المسؤولية الجنائية لنشر الأخبار الكاذبة والشائعات
اريج خليل
رغم ان الدستور العراقي لسنة 2005المادة 38، قد كفل حرية التعبير عن الراي بكافة الوسائل وحرية الصحافة والاعلام والطباعة ، الا ان ذلــــك مقيد بالحماية القانونية وبعدم الاخلال بالنظام العام والأداب ، خاصة ونحن نشهد وسائل جديدة للتعبير عن الراي اكثر تأثيرا من الوسائل التــــقليدية .
اصبحت وسائل التواصل الاجتماعي بيئة خصبة لنشر الاخبار والشائعات المجهولة المصدر ، وهذا امر بات من سمات هذه الوسائل كونها وسائل لا تخضع لرقابة مركزية ، الا ان الموضوع تزداد خطورته عندما يكون نشر الشائعات والاكاذيب في ظروف حرجة ، تكون عندها وسيلة لأستنزاف طاقة المواطن والدولة ، وما يثار من اخبار كاذبة وشائعات عن فيروس كورونا ، جعل الحكومة امام معركة اشد فتكاً من المرض ذاته ، استنزاف طاقتها في تكذيب ومواجهة الشائعات والاخبار المشكوك بصحتها وعدم الاعتماد على المصادر الرسمية للمعلومة ، بالشكل الذي آثر على أمن وسلامة المجتمع واثار الهلع بين المواطنين .
ويرافق الشائعات الصحية نوع اخر الشائعات الاقتصادية واخبار تخفيض الرواتب او عدم صرفها للأشهر القادمة واخبار غلاء الاسعار والتي تناقلتها مواقع كثيرة وكانت من ابرز الأشاعات الأجتماعية ، والتي لها دور في ارباك المواطن وقلقه من المجهول وادخله في نوع اخر من القلق لا يقل خطورة من قلق تفشي الوباء ، دون اكتراث بالدقة في نشر المعلومة وخاصة بالنسبة لأولئك الذين ينشرون اخبار كورونا فايروس ويربطوها بنظرية المؤامرة ، متناسين ان الأخبار الكاذبة والمعلومات الخاطئة والنصائح غير السليمة على وسائل التواصل الاجتماعي يجعل انتشار المرض اسرع واسوء ، كون المعلومات المغلوطة سريعة الانتشار من الممكن ان تغير من سلوك الأفراد وتجعلهم اكثر عرضة لخطر الأصابة بالوباء .
منظمة الصحة العالمية ادركت خطورة الشائعات الصحية ، فحاولت السيطرة على الأمر بتحديد موقع تابع لها يتم فيه تحديد اجمالي الأصابات في كل دول العالم منعا للشائعات ، وسارعت العديد من الدول الى تــــذكير مواطنيها بالمسائلة القانونية ، عن نشر الاخبار الكاذبة واستـــــغلال الوضع الصحي لبث رسائل مغرضة وخلط الحقائق وتفعــــيل الملاحقة القانونية لكل من ينشر الاخبار الكاذبة ، قاصدا بث الهلع والرعب وتشويه الحقائق .
قانون العقوبات العراقي عاقب مروجي الشائعات والاخبار الــــكاذبــــة في المادة 210منه ، ونصت “يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن 200001 مائتان وواحد الف دينار ولا تزيد عن 1000000 مليون دينار او بأحدى هاتين العقوبتين من اذاع عمدا اخبارا كاذبة او بيانات او اشاعات كاذبة ومغرضة او بث دعايات مثيرة اذا كان من شأن ذلك تكدير الأمن العام او القاء الرعب بين الناس او الحاق الضرر بالمصلحة العامة” ، كما جاء بالمادة 211″يعاقب بالحبس وبالغرامة او باحدى هاتين العقوبتين من نشر بأحدى طرق العلانية اخبارا كاذبة واوراقا مصطنعة او منسوبة كذبا الى الغير اذا كان من شأن ذلك تكدير الامن العام او الاضرار بالمصالح العامة” ، كما حددت المادة 19/ 3 / ج من بين طرق العلانية الصحافة والمطبوعات الاخرى واي وسيلة اخرى من وسائل الطبع والنشر ، فجاءت بمفهوم واسع لمصطلح العلانية ليشمل كل ما يستجد من وسائل حديثة للنشر ما دام تؤدي الغــــرض وهو تحقيق العلانية ، وان النــــصين الســــابقين للمـــادتين 210 و211 من قانون العقـــوبات العراقي قد حددا المـــــسؤولية الجـــــنائية لكل من ينشر الاخبار الكاذبة والاشاعات او يساهم في ذلك بقصد زعزعة الامن العام واثارة الرعب بين الناس ، ويكون متحملا للمسؤولية الجنائية عن ما يترتب على ذلك خاصة .
البلد يمر في ظرف صحي حرج يجعل الناس يتشبثون بأي معلومة مما يتسبب في حالة من الذعر والهلع الجماعي ، ووسائل التواصل الاجتماعي اصبحت البيئة الاكثر ملائمة لهذه الشائعات التي اثرت سلبا في حياة الأفراد ، لذا على المؤسسة القضائية ووزارة الداخلية وكافة الجهات ذات العلاقة كشبكة الاعلام العراقي ووزارة الثقافة ، القيام بدورها عن طريق اعلامها وتحذير المواطنين من المشاركة في نشر الاخبار مجهولة المصدر ، باعتباره أمراً في غاية الخطورة وفعل تعرض مرتكبها للملاحقة القانونية .