكتب احدى عروض ذلك السوق .

حوار موسع

لقد دار بيننا حوار موسع عن العديد  من قضايا الساعة ، لم يخل الحوار  من المرارة عن الانحدار الذي اصاب الفكر القومي في انتظامه  بمجاورة مؤلمة للركود  .

من مؤلفات الدكتور جميل قاسم  (العرب وما بعد الحداثة ، نقد الفكر السياسي) .

يتضمن الكتاب ثمانية وعشرين عنواناً كلها تتخذ من الواقع العربي ميداناً للبحث  ضمن عناوين فرعية متعددة ، لكنها جميعاً تصب في العنوان المركزي  للكتاب .

من الطوبى الى الكينونة ، الحداثة ، العولمة ، العلم  ،التنمية ، التغيير ، العلمانية المختلف والمؤتلف  ، نقد الليبريالية الجديدة ، النظام العالمي الوحيد ، الكوس او اشاعة الفوضى ، حق التدخل الباطل ، العراق والعرب وامريكا ،مسادا الجديدة ،ما بعد حزيران ، نقد الذات العربية ،العرب وبداية التاريخ ،القومية مقاربة وجودية ،منطق العروبة وجدل النهايات ،بين المقاومة والارهاب  ،شرق اوسطية ام وسطية عربية ،النظام اللبناني الجديد ،جدلية الوحدة والحرية ،نحو كونفدرالية عربية ،في المسألة الطائفية ،المراءة من منظور مختلف ،حاكمية الكافة ،حقوق الانسان العربية والكونية ،في ما يتعدى التاريخوية ،الامة والدور والقائد .

يتساءل قاسم ،هل ثمة امكانة لنهضة عربية مضارعة للنهضة الغربية أنه (  السؤال الذي يحفزنا الى نقد الفكر العربي الكلاسيكي والحديث والمعاصر على محاولة اعادة القراءة واعادة كتابته وفق منهجية تفكيكية تركيبية بحثا عن الجوانب الدلالية والشمولية في الفكر التراثي وتنقيباً عن العناصر النقدية الوجودية … اي الفكر الدهري  الايجابي الذي ينطلق من واقع الوجود وليس من الماهيات والمثل واليوطوبيات الفكرية المتخارجة والمتعالية على الزمان والتاريخ والطبيعة والعالم)  .

 ويرى قاسم ايضا (من هنا ينبع اختيارنا النهضوي والاصلاحي والحداثوي في اعادة التراسل مع التراث ،والتواصل مع الحداثة ،واذا كان التواصل مع الجديد يقوم على أغتراف كل ما من شأنه ان ينقلنا من التخلف الى الحداثة ،فأن التواصل مع القديم ،مع التراث) ينبغي ان يكون من منطلق ان الاصالة  لا تعني الاصولية،وانما جدلية التعاصر والتثاقف . بين المسارين على قاعدة النقد المتعدد ،نقد التراث ونقد الفكر العربي ونقد الفكرالعالمي ،وبخلاصة مضافة الدكتور جميل قاسم يطالب بعدم اخذ ما امامنا على انه مسلمات لا غبار عليها  ، وإنما اخذه  من منطلق الرؤية التحليلية  . ويتوقف الدكتور جميل قاسم عند موضوعة العرب والتنمية ،محذرا من  المشروع الشرق اوسطي فهو بالاساس صياغة امريكية اسرائيلية غايته تحويل اسرائيل الى مركز في المنطقة  ويكون العالم العربي محيطه مؤكدا ان الوطن العربي لاتنقصه الامكانات الاقتصادية اللوجستية والخبرات البشرية  في صياغة تنمية تكاملية تقوم على محورين متعاشقين التنمية الاقتصادية  ، والتنمية البشرية المستدامة  لكن المشكلة تكمن في طبيعة المسارات  المتضاربة للانظمة السياسية العربية القائمة على شق وحدة الموقف العربي ازاء ما يجري اقليمياً  ودولياً  الوضع الذي تسبب بالمزيد من الضياعات التنموية ، من هنا لا فرصة امام العرب ،أنظمة سياسة  ومواقف قومية الا بالاعتماد على الفضاء العربي في الانطلاق بالتنمية من محتوى الحاجات الذاتية دون ان تسقط من الاعتبار متطلبات الدمج والافادة من التقانة الحديثة . وتوقف الباحث عند نظرية الكاوس (إشاعة الفوضى) مشيراً الى ما اعتمدته الادارات الامريكية المتعاقبة في تطبيق هذه النظرية لتنفيذ أهدافها الاقتصادية الامبريالية وتوظيف التدفق المعلوماتي التي تمتلكه في نشر النزاعات وإخضاع المزيد من الدول للمراقبة وتمرير العديد من أهدافها على مدار الكرة الأرضية  ،والأرجح أن سياسة إدارة الكاوس لا تتخذ مناح عسكرية مباشرة بل قد تأخذ اشكالاً من التدخل السياسي والاقتصادي المباشر ، وغير المباشر وفي اطار الزعم بنشر القيم الديمقراطية .الباحث الدكتور جميل قاسم اشار الى انه لا يوجد وقت كاف لدى العرب لممارسة المزيد من ثقافة الاسترخاء وانتظار المجهول ومن هنا اقترح الصيغة لتضامن عربي يقوم على كونفدرالية تضع على طاولة العمل وحدة الموقف الإقليمي العربي في وضع حد للتشرذم والتجزئة والصراعات الجانبية مقابل ذلك تطوير مجلس الجامعة العربية نحو صيغة اتحادية مؤسساتية تتبلور فيها الإرادات العربية الشعبية على أرض الممارسات الحية ،وعن موضوع تحرير المرأة يرى الباحث قاسم( أن مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة يجعل من القوامة مسألة تكافلية تكافؤية (بعض أولياء بعض) فتكون القوامة والحال هذه بالدرجة والمرتبة والمكانة الحقوقية التفاضلية ولا تعود القوامة الذكورية للرجل على المرأة جوهرية واساسية وبهذا يبطل فعليا التمايز الجندري بين الرجل و المرأة ) .

ويرى ايضا ان ازمة القيمة والدلالة والمعنى تلقي بظلالها على مصطلحات سياسية كل ، الديمقراطية، القومية، والانسانية، الامر الذي يستدعي تےقليب اوجه هذه المفاهيم من اجل انتاج وابداع دلالة وقيمة لهذه المصطلحات بما يخدم قضايا التطور القومي  .

نهاية نظام

ويرى قاسم ان  احتلال العراق اسفر عن نهاية النظام الاستبدادي الشرقي الابوي الذكوري  ،الدكتاتوري  ،ولكن استبدل الاستبداد بالاستعمار، والجبر بالقهر ، والسلطة بالتسلط ، والنهب بالسلب ،والدكتاتور بالامبراطور ، لذلك لايكفي ان يسقط طاغية ليحل محله طاغية اعتى  بل لابد من سقوط الطاغوت والطغيان  .وازاء ذلك كله يرسم الدكتور مصطفى قاسم خريطة  طريق للواقع العربي يقوم على تضافر الثروة والثورة ، والعقل والعلم  ،والسياسة والمصلحة  ،وعلى بنى تحتية موحدة ومشاريع اقتصادية موحدة ،كل هذا على أرضية فتح المجالات الجيو سياسية والغاء الحواجز. بخلاصة استنتاجية ، ان كتاب جميل قاسم (العرب ومابعد الحداثة ) وثيقة تحليلية على درجة عالية من الامانة الموضوعية التي تستحق التبصر لها.


مشاهدات 1101
أضيف 2022/11/23 - 7:14 PM
آخر تحديث 2024/11/19 - 4:01 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 12 الشهر 9483 الكلي 10052627
الوقت الآن
السبت 2024/11/23 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير