البزّاز.. الصديق والأستاذ والإنسان
باسم الشيخ
كنا بدأنا مسيرتنا بعده. فهو سبقنا باشواط بالمهنة لأكثر من عقد من السنوات، فتجاوز أقرانه وبز مجايليه، وطبع على طريق صاحبة الجلالة أثارا لا تمحوها رياح البغضاء التي يثيرها اعداء النجاح حسدا وغيرة، فأرتأى ان يصم أذنيه عن فحيح الناقمين ويمضي مسكونا بفكرة التفرد والنجاح وكان له ذلك باستحقاق.
لم ألتقه كثيرا لكنه صديقي وقت ينفض عنك الصحب ساعة شدة او كرب، ولم يجمعني به درس لكنه أستاذي في استحضار التجربة ولم أعمل معه بمؤسسة واحدة الا انه ذاك الزميل الرائع الذي يشعرني اننا في هذه المهنة على قدر واحد من المحبة، ولكثرما قدمني في غيابي للاخرين بنكهة وفاء ممزوجة بمحبة لا يتقنها الا ذو نفس كبيرة، راقية، عذبة وصادقة مثله.
حتى إذا باعدتنا الظروف وجمعت بيننا الاحداث او الصدف فتح ذراعيه مناديا لي.. أيها الفارس.. ليصطبغ وجهي خجلا وامتنانا أمام هذا النبيل الكبير، فأشعر انني أقف عند سفح طود شامخ.
مبدع ومتألق وناجح ومتميز.. صفات خطتها ريشة انسانيته قبل مو هبته، فلم يأخذه التفرد الى شواطئ الخيلاء والكبر، بل زانه تواضعا وقربه كثيرا من هموم الاخرين، فصار يبتكر طرقا ناعمة لا تجرح كبرياء احد او تحط من آدميته ليساعد بها المبدعين ممن تحاصرهم الفاقة أو يجور عليهم العوز أو يدهمهم العمر بنابيه الهرم والمرض، فيفرج كربة محتاج ويوسع على من دهمه ضيق، ويبلسم جراحات من يلم به طارق غادر، دونما أي منة أو رياء.
لم تقف أنسانيته عند أسعاف أهل الإبداع والادب، فهمته العالية تأبى أن تحدها نزعة الإنتماء الاحادي لتمتد الى عامة الناس تهيل عليهم الفرح من دون سابق إنذار، فتارة يرفع عمد بيت هوى على عائلة أضر بها الزمن فيعيد البهجة اليه، وتارة أخرى يغيث حرة عراقية استجارت به فلبى نداءها قبل ان تكفكف دموعها وثالثة يداري لهفة أب مفجوع برزقه فيسبب له الأسباب ويهيئ له (سبوبة) رزق حلال فيكسب فيه أجرين.. غياث ملهوف ودعوة لاترد.أضاف سعد البزاز للاعلام ما لا ينحصر بأمبراطوريته الإعلامية الباذخة التميز، بل منح الاعلام وظيفة انسانية مواكبة لمساق المسؤولية الاجتماعية التي نفتقدها في إعلامنا المؤدلج سرا وعلنا. فاخرج الاعلام الى مساحات بكر لم يطأها قبله أحد، فأحيا بذلك جدب الأرض اليباب.
هذا هو البزاز.. الصديق والأستاذ والإنسان، أفخر أنني أعرفه وقريب من نفسي ولست نادما لأنني خضت وسأخوض من أجله معارك شرسة ضد الحاسدين والحاقدين كلما حاولوا الإساءة اليه، وأعد ذلك برا به وبصداقته وبجميل خلقه وصنيعه وأكراما ليده البيضاء على الناس، فمثله يستحق منا حفظ صداقته وصون مكانته عرفانا وامتنانا ومحبة كبيرة بحجم قلبه وعطائه.